Culture Magazine Monday  12/01/2009 G Issue 266
تشكيل
الأثنين 15 ,محرم 1430   العدد  266
من الحقيبة التشكيلية
فنان يبحث في أعماق الشكل ويختصر المسافة
نذير ياوز يجمع بين خبرات المخضرمين وجرأة الشباب

 

إعداد - محمد المنيف:

في ساحتنا التشكيلية تتعدد المشارب وتتنوع الاختيارات والميول، لكن الأمر يتوقف عند القدرات والإمكانات التي تمثلها الموهبة الصادقة الحقيقية والخبرات المتراكمة التي لا يمكن تحقيقها إلا بالبصر والبصيرة بالرؤية والثقافة، هذه القدرات قل أن نجدها في كثير من العطاءات التي تملأ الساحة ويتصف أصحابها بالفنانين، هناك من يرى بشكل مغلق لا يتعدى حدود قناعته بذاته فيركب موجة تصديقه للفعل الذي يقوم به وينعم بإشادة المقربين إليه من الأسرة والأصدقاء فيجدها راحلة ينطلق بها في فضاء الفن ليجد نفسه بدون بوصلة تدله على الطريق أو تعيده إلى موقعه، هذه الفئات أصبحت تشكل الإعداد الأكبر في الساحة في وقت يبقى فيه المبدعون الحقيقيون في بروجهم العاجية التي شكلوا منها شرنقة يمارسون فيها التأسي على الساحة والعتب على ما يحدث فيها علما أن في تواجدهم وحضورهم ومنافستهم ما يعيد للساحة واقعها وحيويتها ونشاطها المؤمل فيها.

ومع ذلك لن نكون متشائمين حينما نعلم أن هذه الساحة تضم بين جوانحها مبدعين يشكلون حلقة الوصل بين أجيالها السابقة واللاحقة يسعدنا أن نستعرض أحدهم في هذه الحقيبة ضيفاً رائعاً بكل ما تعنيه الكلمة إبداعاً وتعاملاً مع الآخرين الفنان (نذير ياوز) الآتي من روحانية مكة فنان مخضرم يجمع خبرات الرواد ويتعال مع إبداعه بجرأة الشباب.

في ساحتنا التشكيلية تتعدد المشارب وتتنوع الاختيارات والميول، لكن الأمر يتوقف عند القدرات والإمكانات التي تمثلها الموهبة الصادقة الحقيقية والخبرات المتراكمة التي لا يمكن تحقيقها إلا بالبصر والبصيرة بالرؤية والثقافة، هذه القدرات قل أن نجدها في كثير من العطاءات التي تملأ الساحة ويتصف أصحابها بالفنانين، هناك من يرى بشكل مغلق لا يتعدى حدود قناعته بذاته فيركب موجة تصديقه للفعل الذي يقوم به وينعم بإشادة المقربين إليه من الأسرة والأصدقاء فيجدها راحلة ينطلق بها في فضاء الفن ليجد نفسه بدون بوصلة تدله على الطريق أو تعيده إلى موقعه، هذه الفئات أصبحت تشكل الإعداد الأكبر في الساحة في وقت يبقى فيه المبدعون الحقيقيون في بروجهم العاجية التي شكلوا منها شرنقة يمارسون فيها التأسي على الساحة والعتب على ما يحدث فيها علما أن في تواجدهم وحضورهم ومنافستهم ما يعيد للساحة واقعها وحيويتها ونشاطها المؤمل فيها.

ومع ذلك لن نكون متشائمين حينما نعلم أن هذه الساحة تضم بين جوانحها مبدعين يشكلون حلقة الوصل بين أجيالها السابقة واللاحقة يسعدنا أن نستعرض أحدهم في هذه الحقيبة ضيفاً رائعاً بكل ما تعنيه الكلمة إبداعاً وتعاملاً مع الآخرين الفنان (نذير ياوز) الآتي من روحانية مكة فنان مخضرم يجمع خبرات الرواد ويتعال مع إبداعه بجرأة الشباب.

الشكل محور الفكرة

يحتاج أي مشاهد لأعمال الفنان نذير ياوز إلى ثقافة مشبعة بالمدارس الفنية إضافة إلى أن يكون قادرا على التعامل مع الإيحاء وتأويله بمنحى جمالي يمكنه من التعامل مع رموز اللوحة وإشاراتها التي يتعامل معها الفنان كلغة مبسطة رغم ما يشعر به المشاهد من سهولة التكوين وبساطة العناصر دون علم أنها تخفي ما يظهره العمل الفني المعتاد، ففي ما يبدعه الفنان نذير مزيج بين التوتر والهدوء بين الحركة والسكون يدفعنا للتأمل أكثر من الانسياق خلف جماليات اللون وبهرجته أو التلاعب بالخط والكتلة من أجل ملء المشهد، يطرح في مخيلتنا الكثير من الأسئلة يثير في المشاهد مشاعر مستترة لا يعرف كيف يوقف اندفاع الدهشة فيها بقدر ما يجد نفسه معلنا الإعجاب.

مضامين وعمق فلسفي

لا تخلو أعمال الفنان نذير من بعد فلسفي تجاه الواقع وكيفية نقله إلى اللوحة التي تشكل صفحة للكتابة أكثر منها مساحة للرسم يجمع فيها مضامينه الفكرية ويلامس هموما اجتماعية لكنه يعيدنا إلى عالمنا الجميل، رغم تمرده على الشكل المعتاد من سبل التعبير المباشر. مستحضراً واقعه الوجداني ومستعيداً المشاهد من العقل الباطني يمارس لعبة الخيال دون انعزال عن الواقع يبحث في ثنايا إبداعه عن عالم جديد يسعى من خلاله لاستعادة مثالية مفقودة.

وصل الفنان نذير ياوز بأعماله إلى توليفة متميزة بين الرمزية والتجريدية وبين المشاهد الواقعية يراها البعض ضربا من السريالية والبعض الآخر يعيدها إلى الإيحاء التعبيري المطلق بمرجعيته (الحدس واللاوعي) مع ما تبع ذلك من تصنيفات وصفات وإرجاع تلك المظاهر الخطية واللونية إلى أسماء وتجارب سابقة إلا أنها تبقى حاملة روح ونكهة هذا الفنان المتألق.

اختزال اللون

وديناميكية الحركة

استطاع الفنان نذير أن يطلق لفرشاته العنان في تشكيل اللوحة مستسلما للحظة الإبداع والتفاعل دون توقف مشكلا بهذا الإيقاع الديناميكي الكهرومغناطيسي ما يشبه الأمواج ألف منها رقصات لونية وخطية، شفافة تعبر عن مشاعر الفرح وكأنها سيمفونية بتوزيع راق، أكد فيها الحداثة والمعاصرة وحرر الخط من قيود الكتلة والعكس أيضا.

يستلهم عناصره وأشكاله من الحياة كما يراها هو من إشراقة شمس أو من ضوء قمر، من نسمات بحر، ومن حكايات ترسخت فيها قيم الجمال، يبحر بها في فراغ اللوحة ليعيد لها حيويتها، مطعمة بالألوان دون ابتذال، يكشف عند اختياره للمكان الذي يناسبها، إنه محق فكسب قناعة الأعين، في تحركه في اللوحة يشعرنا أنه يمارس المتناقضتين الهدم والبناء نراها أحيانا مكتملة وأحيانا أخرى في حاجة لأن تكتمل.

العلاقة بين الفنان وإبداعه

لا شك أن أهم ما يمكن الاعتماد عليه عند إنجاز أي عمل هو علاقة الفنان المباشرة مع إبداعه ومن هنا يمكن القول إن الفنان نذير ياوز قد حقق الاندماج الروحي بينه وبين إبداعاته فاللوحة تشكل عالما خاصا لا يمكن أن يتدخل فيه أي مؤثر أو أن يصغي خلال تعامله معها لأي صوت أو رأي خارج حدود ما يبحث عنه، فجاءت تلك اللوحات بمصداقية لحظة تنفيذها دون رتوش أو سعي للتزويق أو التجميل المبتذل بقدر ما قدمها بكل ما يعنيه حقيقة الإحساس عند تنفيذها، ومع ذلك لا يمكن أن نغفل ما يمتلكه من ثقافة وبحث وسعي لإيجاد أفضل الحلول لإنتاج عمل يستحق أن يعرض ويتلقى به الرأي والنقد، يقول الفنان في الإصدار الأنيق الذي رافق معرضه الأول وجاء بحجم كف اليد تواضعا منه مع أن ما احتواه هذا الإصدار يستحق أكثر من ذلك لكنه اختيار الفنان وفلسفته التي عرف بها في إبداعه وتعامله مع ذاته بتواضع جم، يقول الفنان نذير في هذا الإصدار: (في هذا الكتيب الذي يضم في خلجاته خلاصة لمراحل سابقة امتدت أبعادها إلى قصاصات أوراق بيضاء صغيرة تحمل رموزا وخطوطا عشوائية لطفل في الرابعة من عمره، لتجربة قصت من حياة اجتماعية مليئة بالمواقف والأحداث العامة من فرح وأحزان، قد تبدو غامضة من النظرة الأولى، ولفك بعض طلاسمها نجد الليل والنهار مطلبا رئيسيا في بناء العمل، والخطوط المتصلة والمترددة الغلبة في معظم الأعمال هي حلقة اتصال بالشكل لتفتح أبواب المتعة بالمساحة والخط بتأثير رائحة الأنثى المتقلبة المتنقلة بين ذبذبات اللون برؤية شفافة داخل دائرة مجتمع هذا الوطن الغالي).

بطاقة الفنان

ولد نذير ياوز بمكة المكرمة، تلقى تعليمه بمكة المكرمة، يحمل مؤهل البكالوريوس بالتربية الفنية مع الإعداد لتربوي من جامعة أم القرى، عمل معلما ثم رائدا لنشاط طلابي، ثم وكيلا مكلفا، يعمل حاليا مشرفا تربويا ورئيس قسم التربية الفنية وقسم النشاط الطلابي بمركز الإشراف التربوي (بالكامل) بالإدارة العامة للتربية والتعليم بالعاصمة المقدسة, قام بتحكيم أكثر من أربعين برنامجا لمسابقات ورسومات وأعمال الأطفال الفنية، تم تكريمه في عدة محافل ومناسبات خاصة وعامة، عضو في عدد من الجمعيات والهيئات شارك في كثير من المعارض المحلية والعربية والدولية.

monif@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة