Culture Magazine Thursday  14/05/2009 G Issue 283
الثالثة
الخميس 19 ,جمادى الاولى 1430   العدد  283
بين «جيفارا» و«الكابالا»
وضع صور الرموز .. معرفة أم تجهيل؟

 

الثقافية – خلود العيدان:

لم يعد غريباً أن يتربع شعار النازية على الزجاج الخلفي لسيارة شاب في قلب الرياض، وأن تجد صورة لرفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق مطرزة على عباءة إحدى الفتيات، كما لم يعد من المفاجئ أن يرتدي مجموعة من المراهقين صوراً لجيفارا الزعيم الثوري الكوبي - الذي يوافق اليوم تاريخ مولده - دون أن يعلموا حتى من هو! مثلما هو الحال مع ازدحام الأسواق السعودية بإكسسوارات (الكابالا): الفلسفة التي آمن وبشّر بها مشاهير كُثر.

اقتناء الرموز وإعلان مواقف شتى بارتدائها هو سلوك إنساني اعتاده المجتمع بل وتعبير حقيقي لكثير من القضايا الثقافية، الدينية، السياسية أو الفنية، ولكن أن يجهل هذا الآخر ما يقتنيه فتلك أزمة ثقافية لا شك.

(الثقافية) طرقت باب التساؤل عن الممنوع والمسموح والمجهول والمعلوم، وبسؤال عشوائي لابن الخامسة عشرة عن مدى معرفته بصورة جيفارا التي يزين رسمها قميصه تأتي إجابته بأنه: رجل! واستدرك: كما أنه موضة!

وفي استعراض سريع لمقتنيات وشعارات يقدرها الشباب نتساءل عن موقع رموز الثقافة والأدب في عالمنا العربي من هذا الاهتمام؛ فالحدث والشعبية والكاريزما والصورة تفاصيل (تجتمع) في الكثير من رموزنا وتوفر النموذج أولاها. وعن النموذج ذكرت غادة الغامدي إخصائية نفسية ل(الثقافية) أن النماذج موجودة ولكنها تحتاج إلى نقلة لتصبح رمزاً إن أدركنا أن مناهجنا وصروح علمنا هي إعلامنا، عندها فقط نؤمن بأن نتنفس فكراً، فما هو موضة ومحاكاة اليوم سيصبح سؤالاً معلقاً بذممنا فيما بعد ليس عن ذلك الرمز ولكن عن فعاليته والإيمان بأن الآخر وضع له بصمة ليعلق باستحقاق في عقل الإنسان وذاته.

وأضافت أن الرمز ما هو إلا تخليد لنموذج معين تميز لدى ثقافة بعينها، وانطلاقاً من ذلك لا بد من الوعي بأن النموذج (الرمز) ضرورة للنمو المعرفي الإنساني، ويؤكد ذلك ما تشير إليه نظريات علم النفس من أهمية النمذجة وأثرها في السلوك الإنساني الاجتماعي، كما أشارت إلى أن الطفل يحتاج في سنوات عمره المبكرة للنموذج القدوة (المحاكاة)؛ ليتمكن من الارتقاء معرفياً وجسدياً وليكوّن القيم والمفاهيم الأساسية في حياته، وتختلف مواصفات النموذج الرمز فيما بعد باختلاف طبيعة المرحلة التي يعيشها الفرد والاحتياجات النفسية متمثلة في دوافعها وانفعالاتها.

وختمت حديثها بأن التخبط في اتخاذ الرمز ما بين موضة ومبدأ سببه أن المجتمع السعودي لم ينجح في توجيه عاطفته؛ لذا ما زال يتخبط وسيظل إن لم يصلح شأنه.

وعلقت منال محمد (تشكيلية) ل(الثقافية) بأن تعليق الرموز حرية لا تحب قمعها لمن رغب بها، إلا أن في اتخاذ العلنية استفزازا لم يكن لمجتمع مثل مجتمعنا تفهّمه لا من قريب ولا من بعيد؛ فمجتمعنا يرفض من لا يشبهه.

أما عن الرموز العالمية فذكرت أن مسألة الرمز على المستويات الأخرى ليست شائكة نسبياً، ولا تحتمل تصعيد التنظير؛ لأنها لا تتقاطع مع الداخل حقيقة؛ فالشاب الذي علّق صورة جيفارا، سيبدلها بعد حين بعبارة درجت موضتها: km bass km قم بس قم؛ (وهي عبارة اشتهرت على لسان أحد أبطال مسلسل تلفزيوني محلي).

وعن حضور جيفارا اللافت للنظر مؤخراً في السعودية - حسب رأيها - ذكرت أن ثلثي من ارتدى صورته، أو وضعه على السيارة لا يعرف عن تاريخه إلا القشور.

وأضافت أن الرموز الدينية لها نصيب من الانتشار أيضاً خصوصاً بين الصغار والشباب كالكنيات المرتبطة بأسماء الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.

وعن تجربتها في اقتناء أو ارتداء الرموز ذكرت أنه ليس من رمز محدد بقدر ما هو توجّه ما، ابتدأ بارتدائها للكوفية الفلسطينية في الأيام الجامعية المفتوحة، مروراً بميدالية خريطة العراق، وصولاً لبروش صورة الراحل رفيق الحريري.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة