لن أستطيع أن أشمل هذه الزاوية بكل الأسماء التشكيلية أو التجارب الفنية في أبها لأنني أردت التعرض لأبرز الملامح في هذه المنطقة الحيوية بطبيعتها ومناخها وتقاليدها الفنية فعبدالله الشلتي على سبيل المثال من الفنانين الذين لم يتخلوا عن مدينته الجنوبية حتى تقاعده وهو هنا مثل كثيرون لم يزالوا يمارسوا ويعرضوا وعرفت أسماؤهم وتجاربهم الفنية على مستوى المملكة.
في أبها كانت مجموعة من الشباب –الفنانين لاحقاً- التحقت بمعهد التربية الفنية أوائل السبعينات لتعلم الفن وتدريس التربية الفنية فكان الشلتي وعبدالله حماس ومفرح عسيري وحسن عسيري ولاشك غيرهم كثير لكننا أيضاً سنجد أسماءً سبقت في ممارسة الفن بشكل آخر وأعني التجميل الذي تقوم به بعض السيدات لواجهات ومداخل وأطراف من المنزل الذي يتصف بطابع مختلف في طرازه المعماري أو التشكيلات الفنية التي تميز بها.
فاطمة بو قحاص أحد هذه الأسماء وقد سلط عليها بعض المصورين الأجانب الضوء كما لبعض تشكيلاتها وزخارفها الفنية وهي نموذج لعدد آخر ممن اجتذبتهم هذه المهنة التي كانت مجالاً للكسب والعيش.
التشكيلات الزخرفية التي تزين البيوت كانت جزءاً من أعمال بعض الفنانين لكنها عند البعض الآخر لم تستلهم أو تستوحى إلا بما يضيف إلى مواضيعهم أو أساليبهم الفنية ولعل عبدالله حماس أكثر من استفاد من ذلك وبصيغة فنية خاصة فالتشكيل الزخرفي والوحدة المعمارية جزء مهم في عمل الفنان الذي يعيش بعيداً عن أبها إلا بقلبه. وهو أيضا ليس الوحيد فالمدن القديمة تسكن قلوب كل من عاش فيها أو ارتبط بها خاصة في سنوات عمره الأولى. أتذكر المعرض الشخصي الذي رعته له المنصورية للثقافة والإبداع في باريس والأصداء الإيجابية التي حققها.
مجموعة شبابية من الفنانين تسعى للتجاوز إلى اتجاهات مختلفة عما يمكن أن يمثل أو يحاكي وسنجد البعض الآخر يتجه إلى الخارج أكثر من الداخل، نلمس ذلك في مجهودات أحمد ماطر للتعامل مع الخارج وعلى نحو من مكتسبات المهنة خاصة ما يتعلق بأعماله الشفافات أو(نيجاتيف صور الأشعة) التي فاز بها بداية في أحد معارض الخطوط السعودية وأعاد تنفيذها فيما بعد لاكثر من مناسبة، هذا خلاف نظرته البعيدة في التواجد خارجياً كما هو زميله عبدالناصر غارم العمري الذي يسعى إلى التحرك وفق رؤيته الأحدث للأفكار وطريقة عرضه، ولعلنا نتذكر قبول متحف بريطاني أحد أعمال هذا الفنان الشاب (ماطر)عندما قدمه كهدية.
الفنانون الجنوبيون عرفوا بأعمال تعكس طبيعة المنطقة وبالتالي كان المشهد حاضراً لدى الأغلبية وقد أجاد في تمثيله على سبيل المثال فايع الألمعي وقبله حسن عسيري وسعود القحطاني ولا شك غيرهم بينما يتجه عبدالله شاهر إلى ما هو مجرد على مستوى تأليف اللوحة وعلاقاتها ولم يتجاوز شاهر بيئته أو محليته كما هم زملائه فالشلتي الذي طالما أسرته الطبيعة الجنوبية يتناول مواضيع أخرى مختلفة أبرزها تنويعاته على مشهد الطواف حول الكعبة المشرفة وهو سعي ميّز كثيراً هذا الموضوع عن غيره لأسباب كثيرة أولها الفضاء الذي أتاح له التعامل مع اللون بكثير من الحرية والموضوع نفسه والذي تتوسط فيه الكعبة الحرم المكي الشريف، خلاف التقنية اللونية التي يحقق بها أعماله وقد حقق هذا الموضوع أكثر من جائزة أولى أو اقتناء في المعارض المحلية، وعند مفرح عسيري فإن فطرية تحرك تناوله مواضيع الرقصات الشعبية فالأشخاص بلبستهم وحركتهم وسط فضاءات مفتوحة ومعالجات لونية تعبيرية لا تنقصها الصراحة وانفعال الفنان.
إشارة:
في موضوع العدد قبل الماضي عن الفنان علي الرزيزاء اشرت إلى مشاركته الفنانين (عثمان الخزيم وسمير الدهام وسعد المسعري) معرضا في معهد الإدارة بالرياض أقيم عام 1404هـ أضيف إلى هذه الأسماء الدكتور محمد الرصيص الذي سقط اسمه سهواً علماً أن المعرض حمل اسم (الواسطي)
aalsoliman@hotmail.com
الدمام