Culture Magazine Thursday  30/04/2009 G Issue 281
تشكيل
الخميس 5 ,جمادى الاولى 1430   العدد  281
من الحقيبة التشكيلية
رغم اهتمام الإعلام بالتشكيليين الرجال
القرن العشرون شهد أكبر عدد من التشكيليات في عالمنا العربي

 

إعداد: محمد المنيف

في موضوعنا لهذا الأسبوع وفي الحلقة الرابعة من مسيرة المرأة في الفنون التشكيلية نذكر أن بدايات التحول في عالمنا العربي نحو الفنون التشكيلية بمفهومها العالمي كان من خلال اللوحة المسندية أول القادمين لنا من فنون أوروبا وأمريكا من إبداعات عصر النهضة، لهذا وجدت اللوحة قبولا وممارسة من قبل الفنانين العرب حيث أخذ التشكيليون الرجال حقهم في التعامل معها إلى أن بدأت المرأة بالمشاركة والمساهمة وصولا إلى وقتنا الحاضر المتسم بالمنافسة.

مع ما يجب الإشارة إليه بكل اعتزاز أن حضارتنا الإسلامية والعربية لم تكن خالية من الفنون التي أصبحت مصدر إلهام للغربيين المستشرقين إلا أنها وصفت بالفنون النفعية لعلاقتها بتجميل المساجد والمنسوجات والمصنوعات اليدوية في الأسلحة والأواني مع ما تبع ذلك من فنون تجميل الأبنية التي تتنوع حسب كل بيئة، وهذا يؤكد امتلاكنا لفنوننا قبل أن تصدر إلينا الفنون الغربية وأتباعنا لها أكثر من اهتمامنا بتطوير فنوننا الأصيلة.

بعد هذه المقدمة المختصرة التي تتوازى مع اختصاراتنا لهذه الحلقات التي ستكون قريبا أكثر توثيقا للطرح في كتاب شامل عن دور المرأة في الفن التشكيلي العالمي والعربي والمحلي ننتقل إلى حلقتنا لهذا اليوم لنبدأ منها برصد حضور المرأة العربية في مضمار الفنون التشكيلية التي قال الكثير من الباحثين والكتاب والنقاد أن دخولها بدأ منذ منتصف القرن العشرين مع الأخذ في الاعتبار أن الآراء قد تختلف أو تتبدل حسبما يتم اكتشافه من تواريخ تؤكد وتصحح الأحق بالأسبقية لأي من التشكيليات.

أسبقية حضور الرجل.. ومنافسة المرأة لا يختلف أي منا على أن بداية رحلة الفن التشكيلي الحديث والمعاصر في عالمنا العربي لم تأت تسلسلا من تجارب أو محاولات في قرون سابقة كما هي في أوروبا وأمريكا نتيجة لعوامل كثيرة من أبرزها اهتمام الإنسان العربي خاصة والمسلم بشكل عام بالفنون المرتبطة بالمنفعة والكسب أكثر منها فنون للتوثيق أو الاقتناء عودا إلى اعتبار الرسامين في تلك الفترة بمثابة الفوتوغرافيين لقيامهم برسم الشخصيات الرسمية أو الغنية أو تجميل القصور بلوحات المناظر الطبيعية ومشاهد البيئة والحياة، كما هي فنون عصر النهضة وأصبح الاهتمام في حدود ما يتعلق بالصناعات أو أنماط البناء كما أشرنا في المقدمة إضافة إلى أن هناك تحفظا كبيرا حول رسم ذوات الأرواح كالإنسان أو الحيوان أو الطيور وخلافها، وإنما جاءت الفنون التشكيلية بمفهومها العالمي إلى عالمنا العربي تبعا لظروف الاستعمار ونقل الثقافات الغربية عبر الإرساليات التي لها تأثيرها الواضح في المغرب والجزائر وتونس مصر والشام والعراق وصولا إلى الخليج من خلال وجود فنانين ضمن تلك الإرساليات أو البعثات الذين أسسوا الفنون التشكيلية، وكان لهم التأثير المباشر وغير المباشر، من هنا أخذت الفنون التشكيلية في التشكل والتطور من جيل لآخر رغم قصر فترة نشأتها في العالم العربي مقارنة مع ما مرت به هذه الفنون من حضور وتبدل وتغير عبر قرون مضت في الدول الأخرى كما أشرنا، ومع أن ولادتها كانت نتيجة لوصول بعثات من تلك الدول خصوصا لبلاد المغرب أو الشام والعراق إذا علمنا أن أول معرض أقيم في مصر كان عام 1891م لمصورين أجانب والمعرض الثاني عام 1902م أما المعارض المصرية فكان أولها عام 1911م لم يذكر فيه أي مشاركة لعنصر نسائي في هذا المعرض، عودا إلى ما وجدته اللوحة من القبول والتفاعل والممارسة من قبل التشكيليين الرجال، بعدها وخلال فترة غير قصيرة بدأت المرأة في المشاركة من خلال سبل لا تختلف عما تحقق لسابقاتها من الرسامات الأوروبيات في عصر النهضة من تهميش وعدم قناعة مما غيبها عن المشاركة في كثير من المعارض وإن كان لها فرصة في العرض فلم يكن لها شهرة أو توثيق إلا بعد أن كثفت نشاطها وأثبتت وجودها ووجدت منصفين في الإعلام الصحفي من يسلط الضوء عليها.

رائدات التشكيل العربي الحديث عن المرأة في الفن التشكيلي عبر تلك القرون والمراحل لا يمكن أن تستوعبه مساحة مقيدة كما هي الصفحة التي نحتاج فيها للكلمة والصورة مما يجعلنا نلمح ونختصر مع ما نعد به في كتاب شامل بإذن الله لهذا، وكما كنا قد ألمحنا عن المراحل التاريخية السابقة قبل عصر النهضة وخلالها وصولا إلى القرن العشرين الذي أصبح للمرأة العربية موقع وحضور نستعرض في هذه الحلقة بعضا من الأسماء العربية الهامة من مختلف أقطار وطننا العربي ونعني بهم رائدات البدايات والتأسيس والحضور المبكر مع اعتذارنا لهن أي إخفاق في عدم ذكر أسماء لها دورها الهام في تلك البدايات.

رائدات التشكيل المصري

كما أشرنا في سياق الطرح السابق أن التشكيليات لم يكن حضورهن كثيرا إلا في بداية القرن العشرين حيث حظيت مصر والعراق وتونس والمغرب وسوريا بعدد لا بأس به من الرائدات نبدأ بالإشارة إليهن من مصر حيث أخذت الفنانة تحية حليم موقعها ومكانتها المتميزة بين التشكيليين درست الرسم على أيدي أساتذة مثل يوسف طرابلسى (لبنانى) وجيروم (يونانى) ثم تتلمذت على يد الفنان حامد عبد الله بمرسمه عام 1943 وبعد زواجهما عام 1945 سافرا إلى باريس حيث التحقا بأكاديمية جوليان عام 1949 حتى، 1951كما نجد أيضا الفنانة جاذبية سري التي كان حضورها في تلك الفترة تخرجت من المعهد العالي للبنات - قسم الفنون الجميلة - ببولاق 1948م، دبلوم التربية الفنية 1949م.

دراسات عليا مع مارسيل جرومير فى باريس 1951، وفى روما 1952 وكلية سليد جامعة لندن 1953- أما الفنانة عفت عفت ناجي فقد تخصصت في فن الرسم الحائطى (الفريسك وتلقت دروسا في تقنياته من أكاديمية الفنون الجميلة بروما) 1948 شاركت الفنانة في الحركة الفنية منذ عام 1928 ومعظم المعارض الجماعية العامة والقومية للفنانين المصريين بالداخل.

إضافة إلى الأسماء الأخرى التي نذكر منها، نازلي مدكور، أمينة عبيد، زينب السجيني، نعيمة الشيمي،، أسماء النواوي، جيهان رؤوف، زينات عبد الجواد، ليلى سليمان، فاطمة عبد الرحمن، دينا الغريب، سامية سمير، سهير عثمان، زينب سالم، إلى آخر المنظومة التي أصبحت اليوم تشكل عقدا فريدا على جيد التشكيل المصري والعربي.

رائدات التشكيل العراقي

وفي العراق أيضا وفي الفترة ذاتها مع ما يمكن أن يكون للبعض حضور مبكر إلا ان الغالبية بدأت في البروز والمشاركات في منتصف القرن العشرين منهن على سبيل المثال الرائدتان الأبرز في العراق الفنانة مديحة عمر التي يشهد لها بالإبداع والمساهمة في الفنون التشكيلية العراقية التي تعتبر أول تشكيلية تدخل هذا المضمار مع رفيقة دربها الفنانة نزيهة سليم التي عاشت في كنف عائلة ولعت بالفن التشكيلي وبرز منها كل من الفنانين جواد سليم, صاحب نصب الحرية الشهير في بغداد وشقيقها سعاد سليم وكذلك نزار سليم.

مع ما تبع ذلك من أسماء لا حصر لها من الأجيال الجديدة في مراحل متتابعة كان لها الكثافة في سنوات القرن العشرين الأخيرة نتيجة دخول المرأة لتشكيلية في الأكاديميات والمعاهد المتخصصة في الفنون التشكيلية.

رائدات التشكيل السوري

أقيم عام 1950 أول معرض عام ضمن العديد من التشكيليين السوريين وكان للمرأة نصيب كبير منه حيث شارك فيه كل من ،: منور موره لي، اورسلا كناني، اليانورا شطي، مسرة ادلبي،، منى اسطواني، ماري سابا، ،، دلال حديدي ،‏ لمياء باكير، مع غيرهن ممن كان لهن مساهمات في تلك الفترة قد لا يكون لهن مشاركات بهذا المعرض إلا أن تلك الأسماء تؤكد حضور المرأة المبكر في الفن التشكيلي السوري مع ما أتى تباعا في المراحل الأخرى من مسيرة الفنون التشكيلية السورية وأخذت فيه المرأة مكانتها ودورها المحلي والعالمي.

التشكيليات في السودان

لم تأت شهرة الفن السوداني وتميزه شكلا ومضمونا دون أن يكون للمرأة فيه دور لكونها الاقرب والاكثر عطاء في مجال الابداع الشعبي قبل ان تحتل الفنون التشكيلية بمفهومها العالمي مكانتها في السودان وتفرض نفسها على العالم وتحدد موقعها من بين مختلف الفنون لتميزها بالكثير من العناصر والمفردات التي ليس لها شبيه الا في القارة الإفريقية وهذا ما أنشأ الفن (الافروعرب) بكل فروعه وتنوعاته ومنها الفنون التشكيلية، لهذا كان للمرأة السودانية حضورها أيضا وفي التوقيت نفسه الذي انطلقت منه التشكيليات العربيات في القرن العشرين مهما تقدم التوقيت أو تأخر قليلا إلا أن للفنانة السودانية دورها الكبير نذكر منهن على سبيل المثال وكما ذكرته الكثير من الكتب الخاصة بالفنون والمعارض الفنانة الأستاذة كمالة التي أسست مدرسة فنية بعنوان الكرستالية إضافة إلى الأستاذة اميمة حسب الرسول والأستاذة وصال ضياء الدين التي قامت بدعم الفنون التشكيلية السودانية بتأسيسها مركزا ينظم معارض ومهرجانات عديدة في مجالات التشكيل المختلفة.

إضافة إلى الفنانات اللائي اشتهرن خارج السودان منهن في جنوب افريقيا، رجاء أوشي، والفنانة نهلة مهدي في أمريكا والفنانة نجاة الماحي في فرنسا،، ولا ننسى الفنانة إيمان شقاق، المتواجدة بأمريكا التي ساهمت بتأسيس موقع الكتروني للتشكيل السوداني على شبكة الانترنت.

للحديث بقية الحلقة القادمة سنكمل إطلالتنا على بقية الدول العربية لنصل منها إلى الخليج العربي وصولا ببقية الحلقات إلى دور المرأة السعودية في هذا المجال متمنين أن نجد من قرائنا الأعزاء أي تصحيح أو تعديل معلومة لنخرج بمحصلة تضيف جديدا للساحة التشكيلية وللقراء عامة التي حرصنا على تبسيط الطرح والاكتفاء بالإيجاز تبعا للمساحة لنفتح نافذة أو نضيء شمعة.

monif@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة