Culture Magazine Thursday  28/05/2009 G Issue 285
حوار
الخميس 4 ,جمادى الآخر 1430   العدد  285
سوزان ستينكيفتش أستاذ الأدب العربي بجامعة أنديانا لـ« المجلة الثقافية »:
من الصعب إزالة آثار 11 سبتمبر من العقلية الأمريكية

 

الثقافية - القاهرة - أحمد عزمي:

سوزان ستينكفيتش تعمل أستاذ للأدب العربي بجامعة أنديانان الأمريكية، وذلك منذ حصولها على الدكتوراه في الأدب العربي الكلاسيكي من جامعة شيكاغو في العام 1981، ومن أبرز مؤلفاتها (الشعر والشعرية في العصر العباسي) و(الشعر الجاهلي وشعرية الطقوس) و(أدب السياسة وسياسة الأدب) وهذا لا ينفي أنّ د. سوزان أنجزت دراسات أدبية عن أشعار صلاح عبد الصبور وعبد المعطي حجازي والشاعر العراقي بلند الحيدري، إضافة إلى دراسات أخرى عن روايات لنجيب محفوظ وبهاء طاهر وعلاء الأسواني، (الجزيرة) التقتها أثناء زيارتها للقاهرة وأجرت معها الحوار التالي.

كيف بدأت علاقتك بالثقافة العربية؟

- ولدت في شلالات نياجرا، في نيويورك، وفي المرحلة الثانوية، كنت أكتب شعراً بالإنجليزية يتناسب وفترة المراهقة، وكانت الحياة الأمريكية منفتحة تجاه مختلف التيارات العالمية، وعندما حصلت على الليسانس في تاريخ الفنون الجميلة عام 1972، درست - مصادفة - تاريخ الشرق الأوسط، وشيئاً فشيئاً وجدتني أميل إلى دراسة الشعر الكلاسيكي، الذي كان يتميز بلغته الصعبة، حيث تحتاج كل مفردة من مفرداته إلى استخدام المعاجم العربية.

وقبلت التحدي، ووجدتني أسير في بحوثي بخطوات ملموسة، لدرجة أنني أصبحت أقرأ النصوص الشعرية الكلاسيكية العربية، بدون صعوبة، وقد ساعدتني دراستي للغة اللاتينية على شق طريقي في الثقافة العربية الكلاسيكية، حيث هناك تشابه في بناء الكلمات والصيغ الصرفية والنحوية، ما مهد أمامي الطريق لدراسة الأدب العربي القديم، وعشق هذا النوع من الأدب.

لماذا اخترت (أبو تمام) للدراسة في أطروحتك للدكتوراه؟

- (أبو تمام) يمثل حركة حداثة شعرية عربية مبكرة، ويمثل ثورة في علم البديع الشعري تكاد تعادل ثورة الفكر الفلسفي عند المعتزلة والمتكلمين، وعلى رأسهم (الجاحظ) الذي كان لديه ثراء لغوي، وإذا كان المتكلمون قد صاغوا مصطلحات جديدة مثل (الماهية) يعني الوجودية، وإذا كان (الخليل بن أحمد الفراهيدي) قد وضع أسماء بحور الشعر العربي، فإنّ الريادة في علم البديع كانت لأبي تمام، الذي كان يمثل حلقة مبكرة من حلقات الحداثة في الثقافة العربية، شغلت الناس، ولفتت إليها الأنظار.

ما الصعوبات التي واجهتك في دراسة اللغة العربية؟

- الطلاب الأمريكيون - بشكل عام - ليسوا مستعدين لإتقان أي لغة جديدة، حتى الإنجليزية، ونحن في أمريكا لا ندرس علم النحو مثلاً، وعندما بدأت دراستي للغة العربية، بدون النحو، اكتشفت أنني أكتب لغة عربية ركيكة، ولكن عندما عكفت على دراسة النحو العربي لمدة عامين متتاليين، كتبت بلغة عربية سليمة وفصيحة، وتوافرت لدي الإمكانات الهائلة للتعبير، فمن المستحيل دراسة اللغة العربية وإتقانها بغير دراسة علم النحو العربي.

ألا يختلف النحو العربي عن نظيره في الإنجليزية؟

- اللغة العربية أصعب، لتعدد تصريفاتها ومشتقاتها، ووجود العديد من البدائل والمترادفات للكلمة الواحدة، لكن الطالب الذي يفهم النحو الإنجليزي، وهذا شيء نادر، وكذلك الطالب الذي يدرس اللغة اللاتينية، على أساس إتقان المفاهيم المطلقة للنحو، تكون لديه الإمكانات والقدرات لكي يدرس النحو العربي ويستوعبه، ومن ثم إتقان اللغة العربية الفصحى، وهي الأكثر عراقة حيث لا يقل عمرها عن 17 قرناً.

أما اللغة الإنجليزية، فعمرها لا يتعدى أربعة قرون، حيث يؤرخ لها ابتداءً من شكسبير في القرن السادس عشر، ولا تصح المقارنة بينهما، فاللغة العربية أقدم اللغات السامية.

وماذا عن علاقتك بالأدب العربي الحديث؟

- تخصصي الأساسي هو الأدب العربي القديم، لكنني أقدم دراسات عن الأدب العربي الحديث، حيث أنجزت دراسات عن أشعار صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي وبلند الحيدري، وفي مجال الرواية كتبت أبحاثاً عن ثلاثية نجيب محفوظ، والتي أعدها أفضل أعماله، إضافة إلى علاء الأسواني، الذي يكتب بجرأة لافتة، ويغوص في أعماق مجتمعه، ولكني غير مقتنعة بالحبكة الروائية لديه، وإن كان لديه منظور فريد عن حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وكذلك قدمت دراسة عن رواية (قالت ضحى) لبهاء طاهر، التي أعدها أفضل أعماله على الإطلاق.

ما مدى إقبال الطلاب على دراسة اللغة العربية في جامعة أنديانا؟

- في مرحلة الليسانس يوجد ثلاثمائة طالب في قسم اللغة العربية، وفي مرحلة الدراسات العليا هناك خمسون طالباً، يدرسون اللغة العربية والدراسات الإسلامية واللغويات، وفي فرع الأدب العربي يوجد اثنا عشر طالباً، معظمهم قادمون من البلدان العربية كالسعودية والكويت ولبنان وفلسطين.

كيف تنظرين إلى ترجمة الأدب العربي في الغرب؟

- الأمريكيون يقبلون بشغف على أشعار جلال الدين الرومي، ليس لأنهم متدينون، ولكنهم يميلون إلى الصوفية، وفي مجال الرواية هناك ترجمات لأعمال نجيب محفوظ، التي انتشرت، خصوصاً بعد حصوله على جائزة نوبل في العام 1988.

وكيف ترين دور الأدب في مسألة الحوار بين الأمم والثقافات المختلفة؟

- نحن ندرك خطورة القرارات التي يتخذها الساسة، وعلينا كأدباء ترسيخ مفهوم الحوار وقبول الآخر في المناهج الأدبية والمؤتمرات الثقافية لتخفيف حدة التوترات السياسية، وتفعيل دور الأدب ليكون جسراً بين الثقافات.

تغيرت نظرة الغرب للعرب، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.كيف يمكن تصحيح هذه الصورة من خلال الأدب؟

- من الصعب إزالة آثار هذا الحادث من العقلية الأمريكية، الذي يوصف في الأوساط الثقافية بأنه (جريمة إسلامية) وهذا انعكس بالسلب على المسلمين المقيمين في أمريكا، من حيث المضايقات الأمنية ونظرات الشك والريبة المصوبة إليهم باستمرار لكن هذا الحادث أيقظ الرغبة في قلوب الأمريكيين لدراسة الثقافة العربية، وارتفع عدد الطلاب الدارسين للغة العربية بجامعة أنديانا، لمعرفة ثقافة هذه المنطقة، وهذا الحادث فتح الباب للإقبال على تعلم اللغة العربية.

وأتصور أنّ هذه الخطوة ستثمر نتائج إيجابية في نهاية المطاف، لأنّ هناك إقبالاً متزايداً على دراسة الثقافة العربية.

هل أنت راضية عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟

- بالطبع لست راضية عن تلك السياسية التي تكيل بمكيالين، وتنحاز انحيازاً سافراً لإسرائيل، ولا أسمع كلمة حق إزاء حقوق الفلسطينيين في وسائل الإعلام الأمريكية، وهناك تعتيم على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة