Culture Magazine Thursday  19/03/2009 G Issue 275
فضاءات
الخميس 22 ,ربيع الاول 1430   العدد  275
البوابة الخارجية
تأخروا كثيرًا
سعاد السعيد

 

المبدع قبل السنوات الخمس الأخيرة كان يكتب ليقرأه الوسط الثقافي ويعرف اسمه، لا يهمه بعد ذلك إن قرأه بقية الناس أما لا، ولا يكترث أصلاً بأمر القارئ العادي طالما أن قلة من الناس اسمها الوسط الثقافي قد عرفته وقرأته، فجاء في السنوات الأخيرة شبابٌ مبدعون عرفوا المعادلة الصح وهي أن الكتاب يُكتب ليُقرأ، ولكي يُقرأ لا بد أن يكون هدفهم الأول هو القارئ العادي؛ لذا قفز الشباب المبدع على هذا الوسط المثقف وتوجه مباشرة إلى القارئ العادي، لا يشغلهم الناقد ولا الأسماء الكبيرة ولا الندوات والمهرجانات والمؤتمرات، فكانت نتيجة هذه المعادلة ناجحة بنسبة المئة بالمئة؛ فالقارئ العادي أوصل المبدع الذي توجه إليه مباشرة إلى أن يُطبع عملُه عدة طبعات، ويترجم إلى عدة لغات، ويطلبه المنتجون السينمائيون، والأهم من ذلك أنه أجبر الناقد والوسط الثقافي على الالتفاف إليه، لأن من المخزي أن يتجاهل النقاد والمثقفون عملاً يتردد اسمه على صفحات الجرائد والألسنة. ولا أبالغ في قول إن القارئ العادي يوصل المبدع إلى العالمية. سمعت أحد هؤلاء الشباب المبدعين يقول إنه لا يعرف اسمَ ناقدٍ واحد، ولا اسمَ كاتبٍ كبير، ولم يمسك في حياته قبل - كتابه الأول - قلماً ليكتب عملاً إبداعياً، وليس له علاقة بالأدب وأهله، وهو لا يحبهم أيضاً، ومع ذلك لديه الملايين من القراء الذين يشترون كتابه المطبوع عدة طبعات؛ قرّاء من اليابان وأمريكا وجميع أنحاء العالم، وعشرات دور النشر الأجنبية تتسارع لترجمة عمله، ومثلهم من المنتجين السينمائيين. قال النقادُ والمثقفون عندما وصل نجيب محفوظ إلى العالمية إنه وصلها بسبب كتاباته المحلية، ولأنه كاتب محلي. ولما تحولت إحدى رواياته إلى فيلم سينمائي مكسيكي قالوا بسبب كتاباته الإنسانية، ولأنه كاتب إنساني. والحقيقة أنه وصل إلى العالمية حين عرفه الناس والقارئ العادي بعد كتابته للسينما.

يخجل الأديب الكبير من العودة إلى القارئ العادي، وقد تأكد الآن أن المؤتمرات والمهرجانات والندوات والنقاد والمثقفين لن يصنعوا منه كاتباً تُطبع كتبه عدة طبعات وتترجم أعماله إلى لغات العالم ويجري المال في يده، ويشعر أن هذا تنازلٌ متأخرٌ؛ فلجأ بعضهم إلى الكتابة باسم مستعار، اسم خاص بالقارئ العادي، اسم لا علاقة له بالنقاد والوسط الثقافي؛ فنجحت أسماؤهم المستعارة وفاقت الأسماء الحقيقية، لكن إلى متى هل يموت الاسم الحقيقي ويبقى الاسم المستعار.

مصر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة