Culture Magazine Thursday  25/06/2009 G Issue 289
مداخلات
الخميس 2 ,رجب 1430   العدد  289
أسئلة حول الثقافة ودور النادي الأدبي

 

مع الصيف: يأتي البيات واختلاق المواضيع لطرد النعاس والخمول الذي يتلبسنا، ونعيد صياغة برامجنا الخاصة مع الأصدقاء والأسرية مع مساحة من الفراغ الذي تتولد نفسيا مع نهاية العام الدراسي.

والأدب والفكر وبمعنى أشمل الثقافة هذا الحراك الإنساني ينكمش وإن يطل خبر من هنا عن محاضرة وإعلان عن مشروع كتاب ونبش لذاكرة تتطلع إلى أن لا تنسى مخزونها.

والثقافة في المملكة العربية السعودية بعد ربطها بوزارة الثقافة والإعلام عام 1424هـ تقوم بإعادة صياغة نفسها من خلال برنامج لم يعلن عنه انما هي اجتهادات إدارة استحدثتها وزارة الثقافة والإعلام ولم تحدد أهدافها فهي في الوزارة أي وزارة الثقافة والإعلام هدف بينما كانت في تفرقها سابقا نشاط مساند وإن كان في الرئاسة العامة لرعاية الشباب تبرمج من نشاط جانبي إلى هدف مع قيام الأندية الأدبية والجمعية العربية السعودية للفنون له ميزانيته الخاصة ونظامه.

إذا نحن نعيش حالة من التخبط الذي معه أصبح الشأن الثقافي الذي مكونه الأساسي الفرد بطموحه ومشاعره ولنا في هذا تاريخ مؤثر قاده محمد حسن عواد وحسن عبد الله القرشي وعبد الله عبد الجبار وعبد الله بن خميس وعبد الله بن إدريس وعبد الله الشباط وسعد البواردي وسميرة بنت الجزيرة العربية وثلة شاركت بتطلعها وفكرها وأدبها في حوار عربي شامل من خلاله قدمت نفسها كمكون ثقافي.

والراصد للحركة الثقافية يجد تاريخنا زاخر بالتطلع لحياة أفضل وما يقوم به اليوم الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي من جمع المتناثر في إصدارات تؤرخ هذا الفعل القائم على الوعي بالعقل والوعي بالقلب بمنجز أدبي جاء في ثوب قصيدة وجاء في قميص قصة قصيرة وجاء في عباءة بحث أو مقال اثر ان يحمل الرأي قبل أن ينقل التأثر والأثر ليقول إنه مثقف.

وهنا أبحث عن دور مؤثر للنادي الأدبي الذي كان تحت إشراف الرئاسة العامة: تقول المادة الثالثة من نظام الأندية الأدبية والثقافية الصادرة بموجب قرار رقم (46) وتاريخ 7-5-1395 هـ الذي وقعه الرئيس العام لرعاية الشباب فيصل بن فهد بن عبد العزيز:

(للنادي الشخصية الاعتبارية ويباشر اختصاصه وفقا للائحة الداخلية التي يضعها مجلس الإدارة وأن يكون اتصاله مباشرا بالرئاسة العامة لرعاية الشباب) وهذه المادة مع وضوحها فقد جاء منطوقها يقدر الأعضاء إنسانيا سنا وفكريا وتاريخ أدبي ففي مقدمتهم أعمدة الفكر والأدب عند التأسيس محمد حسن عواد وعزيز ضياء ومحمد احمد العقيلي ومحمد علي السنوسي ومحمد هاشم رشيد وعبد الله بن محمد بن خميس وأحمد السباعي.

وتم احترام هذه الشخصية الاعتبارية فكانت زيارات ممثلي إدارة الأندية الأدبية استشارية لمناقشة المعوقات والسعي لتحقيق المطالب ودعمها عند الجهات الحكومية الأخرى.

وفي كل ناد تشكلت قاعدة الأعضاء-عضو مؤسس-عضو عامل-عضو منتسب وسجلات ومنشورات كل ناد أدبي تضم هذه الأسماء وكمثال كتابي الذي يحمل اسم (نادي الطائف الأدبي-مسيرة وتاريخ) الصادر عام 1414 هـ تضم صفحاته قائمة بأعضاء النادي (ص 21 إلى 24) وهذه القائمة نجدها في إصدارات باقي الأندية.

وتقول المادة (16) من النظام: (يدير شؤون النادي مجلس إدارة مكون من رئيس وأربعة أعضاء إلى ستة على الأكثر يتم اختيارهم من الأعضاء العاملين) ومع هذه المادة أدار النادي الأدبي بعد تسجيل النادي الأعضاء المؤسسون في اجتماع مناقشة انطلاق النشاط وكمثال نادي الطائف الأدبي حضر من الأعضاء المؤسسون سبعة وتغيب أربعة لمشاغلهم الخاصة والعملية فكان توزيع المهام بينهم حتى كان انعقاد الجمعية العمومية فجاء المجلس المنتخب وفق المادة (2) من النظام (مدة المجلس أربع سنوات ويجوز تجديده لفترة أخرى مماثلة ولمرة واحدة فقط بقرار من سمو الرئيس العام لرعاية الشباب..وفي حالة تكوين مجلس إدارة جديد تجتمع الجمعية العمومية وينتخب من بينهم المجلس الجديد وفقا للنظم المتبعة).

انطلاق الأندية الأدبية جاء عام 1395هـ فأثرت الساحة الأدبية والفكرية ببرامجها المنبرية وأثرت المكتبة العربية بإصداراتها المتنوعة وأثرت الحوارات في الصحف بنقاط ايجابية نختلف حولها ونتفق معها وتحول حوارنا داخل النادي الأدبي إلى المجالس الخاصة والمقاهي كما غدا مطلب المثقف العربي في القاهرة ودمشق وبيروت وتونس ومراكش حيث استجاب كل ناد أدبي للمطالب التي تصله في تواصل معرفي قائم على العطاء والخلق والمشاركة بدلا من التلقي.

ولم يسلم هذا الحراك الذي يشرعه نظام الأندية الأدبية وقد تبدل دور إدارة الأندية الأدبية من صلة وصل واستشارة إلى مراقب يصدر التوجيهات وقد أهملنا في النادي الأدبي المادة (11) من النظام التي تقول (تحدد اللائحة المالية فئات الاشتراك لكل نوع من أنواع العضوية وطريقة تحصيلها وفقا لما يقرره مجلس الإدارة) كما تساهلنا في الإهداء للمطبوعات مما لم يساعد على التعاقد مع شركات للتوزيع لبيع المطبوعات وكل هذا أفقد النادي مردودا ماليا فصلته المادة (13) من النظام التي تقول:

تتكون مالية النادي من:

ا- رسوم الالتحاق أو الاشتراكات

ب- الإعانات الحكومية

ج- التبرعات والهبات من داخل البلاد

د- أية إيرادات أخرى

فاستغلت الإدارة العامة للأندية الأدبية هذا التساهل الإداري واعتمادنا على الدعم الذي تقدمه الحكومة من خلال الرئاسة العامة لرعاية الشباب فكان التدخل الذي قاومناه بوسائلنا الفكرية والأدبية وإن اختلف سياق التآلف داخل كل ناد فتولدت معطيات خوف ومعطيات بأهمية إلغاء الشخصية الاعتبارية:

1- تم عمل ضوابط مالية موحدة للأندية ألأدبيه، بموجب قرار الرئيس العام لرعاية الشباب رقم(318) وتاريخ 28-1-1403هـ، وهي (جزء مكمل للائحة الصادرة بقرار سمو الرئيس العام لرعاية الشباب رقم (46) وتاريخ 7-5-1395هـ) تحدد مكافأة الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة واللجان.

2- أعد مدير إدارة الأندية الأدبية خطة سير العمل في الأندية الأدبية، تعتبر مرشدا لعمل موحد.

3- صدر تعميم مدير الأندية الأدبية رقم (11915) وتاريخ 15-7-1409هـ بأن النشاط المسرحي والتمثيلي لا يدخل ضمن نشاط النادي الأدبي.

4- في عام (1409هـ) صدر تعميم عاجل بمنع حضور النساء نشاطات الأندية الأدبية

(وخصوصا الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية التي تقيمها النوادي الأدبية حتى ولو كان في غرفة مجاورة أو من خلال دوائر تلفزيونية مغلقة).

5- في عام 1406 صدر تعميم مدير الأندية الأدبية يطلب فيه من الأندية الأدبية.

(إشعارنا بطبيعة نشاطات اللجان وأسماء أعضائها قبل تكوينها وعند الرغبة في تغييرها حتى يتم العرض لسمو الرئيس العام للموافقة عليها).

هذا التوجه الجديد في الإدارة العامة للأندية الأدبية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب لم يصل إلى التدخل المؤثر في سير كل نادي.

واليوم ومع انتقال الأندية الأدبية كان الحديث حول العمل فيها وتحديثها في الصحف وما تسربه وزارة الثقافة والإعلام يرسم معالم جديدة لمسيرة النادي الأدبي انطلاقا من ارث ومؤسسة قائمة فكان التعامل الإداري البحت الذي تجاوز قاعدة معلومات كل ناد وتجاوز نظام الأندية الأدبية الثقافية فكان تعيين مجالس الإدارة وحضور وكيل الوزارة الاجتماع الأول للعشرة المعينين لمراقبة توزيع المناصب وكنت اعتبر ذلك تدخل ولن يتكرر وإذا بالممثل الرسمي لوزارة الثقافة والإعلام يحضر بقوة في الندوات التي تقام كما ان أعضاء مجلس الإدارة لا يملكون صلاحية قبول استقالة عضو المجلس واختيار البديل.

وعقد لقاء تكرر لصياغة نظام جديد للأندية الأدبية ولم يرى النور مع ثلاث سنوات من الاستقطاب؛ ويشاع اليوم ان النظام يحتاج إلى دراسة وإعادة نظر ومعه يتطلب تمديد المجالس المعينة لدورة ثانية.

أنها الثقافة التي هي صياغة وعي اجتماعي عام تقف على مفترق الطرق اليوم لا أنكر النشاط القائم والمؤثر الذي يبرمجه نادي الرياض الأدبي وكذلك نادي المنطقة الشرقية ونادي حائل الأدبي.

إنما هذا لا يعفينا من طرح الأسئلة: أين نظام الأندية الأدبية الثقافية الذي اعتمده الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب وأين تجربتنا منذ عام 1395 هـ في هذا المجال بما شابها من أخطاء ووافقها من النجاحات وقد رصد هذه التجربة من بحث الدور الهام للنادي الأدبي:

1- كتاب الأندية الأدبية في سطور: مطبوعات نادي الطائف الأدبي عام 14.7هـ-1987م

2- كتاب مسيرة الأندية الأدبية: مطبوعات النادي الأدبي الثقافي بجدة عام 1419هـ

3- كتاب الأدب والأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية: تأليف جهاد فاضل وقدم له عبد الله بن محمد الشهيل، المدير العام للأندية الأدبية عام 1998م.

4- كتاب حركة النشر في الأندية الأدبية الثقافي بالمملكة العربية السعودية دراسة وتحليل فهد بن سيف الدين غازي ساعاتي- مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية 1420هـ-2000م

ان إنكار التجربة يخلق عدة أسئلة: هل ما زلنا في مرحلة تجريب وموازنة بين خطط الحكومة في التنمية ودور المجتمع المدني من خلال مؤسسات النفع العام؟ إن تحويل الثقافة إلى هاجس دولة تجاوزته المؤسسة الحكومية بعد ان تشكلت سياسيا واقتصاديا في فضاء حر فيه يستطيع المواطن بما يملك من حقوق وبما عليه من واجبات وطنية قائم على احترام الأنظمة. تقول المادة التاسعة والعشرون من النظام الأساسي للحكم: (ترعى الدولة العلوم والآداب والثقافة وتعنى بتشجيع البحث العلمي، وتصون التراث الإسلامي والعربي، وتسهم في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية) وتقول المادة الثانية من نظام الأندية الأدبية الثقافية: (يهدف النادي إلى نشر الأدب والثقافة بين أعضائه ونشر الوعي بين الجماهير وله أن يتخذ كافة الوسائل لتحقيق هذه الأهداف بما يلائم عقيدتنا وتقاليدنا) نحن اليوم أمام إنجاز قائم مرتبط بمطمح ومطمع الأدباء والمفكرين من خلال المنتج الخاص الذي معه ينمو الوعي والحس الثقافي المرتبط بالذائقة الخاصة والعامة في حراك تبادلي يدل على الحياة.

والمراوحة في إعادة قراءة الهدف تعطيل للمشاركة التي هي منطلق قيام الأندية الأدبية إذا ونحن نوحد الجهة المعنية بالأمر لا يعني سلب الأدباء والكتاب بيتهم واشتراط المشاركة في الإدارة والفعل على إدارة المنتج بل لحمايته من التوقف والعمل ضد حالة الانكسار وكسب المجابهة في ساحة الإبداع الأدبي والفني من خلال إزاحة الغبار عن الذهن الاجتماعي ورهان التحديث لتنفتح ثقافتنا على العالم الذي نستفيد من آلياته الإبداعية فنتاجنا ضارب في خلجات النفس وينمي شخصية الفرد ويبلور هوية المجتمع.

من هنا تأتي أسئلة البحث عن الثقافة ودور النادي الأدبي من خلال الأعضاء والرواد في زمن تتشكل صور في إهاب أحاديث مجالس ونقاش صحفي لم يرتق إلى المنجز ماذا تريد وزارة الثقافة والإعلام من النادي الأدبي الذي قام عام 1395هـ وفق هدف عام سعى له الأدباء والكتاب فحقق نظامه مطالبهم العفوية في تجربة مذهلة ركض بعضنا للحد من هدفها في زمن فلم يتمكن. وهاهي تضيع المعالم في حقبة كانت مطلبا لتصبح فجيعة.

محمد المنصور الشقحاء

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة