الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 20th September,2004 العدد : 77

الأثنين 6 ,شعبان 1425

ماذا يريد المثقف من ملتقى المثقفين؟
محمد بن عبدالرزاق القشعمي*

سؤال كبير.. وضخم وتصعب الإجابة عليه بمجرد عدد من الأماني أو الآمال.. ولكني أتصور أن وزارة الثقافة والإعلام عندما تبنت مثل هذا اللقاء أو الملتقى أو المؤتمر الذي سيجمع أو يجتمع بسببه الكثير من أبناء المملكة، كان ذلك ليناقشوا هذا الهم أو هذه القضية.. والتي يصعب أو يستحيل الوصول إلى مفهوم واضح محدد مقنع للغالبية وبمجرد لقاء أو مؤتمر.. فهذا الموضوع قد أُشبع بحثاً ومناقشةً ولم يتوصل فيه إلى حل مقنع.
ولكن يكفي من الملتقى أن يمهد الطريق وينقيه من الأشواك والنتوءات المعيقة، ويترك الزهور تتفتح بدون قمع أو وأد.. والبقاء للأصلح.
ثمة سؤال ابتداء: هل وزارة الثقافة والإعلام كجهة رسمية هي المعنية بالثقافة؟ وهل هي قادرة على تحمل هذه المسؤولية الكبيرة لوحدها؟
في اعتقادي أن الثقافة ثوب واسع بل إطار كبير يجب أن تتحمله كل المؤسسات الخاصة والعامة.. بدءا من المدرسة الابتدائية وحتى أعلى اكاديمية في البلد.. كل جهة مسؤولة عن الثقافة حسب قدرتها وإمكانياتها.. فهي الإطار الواقي والمحصن للمواطن من المزالق والانحرافات.. فإذا ارتفع وعي المواطن.. وعرف حقوقه وواجباته.. وعرف حدود حريته.. وبداية حرية الآخرين.. وعلاقته بالآخرين وبالوطن.. بدأت الثقافة تأخذ دورها، وشكلها الصحيح المطلوب.
إنني أطالب باستراتيجية شاملة للثقافة، وتحديد واضح للقيم من خلال الثوابت.. ولنبدأ بجد في غرس الثقافة بمفهومها الواسع في الجيل الجديد في المدرسة والشارع والمنزل.. نريد أن نستبدل ما اعتدنا عليه من (الكشتات) أو (القيلات) أو الرحلات في البر أو البحر بأن نذهب لننهل من
ينابيع ثقافية مفيدة لي ولابني وبنتي، نذهب لنشاهد مسرحية هادفة.. أو نحضر ندوة أو محاضرة أو معرضاً فنياً، أو نزور متحفاً يحتوي على تجسيد ناطق لواقع بُني على ماض مجيد.. لم يدركه أو يعايشه هذا الجيل.. يجب أن يعرف الأبناء معاناة من سبقوهم، وكيف وصل الوطن إلى هذا المستوى.. والمشقة التي تكبدها من معاناة وآلام.
نريد أن يُمكَّن الجميع من مصادر الثقافة ومناهلها الصحيحة، وأن تفتح الأبواب لتنمية مهارات الشباب وتفجير طاقاته بالإبداع الخلاق، وأن يمهد الطريق لكل مبدع ليأخذ طريقه وفق ميوله، وأن تكتشف المواهب وتوجه للأفضل.. أنا متفائل.. وأرى أن إقامة مثل هذا الملتقى بحد ذاته بداية صحيحة لعلاج ناجع بإذن الله، فمثلما حصل في العقدين الأخيرين من انتشار لثقافة (الكاسيت) وسرعة وصول المعلومة ب(الفاكس) وغيرها، وكذا كثرة المنابر والنشرات والحلقات والرحلات والتجمعات بالاستراحات.. وحشو عقول أبنائنا بمعلومات مكثفة عما لا يفيدهم في آخرتهم أو دنياهم، فتنسيهم إصلاح نفوسهم والسمو بها في معارج أعلى حتى تغدو شفافة وضاءة سمحة، ولا هي تفيد في إخراجهم جيلا عاملا منتجا متعاونا مع إخوانه لبناء وطنه ومجتمعه.. فصار وكدهم في تلك المعلومات أن يقسو قلوبهم، وينتقدوا مخالفهم، مما أفرز عددا كبيرا ممن غرست الكراهية في قلبه ضد الوطن والمجتمع، وبدأ التنافر والتباعد والبغضاء بين أفراد الأسرة، فتقطعت أوصالها وتفككت وظهر الغلو والتطرف.
إن الثقافة بمفهومها الواسع كفيلة بمحو هذه النظرة التشاؤمية الضيقة، وزرع الحب والتفاؤل والأمل.


* أديب وكاتب سعودي

الصفحة الرئيسة
الملتقى الأول للمثقفين السعوديين
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved