Culture Magazine Thursday  19/03/2009 G Issue 275
فضاءات
الخميس 22 ,ربيع الاول 1430   العدد  275
خواطر قصصية.. خواطر شعرية
عبدالله مناع

 

عندما دُعيت للحديث عن (الإصدار الأول) في حياتي، وهو كتاب (لمسات).. رأيت بادئ ذي بدء أن أعود إلى قراءة الكتاب.. قراءة تعرِّف على محتواه ومستواه بعد أن بعُد العهد به لأكثر من أربعين عاماً، ولكن.. وقبل أن أشرع في هذه القراءة كانت تلمع في ذهني أسبقية أخرى عليها، هي أسبقية.. استرجاع صورة المكان، والزمان، والظروف مجتمعة التي كنت فيها.. والتي كانت تحيط بي عند كتابة هذا الكتاب.. أو (الإصدار الأول) بلغة هذه الليلة..؟ إذ إن (الكتاب).. وأياً كان موضوعه نثراً أو شعراً.. رواية أو قصة.. بحثاً أو مسرحاً، ليس منزوعاً عن مكانه وزمانه.. عن بيئته التي ولد فيها.

كان (المكان) هو مدينة (الإسكندرية).. التي كانت في تلك الفترة من أواخر الخمسينات الميلادية.. واحدة من أجمل المدن الساحلية العربية.. إن لم تكن أجملها إطلاقاً، فإلى جانب مناخها الخلاب.. صيفاً وشتاءً، كانت المدينة تكشف لي عن مفاتن لا حصر لها، فهذا كورنيشها الممتد على مياه البحر الأبيض المتوسط.. بموجه ورذاذه الفوسفوري الناصع، وطوله الذي يبلغ ثلاثين كيلاً بين قصري البداية والنهاية: (المنتزه).. شرقاً، و(رأس التين).. غرباً، وهذه شوارعها وميادينها وجاداتها التي كنت أسير فيها..

فلا أجد لها نهاية: كطريق الحرية الموازي جنوباً للكورنيش، والممتد بامتداده، وهذه فنادقها الفاخرة.. من (سيسل) إلى (البوريفاج) إلى (سان ستيفانو) وهذه مطاعمها ومقاهيها وقاعات الشاي فيها: من (ديليسيس) إلى (اتينيوس) إلى (التريانو)، وهذه مكتباتها وأكشاك بيع الصحف والمجلات والكتب الصادرة حديثاً، وهذه قاعاتها السينمائية الرائعة.. من (مترو) إلى (أمير) إلى (فريال) التي أصبحت من فرط جمالها وفخامتها فرعاً لدار الأوبرا بالاسكندرية، وإن سميت ب(مسرح سيد درويش) تكريماً وتقديراً لموسيقار مصر الأول.. وابن (الإسكندرية) البار، وهذا (ترامها) النظيف اللامع بألوانه الزرقاء والبيضاء ودوريه الفريدين اللذين كنت أراهما لأول مرة.. وهو يمر بكل أحياء (الرمل) من الشاطبي إلى سيدي بشر، وهذا.. مبنى محطة مصر ببنائه الفيكتوري الضخم والفخم على ميدان محرم بك.. الذي عبرته ذهاباً وإياباً ربما لأكثر من مائتين وخمسين مرة في طريقي إلى مبنى (كلية العلوم) ومدرجاتها ومعاملها.. لدراسة سنة إعدادي الطب بها، وهو يقف على تلك الرابية المرتفعة التي كنا نصعد سلالمها العشرين قفزاً. كان (المكان).. جميلاً.. جذاباً.. بهيجاً دون شك، وكان أهل الإسكندرية.. لا يقلون جمالاً عنها: خلقاً وخُلقاً، وكان (الزمان) بعدهما.. رخاء، ف(مصر).. كانت تعيش أعظم أيامها بعد مؤتمر عدم الانحياز في (باندونج) فنصر السويس السياسي المدوي الذي احتفل به كل العرب، فقيام (الوحدة) الذي غنت له كل مصر. لقد كان عقد الخمسينات الميلادية من القرن الماضي: عقد التحولات، والانتصارات، وبحث الأمم والشعوب المستعمرة.. عن استقلالها وحريتها، كان الزمان في مجمله آنذاك: ملهماً ومثيراً.. بل ودافعاً للإنسان في البحث عن نفسه.. عن ذاته، وهو ما كان يشغلني على المستوى الشخصي.. وإن كنت قد اقتربت من التعرف على ذاتي وإمكاناتي من خلال تلك (الخربشات) التي كنت أقوم بكتابتها أثناء الدراسة الثانوية وأبعث بها لصحيفة البلاد السعودية في مكة، والتي واصلتها بعد أن فرغت بنجاح مغبوط.. من سنة الإعدادي بكلية الطب في (مجلة الرائد).. فصحيفة الرائد فيما بعد، ثم واصلتها في مقر البعثات بالإسكندرية.. من خلال إصدار صحيفة (الحقيقة) الحائطية بالمشاركة مع زميلين وصديقين عزيزين، هما: الدكتور فايز بدر.. والأستاذ محمد سعيد خوجة الذي عمل بالخارجية بعد تخرجه، ثم تقاعد.. بعد آخر سفارة له في تايلاند.

ولست أدري.. في مشوار البحث عن الذات إن كنت قد تأثرت تأثراً مباشراً أو غير مباشر بما كان ينشره ملحق الجمعة الأدبي بجريدة (الجمهورية) الذي كان يشرف عليه -ويكتب فيه بأسلوبه الفذ نيزك الشعر وفيلسوف الكلمة الأديب والصحفي-: الأستاذ كامل الشناوي من قصص (إبراهيم الورداني) و(الدكتور يوسف إدريس).. أو ب(يوميات نص الليل) التي كان يكتبها بحميمية وانتظام في مجلة روز اليوسف الدكتور مصطفى محمود، وبردوده على مشاكل القراء والقارئات في نفس المجلة أو في شقيقتها (صباح الخير).. أو ب(مسرح رمسيس) الصيفي على كورنيش الإسكندرية وروايته الرائعة (المائدة الخضراء)، والمقدمة الاعتذارية الخلابة التي ارتجلها نجمه ونجم المسرح المصري يوسف وهبي عن تأخر قطاره وتلكؤه طوال الطريق بينما كان هو يغلي على مقعده مخافة التأخر عن موعد فتح الستار المقدس عنده في التاسعة تماماً، قبل أن يبدأ المشهد الأول من المسرحية مع رفيقة دربه عذراء المسرح المصري.. وفنانته الخالدة: (أمينة رزق).. وسط ضحكات جمهوره وهو يتخيل ركضه بين (التكاسي) في محطة مصر.. بحثاً عن (تاكسي) يطير به إلى المسرح.. ليصل إليه لاهثاً عند الساعة التاسعة والنصف، أو بكوكبة الأفلام الأمريكية المؤثرة التي كنا نتابعها فيلماً بعد آخر.. وهي تقدم (أمريكا) زعيمة العالم الحر حقاً آنذاك بألقها ونضارتها من خلال كوكبة أفلام أواخر الخمسينات وأوائل الستينات الرائعة من أمثال: فيلم (الملاك الأزرق BLUE ANGEL) و(غرباء عندما نلتقي Strangers When we meet أو فيلم (شاي وحنان Tea AND Sympathy) الذي بهرني بطله وحكاية اختلافه عن بقية زملائه الرياضيين، الذين ما كان يهمهم غير التدريبات والملابس والمعسكرات واللهو مع صديقاتهن، ليتحول اختلافه عنهم في النهاية.. إلى نجاح يفرقه عن كل زملائه.

في هذه البيئة المكانية والزمانية.. كانت الخربشات قد نضجت وتحولت إلى سطور، وكلمات، وأفكار.. فمقالات وقصص ثم إلى (كتاب) هو هذا الإصدار الأول الذي نلتقي في الحديث عنه وعن ظروفه في هذه الليلة، وبين هذه الكوكبة من الكتاب والمؤلفين والناشرين وناشئة الأدب وشداة المعرفة.

عدت بعد هذا الاسترجاع السريع لصورة (المكان) و(الزمان).. إلى قراءة الكتاب قراءة التعرف على محتواه ومستواه، لأجد أنه يتكون من مائة وخمسين صفحة من الحجم الصغير، وبغلاف بريشة أحد الفنانين المصريين لوجه شابة حسناء.. لم يعد موجوداً على النسخة الأصلية الوحيدة التي ما زلت أحتفظ بها في مكتبتي، وقد ملئت صفحاته بعد (المقدمة) -التي كتبها الأديب والشاعر والمفكر الكبير الأستاذ محمد حسن عواد (بعنوان تصدير وإيحاء) بقلم الأستاذ العواد عملاق الأدب الحديث في المملكة العربية السعودية -بسبع قصص متفاوتة الأطوال، بينها قصتان هما (ليلة باكية) و(مات وهو حي) شغلتا نصف عدد صفحات الكتاب تقريباً، وموضوعين آخرين.. أحدهما يتحدث عن الأيام وما تفعله بالناس بعنوان (طولى أيتها الأيام) والآخر أتحدث فيه عن علاقتي ب(والدتي) وحبي الكبير لها بعنوان (قلب ورائي).. إلا أنني لم أجد له أثراً بين صفحات الكتاب باستثناء الصفحة التي عليها الصورة والعنوان ومجتزءات من الموضوع أقول فيها: (سأوقف لهفتها بالقرب منها، سأمد في عمرها بالوقوف إلى جانبها. سأفني نفسي لأسعدها.. وسأحترق لأنير لها ظلمة الشيخوخة).

لقد لعبت المصادفات وحدها -دون شك- في أن يكون للكتاب (مقدمة) وأن يكتبها علم من الأعلام الأدبية ورمز من رموزها كالأستاذ العواد.. نفسه، فلم يخطر ببالي أن يكون للكتاب (مقدمة) يكتبها الأستاذ العواد أو أحد نظرائه، ولكن، عندما قدمت إلى القاهرة في مطلع إجازتي الصيفية الدراسية الثانية في يونيه من عام 1958م، في طريقي إلى جدة لقضائها بجوار والدتي وشقيقي.. كنت قد قررت توفيراً للمال أن أتوقف بالقاهرة لليلة أو ليلتين لبحث إمكانية طباعة الكتاب في (مطبعة المدني).. بالسكاكيني، التي أعرفها، وأعرف صاحبها الوالد الشيخ (محمد علي صبح المدني) منذ أن رأيته في جدة قادماً ل(الحج) قبل ثلاث أو أربع سنوات حيث أقام له عمي الأصغر الأستاذ إسماعيل مناع حفل غداء بمنزل الأسرة.. كنت أحد حضوره بعد أن دعاني (عمي) إليه.. أملاً في أن يقوم بطباعته على حساب المطبعة على أن أسدده القيمة فيما بعد.. أو أن أدفع مقدماً محدوداً على قدر إمكاناتي المتواضعة جداً، وهو يكمل الباقي إلى أن ييسرها الله. لقد فوجئ الشيخ علي صبح المدني في مكتبه.. بذلك اليافع الذي رآه قبل سنوات في جدة، وهو يأتيه.. وبيده (كتاب) يريد طباعته بمطابعه، فلم يجد بداً من القبول.. ربما حفاظاً على صداقة عمي وربما حياءً من صد شاب صغير يحلم بأن يكون كاتباً، ولكنه في النهاية.. قدم الكثير من أجل طباعة هذا الكتاب (لمسات)، فقد دفع للخطاط، ولرسام الغلاف، وللفنان الذي رسم لوحات الأبواب والفصول التسع الداخلية للكتاب.

ولست أدري الآن.. لِمَ لم أسلم الكتاب ساعتها للشيخ صبح المدني وقد تم الاتفاق معه على طباعته ولكنها تدابير المصادفات فيما أحسب.. هي التي حملتني لأن أعود بالكتاب في يدي إلى فندقي المتواضع (نيو أوتيل) في شارع عدلي بقلب القاهرة، لأفاجأ بمرور الأستاذ العواد على رصيف الشارع نفسه في اليوم التالي.. لحظة مغادرتي بوابة الفندق وقد فاجأه وجودي.. بينما كان هو يمضي إجازته بالقاهرة.. لأسلم عليه فرحاً، ويسلم عليَّ سعيداً برؤيتي في القاهرة وقد كان يظن أنني ما زلت بالإسكندرية، ثم ليسألني عن أسباب تواجدي في القاهرة.. لأحكي له حكاية (الكتاب) واتفاقي مع مطبعة المدني.. ليقول لي وقد أشرق وجهه فرحاً.. وما.. اسم الكتاب؟.

قلت له: لمسات.

قال: عنوان شاعري.

ثم أخذ يمطرني بأسئلته عن الكتاب وموضوعه ونحن نسير على الرصيف.. ليتوقف قائلاً: ما رأيك في أن تأتي معي إلى المنزل.. لتقرأ لي فصولاً من الكتاب وتتناول معي (الغداء).. فليس في المنزل سوى ابنتي (نجاة) - وحيدته - وأمها..

ذهبنا معاً.. ومع رشفاتنا لفناجين الشاي التي أخذت تأتينا تباعاً.. كنت أقرأ عليه صفحات من ذلك الذي كتبته متردداً.. خائفاً من أن لا يعجبه، ولكنه فاجأني عندما قال لي بأن بعضه وكأنه شعر، فاعتبرت ذلك مجاملة منه ليس أكثر.. ولكنه واصل ثناءه وتشجيعه لي قائلاً: بل وسأكتب لك مقدمة للكتاب.. إذا تركته لديَّ لأقرأه كاملاً.

قلت فرحاً: على الرحب والسعة.

عندها غادرنا منزله.. وقد أوشكت الشمس على المغيب، لنذهب سوية إلى كازينو حديقة (الأزبكية).. لنتناول شيئاً من (الآيسكريم) و(دردشاتنا) ما تزال مستمرة عن الكتاب، وحوارنا لم يتوقف.. وهو يعبر بنا من محطة لأخرى، ومن زمن لآخر.. ليبقى ذلك اليوم واحداً من أجمل أيام حياتي، فقد قادني - فيما بعد لحوارات مع عشرات من الأدباء والمفكرين والساسة والفنانين ليس المجال مجال ذكرهم في هذه الليلة.

عند وداعه.. كنت أرجوه أن يتفضل بتسليم الكتاب ومقدمته عند الانتهاء من كتابتها لمطبعة (المدني).. إذ إنني سأغادر غداً إلى جدة.

في صيف العام التالي وعشية السنة الميلادية الجديدة عام 1960م، وفي طريقي المعتاد إلى جدة ماراً بالقاهرة.. كنت أعود إلى (مطبعة المدني) لأسأل عن الكتاب وما انتهى إليه.. ليفاجئني صاحبها أو أحد أبنائه بنسخ منه.. أبهجت قلبي دون شك، وإن أغاظتني حدة ألوان غلافه.. أو (لعلعتها) على غير ما تمنيت، لكن ذلك لم ينسيني شكر الوالد الشيخ علي صبح المدني.. على كل ما بذله من جهد ومتابعة وتضحيات مالية حتى وإن كانت فتاتاً بمقاييس اليوم، ثم أخذت أرتب معه.. كيفية نقل الكتاب بحراً إلى جدة تفادياً لكلفة النقل الجوي التي لا أقوى عليها.. على أن اصطحب معي خمس نسخ أو ما حولها.. لأطلع والدتي عليها، ولأقرأ لها الفصل الذي كتبته عنها، بينما كنت أتعجل انتهاء اللقاء مع الشيخ المدني.. والذي تم على أفضل ما أريد، حتى أفرغ لقراءة (المقدمة) التي كتبها الأستاذ العواد.. والتي كانت بحق ضافية ورائعة، وإن لم تخل من اعتزاز الأستاذ العواد المعروف بنفسه كقوله في عنوانها (تصدير وإيحاء - بقلم الأستاذ العواد)، (عملاق الأدب الحديث)! وربما أن المصححين في المطبعة وهم في العادة نحويون كبار.. اقترحوا هذه العناوين وهذه التسميات والصفات، إلا أن ذلك لم يثرني.. فقد كنت أعرف أن العواد عملاق في فكره، وفي أدبه، وفي شعره.. وفي ريادته التي لم يماثله فيها إلا قلة قليلة من أبناء جيله من أمثال: الشحاتة والجاسر وعبدالجبار والقصيمي والجهيمان، كل الذي أثارني حقاً وتكتمته آنذاك هو موقفه التهكمي المناهض للتعليم الثانوي و(الجامعي) بصفة عامة (الذي يملأ جماجم الصبيان أو الشبان بمعارف كلها حشو تؤذي نموهم الثقافي).

وهو يستند في ذلك القول إلى الفيلسوف الأيرلندي الأشهر (برنارد شو)، أما هو فقد أوسع التعليم الجامعي نقداً واتهاماً لأن التربية الجامعة تنهي الطلبة بطبيعة وضعها عن توسيع شخصياتهم وحرية نموهم العقلي المنطلق) ولم أكن من هذا الرأي وبإطلاق، بل وزاد الأستاذ العواد - رحمه الله - على ذلك، عندما أضاف إلى سطور التعريف بشخص المؤلف الذي كتبته... قوله: (يرى أن التعليم الجامعي لا يخلق النابغين)..! ولكنني لم أفاتحه باعتراضي على تلك الإضافة التي أزعجتني إلى أبعد الحدود، وإن كنت لا أستطيع الجزم بأنه واضعها.. إلا أنها كانت تتماثل مع رؤية مدرسة (العقاد) أو مدرسة (الديوان) التي كان الأستاذ العواد يناصرها ويؤيدها.. أمام مدرسة (أبوللو) الشعرية للدكتور زكي أبو شادي وعلي محمود طه والدكتور إبراهيم ناجي.

نعم. لم أفاتحه باعتراضاتي في حينه؛ عرفانا واستبقاءً لحماسه الذي ظننته خاصاً بي بينما كانت تلك هي طبيعته في رعاية وتشجيع الأقلام الشابة من الجنسين، وهو ما أكده بعد عامين أو ثلاثة أعوام.. عند استقباله المدوي لديوان الشاعرة الشابة ثريا قابل: (الأوزان الباكية).. وإلى الحد الذي جعله يصفها ب(خنساء العرب) الجديدة أو (خنساء القرن العشرين) حتى امتلأت الشاعرة خوفاً ورعباً من هذه التسمية، إلا أنها ملأت الأسماع شعراً غنائياً فيما بعد عبر أصوات فوزي محسون ومحمد عبده وطلال المداح. لكنني فاتحته بعد ذلك بسنوات، في رأيه السلبي من المدارس الثانوية والجامعات وخريجيها آنذاك.. بل وفي قدس أقداس معارضته ل(شوقي) وإمارته للشعر، مذكراً إياه بمقاطع من نبويات شوقي في (ولد الهدى) و(سلو قلبي) و(إلى عرفات الله).. فأقرني سراً ولكنه لم يجهر برأيه الجديد.. وإلى أن مات، فقد كان ذلك.. هو (العواد).

وصل الكتاب بحراً.. بكميات لا أعرفها، وتم استلامه بمعاناة معروفة في مثل هذه الظروف، لكن أصدقائي في (مجلة الرائد) وفي مقدمتهم رئيس تحريرها الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين وسكرتير تحريرها الأستاذ عبدالعزيز فرشوطي تولوا مشكورين مسؤولية توزيعه فأراحوني من عناء ومكابدة.. لم أكن أقوى عليهما، على أن معالي الشيخ عبدالله بالخير.. وزير الدولة لشؤون الإذاعة والصحافة والنشر آنذاك دعم الكتاب بعد زيارتي له بشراء مائتي نسخة، ونجح الكتاب.. ربما لغلافه الذي لم يرقني، وربما لعنوانه (لمسات)، الذي لا أدري كيف فُهم عند القراء، وربما لمباشرته وبساطة أسلوبه.. ولن أزيد عن ذلك لأنني من أولئك الذين يعتقدون عن حق، بأن أسوأ من يتحدث عن الكتاب.. هو كاتبه!!

لكن الذي أستطيع أن أتحدث عنه دون خشية من أي تهمة (نرجسية) قد تكال لي، هي أن ذلك الكتاب (لمسات).. وضعني على طريق العذاب الجميل.. طريق الكتابة.

محاضرة ألقيت موجزة في معرض الكتاب جدة

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة