Culture Magazine Thursday  23/04/2009 G Issue 280
تشكيل
الخميس 27 ,ربيع الثاني 1430   العدد  280
وميض
الخبرة والحداثة
عبدالرحمن السليمان

 

المعارض على عددها وتنوعها تعني نشاطا وتعني حيوية وعادة نعيش مع بعضها ونختلف مع بعضها، ونجد في معارض أخرى تحصيل حاصل لا جديد ولا إضافة، إنما تواجد وبأي شكل!!

الساحة التشكيلية في المملكة عريضة ومتسعة من شمال البلاد حيث الجوف وسكاكا وغيرها إلى جيزان وأبها، ومن الدمام والأحساء والخبر والقطيف إلى المدينة المنورة ومكة وجدة والطائف، إضافة إلى العاصمة والقصيم وحائل والدوادمي وغيرها، ولكل من هذه المدن فنانيها ومبدعيها، روادها وأجيالها الشابة بجانب محبي الرسم والفن عموما وممارسيه، كل ذلك قد يعني حضورا تشكيليا متنوعا بناء على الثقافة والإمكانية والخبرة والمكان ومعطياته، لذا من الطبيعي أن تكون الأنشطة والمعارض متنوعة ومختلفة وأحيانا متباينة، لا ضير في ذلك فالأمر طبيعي وليس لنا أن نقارن أنشطة تقام في جدة بأنشطة تقام في مدينة أخرى ظهر أبناؤها على الساحة للتو. مدينةٌ الأنشطة التشكيلية فيها تقارب الخمسين عاما إلى مدينة لا يتجاوز عمر الأنشطة فيها خمسة أعوام، قد يقول قائل ولماذا؟ الإبداع لا يقاس بالأعمار فمن الممكن أن يبدع موهوب يصغر آخر بنصف عمره؟

نعم كل ذلك جائز لكني أقيس على العموم، أقيس على تاريخ المكان وعلاقته بالفن والنشاط الفني، فعندما نأخذ جدة مثالا فسنجدها تتعدى كثيرا من المدن الأخرى بل إن الفن هناك ووجوده يعود إلى عقود تتعدى عمر ما هو موثق أصلا، هذا إذا لم يكن أكثر، فالجاليات القادمة من بعض الأمصار للحج أو العمرة واستقرار بعضها في عقود سابقة جلبت شيئا من ثقافتها وتبنته في مقر إقامتها لذا نجد بعض المدن تختلف عن غيرها في جوانب عديدة.

من الطبيعي أن البدايات الأولى عادة ما نتحمس لها ونمنحها كثيرا من الاندفاع بل ونسعى إلى تأكيدها بتواصل الأنشطة والتنافس ما بين الفنانين وكذلك التعاون ما بين الفنانين أنفسهم.

إذا فالمعرفة والخبرة لهما أثرهما وانعكاسهما وتأثيرهما.

يحدثني أحد الأصدقاء الفنانين التشكيليين من كبار السن وكبار المستوى الفني، يقول: كنت صغيرا وكنت أشاهد أعمال أخي الذي يكبرني وابن خالتي أيضا وكانا يرسمان وعيناي تحدقان في هذه القدرات الكبيرة بحسب مستواي آنذاك كنت أسعى لتقليدهما وكنت أتمنى أن أصل إلى مستوى أحدهما.. كانا يرسمان شيئا خرافيا حينها، تعلقت بالفن وسعيت أن أتعلمه في معهد متخصص، عندما التحقت بالمعهد الفني ودرست الفن على أيدي كبار فناني الدولة وجدت نفسي في تقييم آخر ومختلف لما كنت أراه، تغيرت نظرتي عما كانت عليه في السابق، وجدت في أعمال الاثنين إنتاجا فنيا لم يعد ذلك الذي يبهرني كثيرا وإن لم أختلف على أنه إبداع جميل، إذن فنحن جميعا وهذا بديهي نصل إلى مستويات تختلف نظرتنا بعدها إلى ما كنا عليه، وغالبا حتى على مستوانا الشخصي ومستوى ممارستنا الفنية إذا اخذنا في تقييم انفسنا ما بين بعض المراحل، وبمنتهى الصدق.

أحد الفنانين الشباب يحدثني بنفس الإحساس كان يرى أساتذته ومن هم أكبر منه سنا من أبناء قريته كبارا وكان يرى في أعمالهم وأفكارهم ما يتطلع إلى أن يصل إليه، يقول: كنت أعتبرهم مثالا وقدوة فنية وكنت أتبنى أفكارهم وأحيانا أدافع عنها، لكنه بعد دخوله معترك الفن ودراسته الفنية تنامى إحساسه الفني وتنامت تجربته وثقافته البصرية، أخذت تقييماته للآخرين ولمستوياتهم تتغير والسبب؟ أنه هو تغير وللأفضل طبعا.

لا يمكننا القياس أو المقارنة إلا بالخبرة والمعرفة والثقافة، ولعل مواهب تظهر هنا أو هناك تتجاوز من يأتون بعدها.

حديثي هنا يتجه إلى تعميم يعني مدينة عن أخرى، وفنانون عن فنانين، عليه فمن الطبيعي أن تكون بعض مدننا تتجاوز غيرها في عدد القاعات وعدد المقتنين والداعمين أيضا، دعم بقناعة بدور الفن وأهميته في حياة المجتمع خلاف دعم المجاملة الذي يمكن أن يقدمه رجل أعمال أو مؤسسة إلى عمل فني مشترك (معرض) لمجموعة من فناني بلدة أو قرية أو حتى مدينة من باب التشجيع.

aalsoliman@hotmail.com الدمام

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة