Culture Magazine Thursday  11/06/2009 G Issue 287
فضاءات
الخميس 18 ,جمادى الثانية 1430   العدد  287
تحليل إشكاليات الخطاب الثقافي (2)
البرنامج السردي للموقف الكتابي
سهام القحطاني

 

في رواية (ترمي بشرر) لعبده خال

يتمثّل الموقف الكتابي من خلال برنامج سرد يحدد حسب غريماص وفق توزيع أولي للتركيبات السردية التي تقوم بتشكيل ملفوظات خاصة لتكوين حالة، كما يحدد أربع مراحل للبرنامج السردي يمر بها الموقف الكتابي وهي (التحريك، الأهلية، الانجاز، والجزاء).

والتحريك هو تفريغ ونقل العلاقة الذهنية من خلال أحداث، ولذا يعده غريماص اللحظة التي (تسبق ذهنياً الفعل الحدثي) - حدود التأويل، وحيد بن عزيز ص 212 - والتفريغ هو تحريك وتحول وانتقال.

إذن هناك ثلاثة مفاهيم تقف وراء إنتاج الموقف الكتابي، التفريغ والانتقال والتحوّل، والأول باعتبار مكون الموقف الكتابي التجربة والذاكرة واللا وعي، والثاني باعتبار نقل محتوى المكون من مستوى إلى مستوى، والثالث تحوّل العلاقة الذهنية ذات المستوى الخاص إلى علاقة سردية أو نسق من الافتراضات.

وهنا يجب أن نقف عند تحليل العلاقة بين المتصور الذهني الحامل للموقف الكتابي وبين المحيط المادي أو العلاقة السردية (قصة، قصيدة، رواية، نظرية، بحث) الذي يستقبل ذلك المتصور.

ويمكن تقسيم المتصور الذهني إلى قسمين، قسم تكويني وهو عبارة عن التجربة والذاكرة واللا وعي، وقسم تأليفي وهو المخطط الإجرائي الأولي للموقف الكتابي، وبذلك نجد أنفسنا أمام صورتين للموقف الكتابي الواحد، الصورة الأولى تمثّل المستوى الذهني والصورة الثانية تمثّل المستوى المادي، كما أن تلك الصورتين بدورهما تمارسان على الكاتب دور المرسل والمرسل إليه، مما يُنتج استقلال دلالي بين الصورتين؛ لأن الصورة الذهنية لا تتقيد بنظام إسنادي لكن عندما تتحول إلى صورة إجرائية فهي تخضع لنظام إسنادي يؤثّر على المقصد الدلالي الأولي شكل رقم(1).

مما يحقق للموقف الكتابي تناسباً سردياً وفق إستراتيجية التحوّل، وتناسب السردي هو حامل دلالي ينتجه التحول يوازن بين دلالة كل وحدة يتمثل من خلالها موقف كتابي، إذ إن التحول يُنفذ على مستوى ذهني إلى علاقة عبر ملفوظات وبنى سردية تتشكل من خلال (الوظيفة والفعل والحالة وموضوع القيمة وملفوظ الفعل وملفوظ الحالة) - السابق، 211- .

وذلك التشكل في ذاته ضماناً لثبوتية ضبط الدلالة خلال كل وحدة، بحيث يصبح لدينا تراتبية معينة تتحكم فيها آليات الضبط من خلال النمذجة والمفهوم المعاشي، وخلفية العلامة العبارية التي تتحرك وفق دلالات الموقف الكتابي. وتلك الآليات تتعاضد لتكوين الوحدة المؤسسة للموقف الكتابي وهو ما يحقق بدوره التناسب السردي لمحتوى التحول، لأن المستوى الذهني هو جامع للمتماثلات في حين أن التحول يلزم بعملية تقسيم تلك المتماثلات إلى صيغ تضاد وتماثل وهو ما يصنع العلاقة سردية أي مجموع من الدلالات والأنظمة ضمن استدلالات تنقل المجرد أو المحتوى التأملي إلى إجرائي أو محتوى خبري (معادل الفعل التعبيري)، وهو ما يعني تحول المستوى الذهني إلى مصدر مقابل أن تصبح العلاقة السردية مقصداً من خلال سياق خاص، ضمن مجموع من المعاني التي تحفظ للموقف الكتابي ضروريته أي مدى اقترانه بالشيء الثابت ومدى قدرته على تضمين تعليل يحقق درجة موضوعية اقترانه ضمن ارتباط الأفعال والميول والظروف التي تكون وحدة الموقف الكتابي.

وبذا فإن لكل موقف كتابي له ضرورته الخاصة التي تُنتج المعنى، والمعنى عند بول ريكور (تعقل صوري وتعقل مضموني خالص معا) - نظرية التأويل، ت سعيد الغانمي، ص 39-، ويقصد بالتعقل الصوري الهوية التي تتحكم في نسقية الحدث كتوزيع وترتيب لعلامات الانفعال والدلالات الناتجة سواء على مستوى الكيفية أو الفئوية أو نوع العلاقة أو نوع الفعل، والتحكم يعتبره وظيفة، والتعقل المضموني هو النظام الإسنادي للمنظومة اللغوية أو النظام الإجرائي للعلاقة السردية، وريكو يقرن بين وظيفة تحديد الهوية ووظيفة الإسناد لإنتاج المعنى.

وبذا يصبح المكون الكتابي في تأليفه عبارة عن وحدات، كل وحدة تحمل معنى، وكل معنى يحمل هوية كيفية أو فئوية أو نوعية علاقية أو فعلية، وكل هوية تحمل علاقة سردية، تعتمد على تحويل التعليلات المرتبطة بالوقائع إلى نوع من التمثيل من خلال الحدث الإجرائي.. الأشكال(2-3).

* * *

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7333» ثم أرسلها إلى الكود 82244

جدة

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة