Culture Magazine Thursday  14/05/2009 G Issue 283
فضاءات
الخميس 19 ,جمادى الاولى 1430   العدد  283
عفواً إنها الحقيقة
عزازيل .. صراع الكنيسة والشيطان
قماشة العليان

 

تجذبك رواية (عزازيل) للمؤلف يوسف زيدان منذ الصفحة الأولى، حيث تبدأ بحيلة فنية ابتدعها المؤلف ليخطف أنفاسك ويأخذ بتلابيبك حتى نهاية الرواية.. وذلك عبر المقدمة التي أوضح فيها أن هذا الكتاب هو بالأصل ترجمة لمجموعة من اللفائف (الرقوق) التي اكتشفت منذ سنوات بإحدى الخرائب الأثرية في حلب وقد كتبت باللغة السريانية.. وتابع المؤلف الذي اتخذ صفة المترجم لهذه (الرقوق) أنه أمضى في ترجمتها سبع سنوات وأنه ندم على هذه الترجمة.. بهذه البداية المثيرة تفتتح الرواية التي صيغت بلسان المتكلم، حيث يبدأها البطل وهو الراهب (هيبا) باستراحمات وابتهالات إلى الله ليغفر له ما كان منه وهكذا يتفنن الروائي بجذب القارئ لسبر أغوار الرواية من خلال زرعها بألغام الأسرار الجاذبة والمثيرة لفضول القارئ... حيث يقول البطل (هيبا): - وها أنا لما حان وقت التدوين أوشك أن أكتب ما لم يخطر لي من قبل على بال وقد يجرني إلى طريق الويل والوبال.. وهكذا ينثر لنا المؤلف الطعم تلو الطعم في ثنايا النص ليمضي القارئ في القراءة وهو يتساءل عمّا سيحدث كل حين..

تدور فكرة الرواية حول الراهب (هيبا) الذي يموت أبيه غيله على أيدي المتعصبين وتتزوّج أمه بآخر ويبدأ رحلته كراهب من الإسكندرية التي هرب منها لما وجده من عنصرية المسيحيين ويتجه إلى أورشليم ثم إلى انطاكيه وحلب، حيث استقر في دير كراهب وطبيب يعالج المرضى وشاعر في بعض الأحيان.. الرواية تصف أحداث حقيقية حدثت ما بين القرن الرابع والخامس الميلادي، حيث الصراع بين الكنائس واختلاف الآراء والتناحر بين المذاهب المختلفة، حيث حاول المؤلف إسقاطه على الواقع الحالي..

الرواية ذات صبغة تاريخية معروفه وأشخاص حقيقيين أضاف لهم المؤلف شخصية الراهب (هيبا) الذي يعايش صراعاً من نوع آخر مع الشيطان (عزازيل) الذي يحاوره في كثير من مقاطع الرواية ويحرضه على التدوين.. ماذا أراد المؤلف أن يقول من خلال سرد هذه الوقائع التاريخية وإعادة صياغتها على شكل رواية.. هل كان يقصد أن الإنسان هو الإنسان في كل زمان ومكان؟.. إن موضوع علاقة الكاتب بعمله تثير جدلاً لا يكاد ينتهي حتى يبدأ.. هل العمل في مجموعة لا من خلال شخصياته مفرده تشي بالمنظومة الفكرية للمبدع؟ أم أنه ينطلق من مفاهيم ومبادئ مغايرة تماماً لما يعتنقه مبدعه؟ وهل يمكن لنا الحكم على ذلك من خلال عمل واحد أم من مجموعة أعمال؟..

مؤلف العمل - يوسف زيدان - أراد من خلال نصه الطويل الذي تجاوز ثلاثمائة صفحة أن يوجه للقراء عدداً من الرسائل والأفكار منها أن الصراعات بين المذاهب والأديان أو حتى بين الإنسان والإنسان موجودة منذ الأزل.. أيضاً تأصيل وجود الأديان في حقبات متتالية والإرهاصات الموجودة آنذاك.

وبعيداً عن نظريات سيكولوجيا الإبداع فإن النص جميل لولا بعض المعلومات المطولة عن تعاليم الكنائس والتي أثقلت النص ولم تضف له عمقاً.. أيضاً بعض عناصر الجذب التي لم تكن موفقه في نهايتها.. الرواية فيها جهد واضح وإخلاص للعمل لذا ليس من المستغرب أن تفوز بجائزة بوكر العربية.

الخبر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة