Culture Magazine Thursday  09/07/2009 G Issue 291
أفق
الخميس 16 ,رجب 1430   العدد  291
مقاربة
فارس الهمزاني في (سيرة حزن):
القاص الهمزاني يلوح في مدخل مجموعته لتلك القامات
عبدالحفيظ الشمري

 

لسيرة الحزن بيننا وجه آخر، ومنعرجات جديدة، وتجليات حبلى بالمفاجآت غير السارة، هذا ما تشي فيه مجموعة القاص فارس الهمزاني الجديد التي وسمها بعنوان (سيرة حزن) تيمناً بهواجس العالم من حوله، حينما تصطبغ الحياة في هذا الوشاح الهائل من العتمة التي ألفناه كمتلقين لحكاية الحياة منذ الأزل.

القاص الهمزاني يلوح في مدخل مجموعته لتلك القامات الحزينة ففيهم المتوفى، والمريض، والمفقود وكأنه يريد أن يعطي للوحاته القصصية بعداً تجذيرياً، فكانت هذه الاضمامة المنتقاة من الحزنى هم المستهدفون في مثل هذه القصص التي تواردت في المجموعة على نحو الفاتحة قصة (مجانين حارتنا) حيث جاءت على هيئة لوحات أربع عرض فيها الكاتب جملة من المفارقات الغريبة في لغة سردية هادئة، حيث يسعى الكاتب الهمزاني إلى إظهار حقيقة المعاناة الإنسانية.

فقد عني القاص في جملة من هذه الظواهر التي تستحق الكتابة والتدوين، فكانت القصص تظهر على هيئة رصد دقيق لمعاناة الشخوص البسطاء الذين يثيرون في ذات الكاتب الكثير من اللواعج، بل نراه وقد تطوع من أجل سرد تفاصيل حياتهم على نحو بطل قصة (بكاء العصافير).

في هذه المجموعة للقاص فارس الهمزاني خط سردي واضح يتمثل في الاقتضاب، والقصر غير المخل حيث تراوح القصص بين مفهوم إنساني بسيط، وثقافة مؤثرة تزاوج بين القول والفعل، لتقديم صورة بانورامية مفيدة.

تتساوق قصص سيرة حزن على هيئة ضمير مفعم بالطموح، والرغبة في أن يتخلص جميع هؤلاء الأبطال في العمل من منغصاتهم، وآلامهم، وهمومهم التي تطوع الراوي في عرضها أمام القارئ بأسلوب شيق.

فالهمزان يدرك حقيقة أن هذه الأحداث لا تحتاج إلا لقليل من الهمس، بالفكرة، وتوجيه الانتباه في الإشارة من أجل أن يمسك القارئ بطرف هذه الحكاية أو تلك على نحو قصتي (عمشاء)، و(حائل).

فقد حاول الكاتب أن يوجد للقصص نفسا استدراكيا لا يخوض في التفاصيل الدقيقة إنما يحاول ما وسعته الحيلة أن يقدم ومضة متأنية تسترشد بالفكرة، وتنهل من معين لغة هادئة تحقق أهداف العمل.

الهمزاني لديه رغبة عارمة أن يدفع بأكبر عدد من الشخوص، ويضخ العديد من الأحداث لكن بطريقة موائمة لما يرسمه من أفق سردي فلا تطغى قصة على الأخرى، ولا تخرج أي فكرة عن منعرجاتها الحقيقية حينما تكون ذات بعد حكائي خالص.

لا تخرج القصص عن سبر أغوار حكاية الإنسان الموسومة بالحزن كنهج اختطه الكاتب، بل ووسم فيه عمله.. ذلك الكائن الذي تتفرق فيه السبل، ويتوه في المعاني المتفرقة والمتضادة، إلا أنه يجد من خلال نافذة القص فرصة أن يبوح بما لديه، لتظهر الخلفية الثقافية والاجتماعية لكل صاحب قضية جاء في هذه الإضمامة القصصية التي انتقاها الكاتب.

فتارة تجد البطل أو الشخصية الرئيسية مفعماً بالحكاية النبيلة، وأخرى تراه وقد تهالك وبات حزيناً، مفارق لا يقوى على البوح بما لديه، وفي مشاهد أخرى نرى الشخوص وقد كانت لديهم رباطة الجأش حيث سكنت الطمأنينة قلوبهم وأومأوا للقارئ بما يودون البوح به.

فالقاص الهمزاني شغوف بتفاصيل هؤلاء الأبطال الذين نزعم أنهم حقيقيون في ألمهم، واقعيون في حكاياتهم، مثاليون في تعاملهم مع المتلقي، فلا تجد في أي قصة من القصص أي خروج عن نمط مألوف الحكاية الإنسانية.. تلك التي تتسم بالإيجاز والإيماء غير المخل.

****

إيماءة:

سيرة حزن (قصص)

فارس الهمزاني

أدبي حائل - دار الانتشار - بيروت 2009م

تقع المجموعة في نحو (144صفحة) من القطع المتوسط


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة