Culture Magazine Thursday  21/05/2009 G Issue 284
فضاءات
الخميس 26 ,جمادى الاولى 1430   العدد  284
تَحت رُواق الأنُوثَة ...!!
زينب إبراهيم الخضيري

 

(شاقة هي المهمة.. عندما يولد الإنسان امرأة)

(مايا انغلو).

لا أوافق (انغلو) في مقولتها المليئة سوداوية،فالمرأة كائن جميل لا تستقيم الحياة بدونه، هي إنسان قبل أن تكون نوع، إن أحد الأشياء التي جعلتني سعيدة هي أنني خلقت أنثى، أحب كوني أنثى وأشفق على بنات جنسي عندما تكره نفسها لأنها،عاشت بمقارنة ظالمة مع الرجل، ولماذا أقارن نفسي برجل ودوره يختلف عن دوري،فلا يوجد تنافس بين اثنين لا يؤدون نفس الوظيفة، لا أعلم من هو صاحب نظرية الصراع بين المرأة والرجل، أعتقد أنه إنسان محبط غير سعيد، فلو كان سعيداً لتجاوز هذه المهاترات ولبحث عن شيء أجمل من نظرية الصراع القاتلة.

تقول الشاعرة (سعاد الصباح) في قصيدتها (حق الحياة):

ويل النساء من الرجال إذا استبدوا بالنساء

يبغونهن أداة تسلية،ومسألة اشتهاء..

ومراوحاً في صيفهم... ومدافئاً عبر الشتاء

وسوائماً تلد البنين ليشبعوا حب البقاء

ودمى تحركها أنانية الرجال كما تشاء

ما دام يمنحها المؤونة،والقلادة،والكساء

لا.. لن نذل، ولن نهون،ولن نفرط في الإباء

لقد انتهى عصر الحريم وجاء عصر الكبرياء

وجلا لنا حق الحياة،فكلنا فيه سواء

هل نحن ندافع عن وجودنا (كنساء)،أم ماذا، أرى بعض النساء

تحترق كالشمعة ولكن من كلا الاتجاهين، ما الداعي لذلك هل هو الإيثار؟ أم

إثبات الوجود، ربما خوفا من تساقط أوراق الزمن وهي لم تنجز،أرى أننا كنساء

لم نحاول أن نبتدع أنماطاً جديدة من السلوك في مؤسستنا البشرية، لازال الكثير

من النساء يحتمين بجيوش الدموع، ومكائد الضعف هي الأدوات التي

تستخدمها للتعامل مع الحياة، هل عقمت العقول النسائية عن إنجاب وسائل لتقينا

صقيع الحياة؟ من طالبن بتحرير المرأة هن من ربطن المرأة بقيد جديد، وأفكار

نفس الأفكار التي سلبت المرأة حريتها الحقيقية ولكن بصيغ أكثر تحضرا،

الفرنسية (أنطوانيت فوكيه) زعيمة حركة التحليل النفسي والسياسة،قالت ذات

مرة (النسويات أجهضن تحرر المرأة) صدقت يا فوكيه لقد فهموا تحرير المرأة

على طريقة (ذكاء الشيطان) فنحن نطلب العدالة لا المساواة.

قالت أنثى ذات انسياب:

كل شيء يدفعني للرحيل إليه... إلى ذلك العالم النقي المكتظ بالسنابل والنخيل.... وعلى جريد

النخيل أكتب أسئلة تطفو بين مد وجزر، وأمنحها فرصة الانتماء بلا تصنيف أو ترتيب مسبق إلى عالم خال من عنصرية الإنسان المتحضر....!!

هل هيمنة الزنبق على الماء مدعاة لإزالته؟.... وهل احتضان أشعة الشمس للأرض دليل على تسلطها...؟؟

وهل تسلق أشجار الياسمين جدران المنازل العتيقة يفترس بطريقة متغطرسة جمال المنازل أم يزيدها جمالا..؟

لأقفز باتجاه الريح وأغرس سؤالي كشظية بين ذرات الغبار وأقذفه بسرعة كرة المضرب... ما الذي ينقصنا نحن السيدات لنحظى بالاحترام والتقدير ككائن لطيف؟

أعلن الحداد ويتراءى لي ليل ومأتم وكفن يحمل إجابات ميتة، ولكني أريد أن أستحضر العقل في سطوري، هل الهيكل الاجتماعي عاجز عن تكوين صورة حقيقية للمرأة؟ وهل تصنيفها يندرج تحت قائمة الموجودات؟

قد أبالغ لو قلت إن هناك من يراها كائناً ليس له وظيفة غير الإنجاب، مع أن وظيفة الإنجاب سامية وحق طبيعي للمرأة، ولكنها تتعلق بحدود ما هو أساسي وضروري للحياة،ولكن هل احترامنا للكائنات والموجودات مرتهن بوظائفها،قطعا لا..!! فهذا العالم المتغطرس سوف يغتالنا إذا لم نضع له حدوداً فذاكرته مجروحة وتنزف عنجهية شبيهة بعنجهية الإنسان الرابضة في أعماقه ويرفض الاعتراف بها؟ فهو مكتف بحضارته الخارجية،أليس الاحترام الذي يجب أن يحظى به كل من على هذه البسيطة هو حضارة الإنسان،ومعناه الانتظار الدائم لكل ما هو جميل،أليست تلك المخلوقة المجبولة على انتظار التقدير من الآخر والعيش من أجله لإسعاده جديرة بالاحترام؟

فهي تعيش كمحاربة باسلة تقاتل على جميع الجبهات من أجل إسعاد الآخرين. والمجتمع يعيبها، والرجل يقلل من قدرها وأبناؤها ينتظرون منها مزيداً من العطاء.

عندما يزورني طيف الأسئلة أصير مرهفة كسوسنة خجلى تعبت من العدو طويلا في بيداء الإجابات المقفرة،تلك الأسئلة الحيرى والتي غالبا ما تتكسر على زجاج الأمنيات، هل سوف تعود السعادة يوما ما لتسكن جسد ذلك الكائن الرقيق المثخن بانتقادات المجتمع والملامح الرمادية التي تصرخ بكل من تحمل تاء تأنيث؟

متى تتيهين خيلاء بنفسك يا سيدة من ترياق جمال؟...أما آن الأوان لترمي سلاحك كمحاربة وتنعمي بسكينة آتية من عصر الحكماء؟

أما آن لك أيتها المفرطة بالرقة والإيثار على النفس أن تنعمي بظلال غيمات الاحتواء الاستوائية التي تمطر الحب كل يوم؟ أما تعبت من الإقصاء؟.....!! أما آن لروحك الموغلة في العطاء أن تنام وادعة في فراشها؟..!! اكسري سياج الحماقات دونك وتسلقي قمة قوس قزح واصفعي الألم واحقدي عليه، فهو الذي أضعفك وجعلك مطأطئة، عاجزة حتى عن الدفاع عنك.. يا سيدة من لؤلؤ تجاوزي كل الأسلاك الشائكة في دربك، فأنت الوحيدة القادرة على تمهيد طريق آمن لك، اخرجي من نير العبودية وسجن أنانية الآخرين، وارفعي راية النصر، فأنت وأنت فقط من سيفك قيودك وينتشلك من عالم شرير يتظاهر بالطيبة،أيقظي حواسك الغافية على سيمفونية اللامساوة، وابحثي عنها في دهاليز الحق.... اذهبي فالسماء لا تمطر احتراما.

يقول الشاعر الإسباني (خوسيه ييرو):

(جاء اليسر بعد العسر

علمني الألم أن الروح تسري

وبرغم الألم، وفي مملكتي الحزينة،

كانت تشرق شمس خفية)

تقول زينب: هل نستطيع أن ندُق في خاصرة الجهل أوتاد النور؟

الرياض Zienab777@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة