Culture Magazine Thursday  09/04/2009 G Issue 278
فضاءات
الخميس 13 ,ربيع الثاني 1430   العدد  278
حطي كلمن
الإشكاليون!
خلود عبدالله العيدان

 

حكايته فتحت شهيتي لتحليل (نفسية) كُتّابنا المعاصرين؛ فربما يوماً ما نقرأ سيكولوجية المحيميد من وحي حمام لا يطير وبعض عصفورية القصيبي وكثير من عدامة الحمد!، لا أريد أن نقرأها بتسقّط زلات أقلامهم فهي توحي لي بأن التحليل تحول إلى شيء آخر لا أعرف ماذا أسميه! أعود لحديثي عن صاحب السيرة الشهية فهو وريث ثري متفرغ للأدب، نمساوي من أصل يهودي، عاش حربين عالميتين! تخصص في الفلسفة وأبحر في كتابة السير و(ربما أكثر) من مجرد إبحار؛ تعمق في تحليل الكُتّاب وربما خص الكُتّاب (غير المستقرين نفسياً) باهتمام مختلف عن البقية، لم يكن ديكنز وبلزاك وهولدرلين ولا جريمة فيودور دوستويفسكي وعقابه ولعبة الحب والموت لرولان ولا حتى نيتشه وكازانوفا وغيرهم ممن أشبعهم تحليلاً هم من جعله يتجه نحو التوسع في الكتابة عن سيكولوجية الإشكاليين من الكُتّاب. ولعل السبب تساؤلات تبحث عن إجابات بعيدة ربما هي أيضاً ما جعلت نقطة النهاية في حكايته انتحاراً مع زوجته الشابة لوتي!

صنف ستيفان زفايغ من أهم كُتّاب القرن العشرين،لم يستقر في أرض واحدة بل تلاقفته المدن واحدة تلو الأخرى؛ بحثاً عن خلاص، بحثاً عن إجابة! لا يُعرف حتى الآن سبب انتحاره وإن كان التفسير الأكثر قرباً للحقيقة هو تزامن انتحاره مع الحرب العالمية الثانية فقيل: (مات لكي لا يرى أوروبا تموت).

كان (المعركة مع الشيطان) كتابه الإجابة ليس لتساؤلاته بل ربما لتساؤلات قرائه عنه، فهل كان كاتبا إشكاليا أيضاً!. كتب شوقي نجم في النهار اللبنانية أن زفايغ اتخذ ثلاثة كتّاب هم كلايست وهولدرلن ونيتشه كمثال على المعركة مع الشيطان، فهؤلاء كانوا مسكونين بهوس داخلي، أو بقوة تدميرية هي التي يدعوها بالشيطان. ولم يكونوا يستطيعون فكاكا من هذا الوسواس الذي أقضّ مضجعهم، فجنّوا أو انتحروا. قال زفايغ عنهم: لم تكن لهم علاقة بزمنهم، ولم يفهمهم جيلهم، فمروا كالنيازك أو كالشهب. ولمعوا فترة قصيرة قبل أن يحترقوا في غياهب مهمتهم. في هذا الكتاب نحس بأن زفايغ (متورط) أكثر من السابق، لكأنه كتب عن نفسه أيضا وليس عنهم فقط. أو لنقل إنه كتب عن نفسه من خلالهم، وصفّى حساباته مع ذاته ووسواسه الداخلي الذي كان يلاحقه ويقض مضجعه.

ألم أقل إن سيرته فتحت شهيتي للتحليل، ربما لا أتقنه بل الأكيد أني لا أتقنه، ولكني أتطلع بشغف لقراءته.

تلميح:

كُرِّمت واحتقرت، ونعمت بالحرية وحُرمت منها، وتمتعت بالغنى وعانيت العوز (زفايغ)

* * *

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«8337» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض kimmortality@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة