Culture Magazine Thursday  16/04/2009 G Issue 279
فضاءات
الخميس 20 ,ربيع الثاني 1430   العدد  279
عفواً إنها الحقيقة
مَن المخطئ ومَن المصيب؟
قماشة العليان

 

إثر مقالي السابق (أفتخر أنني من فئة البدون).. امتلأ إيملي بعدد وافر من الردود، وهي كالعادة، إما ثناء وإما هجوم، وهذه الردود بنوعيها، تُسعد - بلا شك - كل كاتب؛ لأنها تعني أن كتاباته مقروءة، وأن هناك رد فعل لكل ما يكتب.. ولكن ما أثار دهشتي حقاً، اثنان من القراء، أحدهما يبدو أن لديه فهماً خاطئاً لكل ما يدور في الساحة الثقافية، كتب يسألني: إذا كنتِ لا تنتمين إلى أي تيار كما تقولين، فماذا يعني اختلافك مع نادي الشرقية الأدبي؟ ازداد ذهولي وأنا أقرأ توقيعه ب(مراقب)، وودتُ لو أعيد له السؤال بسؤال: إذا كنتَ (مراقباً) كما تقول، فكيف لم تقرأ وقائع اختلافي مع النادي القراءة الصحيحة؟ وهنا أعلن أن اختلافي مع (أدبي الشرقية) ليس اختلاف تيارات فكرية أو أي شيء من هذا القبيل كما يعتقد البعض.. ولا أستطيع تصنيفه تحت أي خانة مما ألمح لها سؤال ذاك (المراقب).. خاصة إذا عرفنا أن السبب يعود إلى أن إدارة النادي السابقة أقامت لي حفل تكريم، وأهدت لي درع النادي، التي تُقدم للمرة الأولى إلى كاتبة في المنطقة الشرقية، وذلك بأمر من الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد، عقب فوزي بجائزة (الشارقة) الأدبية.. ثم جاءت إدارة النادي الحالية، ويبدو أنها لا تصفو لكل من كرمته الإدارة السابقة، وفق حسابات خاصة بها، فبدأت تتجاهل كل المشاركات والملاحظات والاقتراحات التي تقدمنا بها نحن الأدباء، وكأننا نخاطب حائطاً، وليس نادياً أدبياً، يقدس الكلمة، ويخاطب الفكر، ويحترم الأدباء.. ولأن أبواب النادي كلها كانت مغلقة، والآذان صماء، حملت شعار (لا حياة لمن تنادي)، لم يكن أمامي بد من مناقشة الأفكار عبر وسائل الإعلام.. لنعرف على الأقل من المخطئ من المصيب؟.

القارئ الآخر يسألني: الليبرالي كما صورته في مقالكِ هل هو موجود.. وهل هو مقتنع بصواب رأيه؟ وأجيبه بأن هذا الليبرالي موجود بالفعل، وهو أسير أفكار خادعة، بأن الليبرالية هي فعل أي شيء، طالما ليس فيها أذى للآخرين، وإن وصل الأمر إلى (الاختلاط والسُكر والعربدة)، وبهذا المفهوم المغلوط، حكى لي أحد الزملاء، وهو (ليبرالي سابق)، أنه سافر إلى إحدى دول المغرب العربي لحضور محفل ثقافي، وكان يفخر ب(ليبراليته) في كل مكان يذهب إليه، حتى نظمت إدارة المحفل زيارةً للوفود الثقافية إلى إحدى القرى البعيدة في البلد نفسه، وهناك ما إن علم أهل القرية جنسية هذا الليبرالي، وأنه سعودي، قادم من بلاد الحرمين الشريفين، حتى تقربوا منه، وتمسحوا به، ويطالبونه بأن يقرأ لهم آيات من القرآن الكريم، تلعثم طويلاً، قبل أن يقرأ لهم ما طلبوا.. وحينما جاء موعد الصلاة، دعوه إلى أن يؤمهم، وبعد إلحاح وافق.. ويقول هذا الليبرالي السابق: (وأنا أصلي إماماً، وخلفي مجموعة كبيرة من الناس، تظن بي ما لستُ أهلاً به، وتلوح في ذهني أفكاري الكثيرة والغريبة، هالني التناقض، وجدتُ نفسي أبكي في الصلاة، فبكى الناس من خلفي، ولكل منا سببه، فهم يبكون خشوعاً لسماع آيات الكتاب الحكيم من ضيف سعودي.. وأنا أبكي من حالة الازدواجية في الشخصية بين ما أفعل، وما أؤمن به من أفكار، أحسستُ بشيء عجيب يتكون داخلي، وبعد الصلاة تغيرتُ تماماً.. عدتُ من رحلة الليبرالية بسلام، وأنا أسخر من أفكاري السابقة، وأتعجب كيف لازمتني زمناً دون أن أثور أو أعترض).

هذا الموقف يؤكد أن التيارات ما هي إلا مجرد أفكار، يطلقها البعض، ويصدقها آخرون، قد يكون لها بريقها المؤقت، الذي لا يخلو من خداع وزيف، بيد أن أصحابها إن جلسوا مع أنفسهم في لحظة صدق، يدركون أنهم كانوا مخطئين، فلا يمكن أن تكون هناك تيارات فكرية متعددة في بلد ما، ويكون جميع أصحابها على صواب، أو على اتفاق، وهذا ما نراه بأعيننا الآن من مشاجرات وهجوم يصل إلى حد الملاسنات بين أصحاب هذه التيارات.. هداهم الله وأعادهم إلى رشدهم.

الخبر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة