Culture Magazine Thursday  14/05/2009 G Issue 283
أقواس
الخميس 19 ,جمادى الاولى 1430   العدد  283
التكريم المعنى .. وحضور الغياب
تكريم الرموز .. وهدايا طلبة الإعدادية!
عبد الفتاح أبو مدين

 

عنّت لي وقفة، ليس هدفها أو وراءها استجداء وغنم، لأقول كلمات، رأيت أنه ينبغي إخراجها، لأنها حشرجة في الذاكرة؛ وكان ينبغي استخراجها، لأن حبسها يؤدي إلى آلام، ولست أريد بها شكوى؛ وإنما إعلانها فيه تنفيس عن النفس التي أقول بحق إنها أدبية؛ لا تركن إلى الطمع ولا الاستجداء، ذلك أنها اعتادت أن تركن إلى المروءة، وهي تضع في مخيلتها إباءها الذي انغرس في بصيرتها وهي تمارس أداء رسالة كبرى لرمز غال، هو الوطن الكبير، والكبير جداً في وجدانها منغرساً حتى نخاعها في أعماق أعماق نفوسها الكبار، التي تعبت في مرادها الأجسام، كما قال شاعر الأمة أبو الطيب المتنبي.. وكأني بقارئ هذه الكلمات يهتف: أن أفصح، وهذا حق، ولا بد من التبيين، ولم أتعود الغموض عبر مراحل حياتي وأنا أتابع قلمي وهو في كل المراحل يفصح ويبين، لأنه وأنا نأبى الغموض، لأني لا أركن إليه!

إن رموزاً من المنتمين إلى تراب هذا الوطن الغالي، وهم سعداء بهذا الالتصاق السوي والقيمة التي لا تعدلها قيمة في حياة الأحرار الصادقين؛ الذين لا يعشو الطمع نفوسهم، التي تكبر بإبائها، لا سيما وأنها تشارك من خلال رسالة، أقسم خالقها بالأداة التي تمارس بها أداء تلك الرسالة.. وأعترف أنني لم أفصح بعد، ولكني قربت وأنا أشير إلى تلك الرسالة، فوسيلتها - القلم -!

حديثي، وأحلف بالذي رفع السموات بغير عمد، أنني لا أعني نفسي، فأنا أقل ممن أريد أن أشير إليهم، أنا أقل عطاءً ومشاركة، ولكني لست أقل إخلاصا وانتماءً وصدقاً ووفاء ! عنيت عبر هذا الحديث -رجالاً-، وفاؤهم لوطنهم وقادته ابتداء بصقر الجزيرة الكبير رطّب الله ثراه، بما أسس وبنى وأنجز فيه من بناء صرح وطن وأمة باقيات أركاناً وطموحاً وكيانات شامخة عبر امتداد الأزمان وتقلباتها، وما يكتنف حياة الناس من أخطار وصراعات وأطماع وركون إلى الإفساد والتخريب.. ومعذرة، فأنا لا قدرة لي على الخوض في غمار السياسة، غير أن الحديث الذي أخذت الخوض فيه، دفع بي إلى إشارات لا بد أن آتي عليها، لأنها ضرورة للاتكاء!

حديثي البسيط، وقد آثرت تلك الرموز الحقة أن تفصح عنه عبر كلمات مكتوبة! وربما تنفس البعض أن يشير، وهذا شيء وارد.. كلمتي هذه عنيت بها الحديث غير المهموس رفاقاً، وأكرر أنني أقلهم حظاً في أدائي، وليس في موازين الإخلاص والقيم.!

إن وزارة الثقافة والإعلام؛ لعلها فكرت بعد مضي ومرور عقود أوشكت أن تبلغ الخمسة، أن تحتفي أو تكرم أولئك الكبار في نفوسهم، أصحاب الصحف الفردية يومئذ؛ ويبدو أن التوفيق لم يحالف تلك الحظوة، التي كان يمكن أن تكون كبيرة، في ركيزتها وعند أولئك النفر الكبار، الذين استجابوا لدعوة الوزير، جاءوا وقد ظهرت الكبرة عليهم، لأنهم بدون استثناء (يعكزون) على أكثر من عكاز، تجشموا تلك الصعوبات لعجزهم البدني بفعل السنين فيهم.. جاءوا وحالهم ينبي عن حالاتهم الصحية، ولست أرمي أو أرمز إلى شئ من الجانب المادي.. ليس شيئا في حسبانهم، وإنما التقدير المعنوي الذي يخفف من أعباء الوهن العظمي، ذلك ما كان تطمح إليه تلك الرموز.. كان ذلك الاحتفاء، والتسمية جوازاً، وكان شاهده وزير ياباني زائر، وعند قيام معرض للكتاب في عاصمة البلاد!

أقول بحق: كان ينبغي، لتشعر تلك النفوس الوطنية بالقيمة بالاحتفاء، أن يقابلوا ويصافحهم: قائد أمتنا، فهذا شيء كبير في نفوس أولئك الرجال بحق، وأؤكد في غير تحفظ أن خادم الحرمين الشريفين، كان سيسر بغبطة، لو أشعر أن نفراً من المواطنين أدّوا واجباً كبيراً للوطن في سنين خلت، وكان يملأ نفوسهم الولاء والإخلاص للوطن وقادته، يوم كانوا أصحاب صحف، والصحافة قيمة ورسالة.. وقد لا قي أولئك القوامين على صحافة الأفراد، لا قوا عنتاً كبيراً، عبر أيام وظروف سياسية صعبة، وكان أولئك الرجال بإرادتهم التي تنبع من قيمة الوطن والذود عنه في نفوسهم، بالكلمة الحقة القوية، كان أولئك الرجال في مستوى المسؤولية، دفاعاً عن الوطن وإخلاصا له وأداءً لواجبه غير المحدود!

وليس كثيراً عليهم، وهم من هم: وفاءً وصدقاً وبلاءً في حب الوطن والتصدي بكل ما يملكون، أن يقابلهم خادم الحرمين حفظه الله، فيصافحهم، ويسأل عن صحتهم، ويرعاهم بعطفه وتقدير ما نهضوا به، في خدمة وطن غال، يفدى بأغلى النفوس من أبنائه المخلصين.. وكانت هدية وزارة الثقافة والإعلام لأولئك الشيوخ الكبار، لا تزيد عن هدية تعطى لطلاب في المرحلة الإعدادية، طلبة تميزوا في دراستهم.!

منذ ذلك اليوم أو المساء، الذي مضى عليه نحو عامين، وفى نفسي أن أقول إن أؤلئك الرموز، وأحدهم سنه اليوم أكثر من مئة سنة، هو الأستاذ محمد كتبي، أول رئيس تحرير لصوت الحجاز، لم يحضر يوم دعي أصحاب الصحافة أحياءً وأمواتاً يومئذ لتكرمهم وزارة الثقافة والإعلام، لأن كبرة الرجل لم تتح له أن يسعى من مكة المكرمة إلى الرياض.. وأقول إن من حضر من الرياض ولبنان -عبدالعزيز مؤمنة- وجدة، حالهم الصحية ألله أعلم بها:.. وكان ينبغي إعلام رائد الأمة خادم الحرمين الشريفين، ليأذن بمقابلة أولئك الرجال الخلّص للوطن وقائده، وهم ليسوا أقل شأناً من الرياضيين، الذين يقابلهم ولي الأمر حين يحققون شيئاً من نجح في مجال كرة القدم! غير أن الرياسة العامة لرعاية الشباب، تسعى إلى خادم الحرمين الشريفين، ليشجع أبناءه الرياضيين بسلامهم عليه، ويبعث فيهم روح القوة بإتقان أدائهم في التمارين ليحققوا المزيد من النجح والنصر.. ووزارة الثقافة والإعلام، كان في مقدورها أن يستأذن ملك البلاد لمقابلة أطياف من المواطنين أصحاب الصحف بالأمس، ليشكرهم على ما أدوا من واجب للوطن من خلال الصحف التي كانوا يملكونها يومئذ، ويسألهم عن صحتهم ويطمئن عنهم.

_ جدة

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة