Culture Magazine Thursday  28/05/2009 G Issue 285
فضاءات
الخميس 4 ,جمادى الآخر 1430   العدد  285
عفواً إنها الحقيقة
الأدباء الملوك والأديب الصعلوك
قماشة العليان

 

وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني تحوي طرفة برسوم كاريكاتوريه تبين فيها الفرق بين طفل آل vip وطفل الحواري والأزقة والشوارع الخلفية.. لا أدري لما ربطته في ذهني بالفرق بين الكاتب والأديب المنعم في الدول المتقدمة وبين الأديب في دول العالم الثالث!!.. بدء من الظروف المحيطة وحتى الدعم المادي والمعنوي.. الأديب هناك يحاط بالعناية والاهتمام واحترام يكاد يصل للتقديس من رجل الشارع وحتى اكبر مؤسسة في البلاد.. وفي دول العالم الثالث يحاط بالريبة والشك والتوجس ولا يتورع أحد (أي كان هذا الأحد) أن يشكك في نواياه وانتماءاته وأن ينخر عمله الأدبي نخراً بحثاً عن خيط يقود إلى حياته الشخصية وما فيها من خطايا ورزايا وان هذا العمل هو سيرته الذاتية مسطرة في كتاب..

ولا يكاد الأديب يلتقط أنفاسه من المتشككين حتى تبدأ الحروب تنقض عليه من كل حدب وصوب بمسميات ومستويات مختلفة.. حروب نفسية وكتابية وشخصية ومؤسساتية.. حروب من الزملاء بغرض المنافسة الغير شريفة والتي تتخذ مناحي عدة.. وحروب من الناشرين الذين يمتصون عرق وجهد الأديب ثم يلقون إليه بالفتات الذي لا يقيم له أود وكم سمعنا عن أدباء معوزين يتوسلون ثمن الدواء رغم مؤلفاتهم المتعددة.. ثم حروب من المؤسسات التي وضعت من الدولة لخدمة الأديب مثل النوادي الأدبية وذلك بتجاهله وظلمه وتحطيمه وإقصائه.. وحروب من داخل العائلة لشعورهم بأن الأدب هو مضيعة للوقت (وليس فيه أكل عيش) كما يقال.. ثم حروب من النقاد وهجومهم على العمل الأدبي والذي يتعداه أحيانا لشخص الأديب.. هذا عدا العمل الذي يعمل فيه الكاتب ويعتاش منه وإحباطاته المستمرة بين تسلط الرؤساء وغيرة الزملاء.. أيضا ضغوط العمل وعدم تفهم من الجميع لطريقة تفكيره التي تخرج من حدود النمطية والمألوف..

فلنتصور هذا الأديب بشخصيته الحساسة الشفافة وكيف يصمد بل كيف يكتب ويبدع في هذا الأجواء القاتلة لكل إبداع.. بينما نرى أدباء وكتاب الدول المتقدمة (الأدباء الملوك) وهم ينعمون بكل الدعم المعنوي والمادي.. فالكاتبة البريطانية جي كي رولينغ التي الفت سلسلة (هاري بوتر) الشهيرة تلقى كل تقدير واحترام في وطنها وقد وصلت أرباحها إلى أرقام خيالية حتى أنها فاقت 300 مليون دولار..

وهناك ثلاثة روائيين أمريكيين يحصلون على ثلاثة ملاين دولار كعربون قبل نشر رواياتهم بل قبل تأليفها أيضا وهم (جوديث كرانتز وادموند موريس وجيمس كلافيل.. وفي بريطانيا تجد لافتات على المباني وضعتها البلدية مكتوب فيها (هذا البيت كان يقيم فيه الكاتب فلان ,أو الشاعر فلان.. أيضا تسمى الأحياء والشوارع بأسماء الأدباء.. وفي فرنسا يحتفلون بمرور الأعوام على ميلاد أو وفاة مشاهير الكتاب والشعراء.. وغيرها الكثير من سبل الدعم المادي والمعنوي والتي تشحن المبدع بطاقة خلاقه تفجر ملكاته الإبداعية ويقدم لوطنه بالتالي أفضل ما لديه والذي يرفع من مستوى التقدم والازدهار في الوطن ككل.. أدباؤهم كالملوك لفرط العناية والاهتمام بهم وبإبداعاتهم ونحن كالصعاليك نتسول كل شيء من طلب اتحاد أو رابطة تجمعنا كأدباء وحتى بطاقة لحضور معرض الكتاب الذي ما وضع إلا لنا ومن أجلنا.!!.

هنا وهناك.. كلاهما مبدع وبحاجه ماسة للاحتضان والتفهم والدعم وإدراك الناس لدوره الأساسي في نهضة المجتمع وتقدمه ورقيه..

إنها استغاثة للجميع..ارحموا الكتاب والأدباء ولا تقتلوهم برصاصة الرحمة فإنهم يبنون أمجاد الأمم..

الخبر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة