الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 20th September,2004 العدد : 77

الأثنين 6 ,شعبان 1425

أيها الملتقى هذا هو حالنا..فماذا ترى؟
زينب غاصب *
مال الجمال مشيها وئيداً
أجندلاً يحملن أم حديدا
رحم الله (المتنبي)، كأنه قرأ وضع ثقافتنا، فخرج بهذا التشخيص المبكر مع اختلاف الوضع والقصد من البيت الآنف الذكر.
نعم، هذه هي ثقافتنا، فمن المسؤول عن جهل طلابنا وطالباتنا برواد الفكر في بلادنا؟ ومن المسؤول عن تخلف أفكار شبابنا وشاباتنا، وهوسهم بالإعلام السطحي على مستوى الفضاء أو المجلات التافهة؟ ومن المسؤول عن معاناة المثقف وعزلته الثقافية داخل وطنه وخارجه؟
هذه بعض الأسئلة التي قد تدور في رؤوس المثقفين من الجنسين على حد سواء، وما أكثرها الأسئلة الواقعية والفرضية المزدحمة في عقولهم الحائرة في ظل الجمود والحركة الثقافية البطيئة.
هل من المعقول ونحن الوطن الذي أشرق منه ضوء التنوير برسالة الإسلام الداعية إلى نشر العلم، والمستوعبة لكل ألوان الثقافة أن تبقى ثقافتنا الفكرية من أدب، ونقد وشعر، ونثر، وقصة، وغيرها مجهولة على المستوى المحلي، لأن المثقف والمثقفة عندنا مازالا لا يجدان الوسيلة التي تجعل إنتاجهما الفكري حاضرا في كل أرجاء الوطن؟ ناهيك عن الجهل بها على مستوى الوطن العربي والخارجي.. ولعلي أورد هنا بعض الأمثلة التي تؤكد صدق ما أقول.
فمثلا: الإعلام المقروء الممثل في الصحف والمجلات المحلية يخضع بعضه للسيطرة من قِبَل رؤساء التحرير أو من ينوب عنهم، فلا يعطي للكاتب مثلا حقه من الانتشار؛ لأن الزوايا التي يطل من خلالها على القراء يوميا أو أسبوعيا محجوزة سلفا لمن يرتضيهم رئيس التحرير، بصرف النظر عن النصوص الجيدة التي قد تفوق طرح أولئك المعنونين أنهم النخبة، وإذا ما حاول الكاتب المشهود له بالطرح الجيد فليس من حقه المطالبة بأجر ما كتب، بينما الصحف تكسب الملايين وتنسى بعض كُتّابها في سلال الإهمال.
أما الأندية الأدبية، فحدث ولا حرج.. فهي بالإضافة إلى عزلتها الاجتماعية على المستوى المحلي والعربي، فأنت لا تدري عن أهدافها، فإن عرض المثقف على مسؤوليها
إنتاجه لنشره وتوزيعه، فليس أمامه سوى طريقتين: إما نُشر وظل حبيسا في مخازن الأندية حتى تأكله (الفئران)، وإما رُفض وظل حبيسا في أدراج الأندية حتى تجتاحه (الأرضة)، بينما تفتح أبوابها لنشر الإنتاج العربي، لبعض الأدباء، وتنفق عليه بسخاء حتى لو كان هذا الإنتاج تافها، لمجرد اسم صاحبه الذي يعتبرونه من النخبة.
وإذا ما نظرنا إلى إعلامنا المرئي نجده كأخيه المقروء، فلم نرَ برنامجا يهتم بإنتاج المثقفين وإظهار دورهم، ولم نسمع قصيدة لشاعر من شعرائنا المعاصرين سواء من الرواد أو ممن بعدهم أو من جيل الشعراء الجدد حتى في يومنا الوطني الذي تحتفل به قنواتنا الإذاعية والتليفزيونية. أليس من حق هؤلاء المبدعين بقصائدهم وخواطرهم
ومقالاتهم للوطن، أن تجد لها أماكن في هذا الإعلام المرئي، والمسموع؟ وأليس من حقهم على هذا الإعلام بكل قنواته إعطاء مساحة دائمة لكل الأصوات، والأقلام؟
يريد المثقف السعودي من ملتقى المثقفين الأول أن يكون نافذة على متاعبه، وتذليل العقبات أمامه ليعرفه الوطن وتعرفه الأوطان الأخرى بإنتاجه المتميز، وعلى قدم المساواة بين جميع المثقفين من الجنسين، دون النظر إلى فئات معينة أو التحيز إلى أشخاص معينين، والقضاء على ما يسمى (بالشللية)؛ لأنها الداء الذي ينخر في أضلاع الفكر الثقافي للمجتمع.
لماذا لا يجد المثقف أو المثقفة عندنا، دارا تقوم بنشر إنتاجه وتوزيعه معا، وتضمن له حقوقه المادية في هذا النشر، حتى لا يتجشم أعباء النشر، من نفقته الخاصة، ويضيع حقه وجهده بين شركات التوزيع الجشعة التي تقاسمه ثلاثة أرباح رزقه، وبين المكتبات التي تقبله على سبيل التصريف.. وهيهات إن أخذت منها حقا بين المماطلة وغياب المسؤول. ثم إن الأنشطة الثقافية سواء عن طريق المهرجانات الرسمية أو مهرجانات الصيف أو الندوات أو المؤتمرات لا تعطي الفرص لكل المثقفين المتميزين، وعلى وجه المساواة؛ لأنها تتبع ميول القائمين عليها، وكم تفاجئك باستضافة، شاعر أو شاعرة، أو كاتب أو كاتبة، أو قاص أو قاصة، من الخليج أو من الدول العربية الأخرى، بينما تترك المئات من أدباء وأديبات الوطن في هامش الخط الرديء لمسار الدعوة.
اسألوا عن حال مكتبات المدارس وعن حال مستوى الثقافة فيها، ولا تندهش إذا ما وجدت رفوفها خاوية كخواء عقول طلابها وطالباتها، ولا تضحك إذا ما طرحت أحد الأسماء لأحد الأدباء أو المفكرين أو الكُتّاب عندنا من الجنسين أن يقال لك إنه لاعب كرة أو صاحبه صالون للتجميل!!.
نحن بحاجة إلى جمع تراثنا وإنتاجنا من أدب وفن ورسم وغيره، ومن ثم الخروج به إلى نطاق العالمية، ولا يتسنى لنا ذلك إلا بعد نشره في البيئة المحلية التي ينطلق من خلالها الإنسان إلى خارج محيطه، فيا أيها الملتقى.. هذا هو الداء فاسعفنا بالدواء.

* شاعرة وكاتبة

الصفحة الرئيسة
الملتقى الأول للمثقفين السعوديين
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved