Culture Magazine Thursday  12/03/2009 G Issue 274
الثالثة
الخميس 15 ,ربيع الاول 1430   العدد  274
إمضاء بعد 40 عاماً

 

يحب الصمت وهو متحدث، ويعشق الظل داخل الأضواء، ويشار إليه فينأى بتواضعه، مؤمناً بأن التاريخ لا يحتاجُ إلى إعلان، وأن الإعلام مرحلة تمر أما الإنجاز فرحلة تستقر.

أجيال تكهَّل بعضُها لم تعرفه إلا سفيراً وأميناً لمجلس التعاون، وهما عملان يغيب داخلهما التميّز، وربما تعادلت كفتا القادر والعاثر؛ لتبقى مسؤولياته الإعلامية منذ أن كان مديراً عاماً للإذاعة والصحافة والنشر ثم وزيراً للإعلام شاهداً على كفاءته التخطيطية والاستشرافية، وشجاعته القولية والفعلية، ومرونته الإدارية، وتعامله الإنساني.

كثيرون لم يشهدوا مرحلته، أو لم يعوها، غير أنهم عرفوا أن في زمنه تم إدخال التلفزيون، وإقرار نظام المؤسسات الصحفية، ومشاركة المرأة شكلاً ومعنى.

جميل بن إبراهيم الحجيلان (1347هـ 1929م -) الذي يعود أصله إلى مدينة بريدة تخرج حقوقياً من القاهرة عام 1950م، وهو أول وزير للإعلام 1963-1970م، كما هو أول سفير لدى الكويت 1961م، وقد جمع بين وزارتي الصحة والإعلام، وفي عام 1970م تفرغ لوزارة الصحة حتى عام 1974م، ثم انتقل للعمل الدبلوماسي، سفيراً في ألمانيا، ففرنسا عشرين عاماً، وأميناً لمجلس التعاون ستة أعوام، وسيرة خصبة ممتدة نصف قرن جديرة بالتسجيل، وبخاصة أن مراحل التأسيس الأولى تشهدُ كثيراً من الالتواءات والانحناءات والتحويلات والارتدادات والإشكالات وربما الدموع مع الابتسامات.

لنا حق على الشيخ جميل أن يكتب سجله العمليّ الخاص بشفافية ومباشرة، فأربعون عاماً مضت على مغادرته وزارة الإعلام كفيلةٌ بأن تجعل قراءة ملفاتها مباحة ومتاحة، ولعله يحدثنا عما سمعناه عنه من قوة تصل حد القسوة، ولين يبلغ درجة المحبة، وجرأة جعلته يخترق التابوهات، ومتابعةٍ ألغى بها بعض الحريّات، ونظرة إلى الحياة تأتي بالألوان حيناً وبالأبيض والأسود أحياناً.

حين انتقلت (الجزيرة) لمبناها الحالي عام 1417هـ كان الشيخ جميل هو المتحدث الرئيس في احتفالها (Keynote Speaker)، ورغم طوال الكلمة فقد شدّ الأسماع، وامتاز بالإبداع مع الإمتاع، وجاء صوتُه كما أسلوبُه مشيراً إلى أديب شغلته الإدارة، وإلى إداري يشتاقُه الأدب، ولو فرغ (أبو عماد) للكتابة - كما يفعل بين آن وآن - لقرأنا فيه نموذجاً قلما يتكرر للمثقف المسكون بالوعي والتنوير.

آن للصامت أن ينطق.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة