Culture Magazine Thursday  18/06/2009 G Issue 288
تشكيل
الخميس 25 ,جمادى الآخر 1430   العدد  288
من الحقيبة التشكيلية
المرأة في الفن التشكيلي (11)
بدأتها رئاسة الشباب وأكملتها وزارة الثقافة

 

إعداد: محمد المنيف

قبل أن ندخل في موضوع هذه الحلقة أود الإشارة إلى أن ما تم نشره لا يمثل واقع الكتاب الذي يتم الإعداد له حول المرأة في الفن التشكيلي ولكننا اختصرنا ما يمكن أن يناسب المساحة وبأسلوب صحفي يعتمد على الإيجاز والتلميح وأخذ شيء من كل شيء في عالم المرأة التشكيلي، على أن نقدم هذا البحث أو الطرح بشكل موسع بكل ما يتعلق بالتوثيق والمراجع، إضافة إلى الإسهاب في توضيح وكشف الكثير من الجوانب في مسيرة المرأة عبر العصور وبالذات في محيطنا السعودي.

أما موضوعنا لهذا الأسبوع فهو عن الموقف الرسمي الداعم للتشكيليات في المملكة العربية السعودية بعد قناعة المسؤولين من أهمية فتح الفرص ومنح المرأة التشكيلية نصيبها من الاهتمام بشكل منفصل عن الرجل تمشياً مع الكثير من الظروف في مقدمتها الآلية التي يفترض أن تكون عليها الأنشطة النسائية من حيث التنظيم والمشاركات والحضور وإدارة معارضهن بأنفسهن وتحكيمها مع أن بعض هذه الجوانب ما زالت غير مفعلة أو ممارسة.

تدني فرص كسب الجوائز

تأتي مشكلة تغييب المرأة عن الفوز بالجوائز في غالبية المعارض التي أقيمت خلال مسيرة الفن التشكيلي أحد أسباب مطالبة التشكيليات بإيجاد معرض ومسابقة خاصة بهن، فالاتهام كان قائماً ضد المحكمين الرجال في منح أبناء جنسهم الحق الأوفر أو الحق الكامل في تلك المعارض وان وجدت فرصة للمرأة للمشاركة فلا يتعدى إشراكها بلوحة أو لوحتين في المعرض مع أن هناك أعمالاً كانت تستحق الفوز مع بداية مشاركات المرأة في المعارض مع أن هذا الحضور أيضاً لم يكن في السبعينيات والثمانينيات الميلادية بالمستوى الذي يرى حالياً إذ كانت أعداد التشكيليين أكثر مقابل الأعداد القليلة من التشكيليات، إلى أن برزت كثافة حضورهن في التسعينيات وما بعدها إلى يومنا هذا الذي فاقت أعدادهن أعداد الرجال وأصبحت الحاجة ماسة إلى استقلالية معارضهن مع ما يتاح لهن من فرص في المعارض الأخرى، والواقع أن مثل هذا الانفصال يعد تصرفاً إيجابياً دون تحييد أو ابعاد عن المعارض التي يشارك بها الجنسان، ويأتي القول إنه إجراء صائب ليبرز العطاء النسائي (كتسمية وليست صفة إبداع) بشكل أكثر التماماً وتقارباً لتبادل الخبرات عبر ما يتاح للتشكيليات من معرفة ما لدى بعضهن بشكل موسع وبعدد أكبر مما يشاهد من نماذج هنا أو هناك.

الرئاسة العامة وبداية الانطلاق

في عام الألفين واثنين ميلادي (ألف وأربعمئة واثنان وعشرون هجري) انطلق أول معرض تشكيلي نسائي قامت على تنظيمه الإدارة العامة للنشاطات بوكالة شؤون الشباب الثقافية كتب مقدمته صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب جاء فيها (إيماناً من الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالدور الهادف والبناء للفن التشكيلي كونه من المصادر الثقافية الإبداعية، يأتي هذا المعرض مخصصاً لنتاج الفنانات التشكيليات الذي يُقام بهدف تقدم وتطور الفنانة التشكيلية السعودية وتشجيعها وحثها على الابتكار والإبداع ومواصلة مسيرتها الفنية) كما جاء في كلمة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد نائب الرئيس العام لرعاية الشباب (نتواصل مع الثقافة بكل معطياتها والمعرض التشكيلي المخصص للفنانات التشكيليات السعوديات وكذلك الفنانات التشكيليات من البلدان الشقيقة والصديقة في هذه البلاد الغالية، يأتي ضمن ما تقدمه الرئاسة العامة لرعاية الشباب من برامج تطور الفنون التشكيلية، مضيفاً أن هناك جهوداً كبيرة ومتواصلة ونوعية للمساهمة في رفع مستوى الأداء والعطاء للفنانة التشكيلية السعودية والتي نلاحظ جميعاً أنها بدأت بالفعل تشكل معطيات تشكيلية مميزة وفق تعاليم ديننا الحنيف وتقاليدنا العربية الأصيلة وموروثاتها الشعبية حتى وصلت بفضل الله إلى مراحل تدعو إلى الإعجاب) توالت بعد هذا المعرض الذي يعد البوابة لدخول المرأة التشكيلية إلى الاعتراف الرسمي بقدراتها وبإنتاجها فأصبحت الفنانات التشكيليات في خط موازٍ مع التشكيليين حيث أقيم معرضان آخران الثاني عام 2003م والثالث عام 2004م ضمن دعم الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى أن تم ضم الثقافة إلى وزارة الإعلام وأصبحت وزارة تحمل اسم وزارة الثقافة والإعلام فأكملت هذه الوزارة من خلال وكالة الشؤون الثقافية دعم هذا المعرض وإقامة المعرض الرابع عام 2008م وتعد حالياً للمعرض الخامس.

تباين في مستوى المشاركات

الواقع أننا حينما نستعرض مستوى المشاركات في هذه المعارض الأربعة بحكم أنها الدليل القاطع على تفاعل التشكيليات مع أهم وأبرز معارضهن نجد أن المعرض الأول كان يضم ما يقارب الستين تشكيلية شاركن بسبعة وتسعين عملاً بينما المعرض الثاني اشتمل على مئة وثماني تشكيليات شاركن بمئة وثمانين عملاً متعدد الأساليب والخامات أي بزيادة ثماني وأربعين تشكيلية، وهذا يؤكد نجاح التجربة لكن الأمر تغير في المشاركة في المعرض الثالث حيث تراجع العدد إلى 69 مشاركة ليرتفع العدد بمستوى أفضل في المعرض الرابع الذي وصلت فيه أعداد التشكيليات إلى مئة وتسع وخمسين تشكيلية وهو الرقم الأعلى في الرسم البياني مؤملين أن نجد في المعرض الخامس تحركاً جديداً ومستويات تتوازى مع ما تحقق للتشكيليات من تأهيل علمي ومساحة من الحضور المحلي والدولي.

وإذا عدنا ووضعنا هذا التغير من معرض لآخر وجعلنا زيادة العدد في المعرض الرابع الرقم الأهم الذي ينتظر أن يحطم كما هي الأرقام في الفعاليات الرياضية فإن هناك ما يبرر بعض التدني في أعداد لمشاركات في المعرض الثالث لأسباب عدة إما أن الإعلان جاء في توقيت غير مناسب أو لخروج بعضهن من المعرض الأول والثاني بانطباع معين حول التنظيم أو التحكيم إلى اخر منظومة التوقعات غير الموثقة لكن المعرض الرابع يبعث على التفاؤل ويجعلنا نترقب المعرض الخامس وما سيحدث فيه فقد نجد دعماً كبيراً من صاحبات الشأن وهن التشكيليات لمعرضهن ومسابقتهن أو انه سيكشف جديداً من الأسباب التي لا تخلو منها الساحة خصوصاً في جانب المسابقات التي يتخوف من نتائجها الكثير اعتقاداً أن عدم الفوز يعني إبعاداً عن الساحة أو نقصاً في الأداء مع أن مثل هذه الأمور غير واردة، فكثير من التشكيليين العالميين لم يفوزوا بجوائز مع أن في الجائزة تحفيزاً ورفعاً للمعنويات.

تنوع ومنافسة

المسابقة أو المعرض التشكيلي الخاص بالتشكيليات كان فرصة لتقارب المفهوم العام بينهم وتقريب سبل التعرف على قدرات كل منهن، إضافة إلى كشف إمكاناتهن وقدرتهن على التعامل مع الفوز وعكسه وهي المعضلة الكبرى عند الرجال المتسببة في ابتعاد الكثير منهم عن المسابقات إما لوجود منافسين خصوصاً الشباب بتقنياتهم الجديدة وبحثهم عن سبل الأعمال المعاصرة أو لقناعتهم أن الجائزة لا تشكل هماً أو هدفاً في مسيرتهم التشكيلية، من هنا يمكن القول ان المعرض الأول للتشكيليات ضم أسماء مهمة ومؤثرة وفاعلة على الساحة فاز بعضهن بجوائز وبعضهن الآخر خرج من المولد بشيء من الحمص فمن بعض الأسماء الفاعلة. أقول بعضهن اللاتي لهن حضور يذكر فيشاد بالمشاركات في المعرض الأول كل من بدرية الناصر وفاء بهاي، سارة كلكتاوي، حميدة سنان، أسماء الدخيل، سلوى الحقيل، فاطمة باعظيم، لمياء السبهان، هناء الشبلي، لمياء المريشد، هدى العمر، ندى الركف، فاطمة وارس، أما في المعرض الثاني فقد كان حضور بعض الأسماء أيضاً أثر في إعطاء المعرض نفساً جديداً وروحاً أكثر قوة للمنافسة منهن الفنانات فوزية عبداللطيف ومطلوبة قربان وتغريد البقشي وعلا حجازي وسلوى الحقيل، لم يخل المعرض الرابع من تلك الأسماء أيضاً وغيرها من الأجيال الجديدة التي أصبحت اليوم رموزاً يعتز بها هذا الفن.

المعرض مصنع للمبدعات

الحقيقة التي يجب الوقوف أمامها بكل احترام هي أن هذا المعرض في مراحله الأولى والثانية والثالثة مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب والرابعة في وزارة الثقافة وكالة الشؤون الثقافية ومع ما ننتظره من محطات قادمة على مدة عمر هذا الفن تعد مصنعاً للمبدعات ساهم المعرض بالكثير في تقديم أسماء جديدة وإبداعات تستحق الفخر والاعتزاز.

monif@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة