Culture Magazine Monday  19/01/2009 G Issue 267
فضاءات
الأثنين 22 ,محرم 1430   العدد  267
كلمات
هل القصة الخليجية باردة.. مفتعلة.. بلا وهج!!
محمد بن أحمد الشدي

 

- لا أدري.. لماذا أجد أكثر من سبب معقول يشدني لقراءة القصص العربية القصيرة عموماً المصرية، الأردنية، أو التونسية، أو العراقية...إلخ، في الوقت الذي أشعر بالخيبة لدى قراءة القصة الخليجية القصيرة. كم حاولت إقناع نفسي بالانتصار للقصة الخليجية ظالمة أو مظلومة، على اعتبار أنها من بيئتي، من لحمي ودمي.!

- في بلادنا خامات رائعة للقصة، ولكن العيب في الازميل الذي ينحتها، العيب في المعالجة، في الطريقة، في العقدة القصصية، في الخلفيات والشكل والعرض، وحتى في اللغة والعنوان والموضوع وأهداف الكتابة!

- تقف أمام القاص العربي خارج الحدود.. فإذا أنت أمام معلم وفيلسوف وناقد وصحفي وأديب، تجد نفسك أمام عمل فني متكامل يقوم على قواعد وأسس ثابتة لا هنات فيها، وتتعلق بهذا العمل الفني الرائع، تذوب فيه، تشمه، تضمه، تصرخ بذهول عاقل: هذا شيء رائع.

- القاص هذا يكتب عن تجربة وبعد نظر وأصالة، يكتب بأعصابه، بكل إحساساته، يغامر، يدخل الزحام وهو يملك الثقة ويملك الثقافة والمعرفة والنظرة الشمولية الفاحصة، يرى من الأمام والخلف، يهبط، ويحلق بحذر، باختصار يجدل خيوط الشمس فإذا هي بين يديك حقيقة ماثلة تتحرك على الورق، وتقرأ القصة مرة بعد مرة فإذا أنت أمام جديد يولد، أمام آفاق رحبة تكتشفها للتو.. الكاتب يهترئ بين يديك من كثرة الرجوع إليه دون أن يفقد من جدته وسحره وروعته شيئاً.

- القاص العربي خارج الحدود يكتب لنفسه وللناس أجمعين على اختلاف ديارهم ولغاتهم وألوانهم، يجسد المجتمع الإنساني بكل ما فيه من تناقضات ومصاعب وحب وعبث، فهو لا يؤرخ ولا يقرر ولا يعظ، وليس طالباً للشهرة، ولكنه كالنحلة يحوم ويحلق ويجهد فكره، يقدم شراباً سائغاً من أزهار الورد والعليق والياسمين والحنظل.

- تقرأ القصة فإذا بك تحصد ثقافة واسعة عن طبائع النفس البشرية، والحب، والكرة، والأساطير، والحقيقة، تقرأ موسوعة بها من كل لون وفن، كل هذا في قصة موجزة صغيرة تحبها كأشيائك الغالية.

- أما بالنسبة للقصة الخليجية، وهو شيء مؤسف، فلن تجد فيها كل هذه الطراوات والرحلات السمحة لأنها قاصرة باردة، مفتعلة خيالية، مكتوبة لصحيفة تنتظر، أو لواجبات مدرسية أشخاصها متخشبون يتحركون ويقفون، يحبون ويمارسون اللذة ويغرقون بإشارة المؤلف القاص ودواخلهم مقفلة، جوهم كجو الموميات بلا حرارة ولا وهج، أما الموضوعات والوسائل والطريقة واللغة فهي كالثوب الخلق مستهلكة منخورة ليس فيها خفة، ولا معاناة، ولا عمق، ولا انبهار!.

- وهذا ما شعرت به وأنا أقرأ للبعض منهم من كتاب وكاتبات، أريد أن أغمض عيني فترة من الزمن وافتحها فإذا بي أرى بيننا هنا: نجيب محفوظ، والربيعي، وأبو النجا، وغيرهم من عمالقة القصاصين يكونون من الخليجيين ويكتبون عن الرمل والعرق والشمس والناس والحب والطموح كأصدق وأعمق ما يكون العمل الفني الراقي.. فهل يتحقق هذا الحلم؟!

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة