الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 20th September,2004 العدد : 77

الأثنين 6 ,شعبان 1425

أحلام.. فوق القمة
سهام القحطاني*
لعل السؤال البدهي الأول الذي طرق ذهني.. قبل الإجابة على سؤال (ماذا يريد المثقف من الملتقى الأول للمثقفين) من هو المثقف المقصود به هنا والموجه إليه الرسالة؟ أهو المبدع (القاص، والشاعر والروائي والناقد والرسام والموسيقي)، فليس كل مثقف مبدع، ولكن كل مبدع مثقف، أم إنه (المتعلم) متخصص التربية وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم الإعلام، أم جميعهم معاً وفوق رءوسهم وبين أيديهم رجال الدين؟
وبصرف النظر عن جدلية التعريف والتوصيف والتمييز الفئوي، يظل تعريف جوليان بيندا شاملاً جامعاً، يروق لي شخصياً، فقد عرّف المثقفين فقال: (إنهم جماعة صغيرة من ملوك حكماء يتحلون بالموهبة الاستثنائية والحس الأخلاقي العالي وقفوا أنفسهم لبناء ضمير الإنسانية)، فالمثقف ضمير مجتمعه (أو هكذا يجب أن يكون) وللمثقف على الاعتبار صرخة وجود اكتشافية، توعوية، إصلاحية، تشبه تلك الصرخة التي أعلنها سارتر ليزلزل جدار الوجودية الذي بناه ليحجب عنه رؤية الله (أنا لا أشعر بأني مجرد ذرة غبار ظهرت في الكون، إنما ككائن حساس تم التحضير لظهوره وأحسن تكوينه، أي بإيجاز ككائن لم يستطع المجئ إلا من خالق) لكن ليس كل صرخة تستطيع أن تصنع ثورة، وليس كل صرخة تستطيع أن تشق لها طريقاً يبساً في بحر الظلمات، وليس كل صرخة تستطيع أن تحطم أحجبة الجهل التي رانت على قلوبنا.. إذا ما خدرت أصواتنا وشنقت ألسنتنا بسقف أحناكنا.. لنتعلم الصمت بطريقة (القبعة السوداء).
* ماذا يريد المثقف من الملتقى الأول للمثقفين؟!
السؤال يذكرني، بحالة كانت تمارس علينا ونحن صغار لتمويه خيالنا.. ولإيهامنا أننا نستطيع أن نحلق عندما نستطيع أن نحلم، وما زلنا نمارس تسذيجها مع صغارنا حتى الآن، ماذا تتمنى أن تصبح عندما تكبر يا شاطر أو يا شاطرة؟ والإجابة تختلف وفق خيالات الصغار.. أما بالنسبة للصغيرات فالمقدس لدينا حرمهن مجرد وهم الأمنية أن تكون محامية أو طيارة، أو ضابطة، لتعي منذ البدء أنها مخلوق ناقص حتى في الخطاب الأمنيوي الذي يشرّعه لها الخيال، وهكذا تتخلق الأمنيات داخل نواة أرحام أحلامهم ليكتشف جلهم أنه مجرد (حمل كاذب) والحقيقة هي العقم، فالبذور غير قادرة على التخصب والتكاثر، تلكم ليست حالة خاصة, ومن سوء الفطنة الظن بذلك، بل عادة ما تمثل ظاهرة غالبة على مشروعاتنا النهضوية.. فالحلم غير الحقيقة، والحلم بمفرده لا يصنع الحقيقة، إنها مسلّمة إنسانية مكتسبة، وما الحوار الوطني الثالث.. عنا ببعيد.. لكن هل تعلمنا من الدرس السابق.. هل حللنا مضمون ما حدث جيداً.. هل عرفنا لماذا فشلت أمنياتنا في الحوار الوطني الثالث.. أما أن هذه المرة أيضاً.. نستطيع أن (نقول بصورة مؤكدة) في هذه الملتقى الأول، وقبل إجراء التحليل المخبري (الحمل كاذب) أيها السادة والسيدات..!!
الأمر لا يختلف هنا (في الملتقى الأول للمثقفين) عن هناك (في الحوار الوطني الثالث) كما قد يبدو للبعض.. لأنها تظل حقيقة ثابتة، أقصد أحلام وأمنيات المثقف، وهي مشتركة هنا وهناك فالهدف وحدوي، يسعى إلى إنجاح المشروع النهضوي الوطني.. سواء أكان المشروع ثقفوياً، أو تمنوياً، ونقطة الاشتراك الأهم في الفشل هناك وقد تكون (هنا)، ثبات السلطة الثقافية السائدة، التي تدير الحلقة الأقوى.. وتسيطر على الاختيار والتكوين والتوجه وفرض المطروح، والإجبار على استقباله، أتمنى أن يكون قولي هذا مجرد (أضغاث أحلام)..
ماذا يتمنى المثقف من الملتقى الأول للمثقفين؟
رغم الكثير من الشكوك والقليل من الطمأنينة، (لا ضير من بعض الأمنيات).
* علينا أن نضع في الاعتبار ونحن نتحدث عن المثقف وملتقى المثقفين، أننا نعاني من نقص في ملامح المثقف لدينا، فصورته حتى الآن غير مكتملة النضوج، ومسوغات ذلك عديدة منها التربوي والاجتماعي والتعليمي وغير ذلك، كما نعاني من نقص كذلك في ملامح خطابنا الثقافي والذي سيكتشف جلياً في معرض فرانكفورت للكتاب الذي ظل منذ عهد العواد وشحاتة، مروراً بالغذامى وعوض القرني وتركي الحمد والعرابي ووصولاً إلى رجاء عالم وقماشة العليان والشيخ عائض القرني مشروعاً غير مكتمل، ولا أدرى إن كانت هذه الإشكالية ستمثل
بطانة النقاش الأول لهذا الملتقى أم سيمر عليها مرور الكرام، فهل خطابنا الثقافي هو خطاب ديني أو علماني، أم هو خليط من هذا وذاك، أهو خطاب مرحلي، الخطاب الثقفوي الحدثوي، ثم الخطاب الثقفوي الصحووي، وثالثاً الخطاب الثقفوي العلمانوي، أم هو تراكم لكل تلك المراحل؟؟ فهل هذا الغموض سيعني إشكالية يناقشها الملتقى بصورة واعية يعيد ترتيب متونها وبلورتها امتزاجياً، ويتبناها الملتقى كمشروع ثقافي حيوي وأولي لتحديد ملامح الخطاب الثقافي السعودي وأهدافه لتهيئته المستقبلية، ليدّرس ضمن السيرة التنموية الوطنية؟ وهكذا يضحي الخطاب الثقافي راسخاً من رواسخ الهوية الوطنية.
* التفكير الجاد في تكوين اتحاد أو نقابة أو رابطة تشمل المثقفين بكافة أنواع مجالاتهم التعبيرية، وإصدار وثيقة رسمية بحقوقهم وواجباتهم، وهيئاتهم المختلفة، لتنضم تحتها جمعيات الثقافة والفنون والنوادي الأدبية والمهرجانات الثقافية المختلفة، لتوحيد الأهداف، وتقنين طرائق التنفيذ والتنسيق فيما بينهم.
* تكوين هيئة أهلية تتولى الدفاع عن قضايا المثقفين وحقوقهم سواء داخل البلاد أو خارجها.
* إفساح المجال للمثقفة للمشاركة في المناشط الثقافية الداخلية والخارجية، لا على المستوى التنفيذي فقط، بل والمشاركة الإدارية للهيئات الثقافية المختلفة من وضع الخطط والبرامج.
* فتح المجال رسمياً، لإنشاء الصالونات الأدبية النسائية، والاتحادات النسائية، والنوادي الثقافية، ضمن الضوابط الشرعية.
* الاهتمام ببرامج الطفولة كمسرح الطفل وأدب الطفل وبرامجه الإعلامية.
* الاهتمام بالمسرح، وخاصة المسرح المدرسي وتفعيل دوره، والأدب المسرحي، وفسح المجال للمرأة للمشاركة، ضمن الضوابط الشرعية.
* الاهتمام بمشاريع القراءة والمكتبات المتنقلة وتفعيلها بصورة مركزة في المناطق الريفية.
* الاهتمام بالكتابة التلفزيونية (الدراما) والإذاعية، وتخصيص مهرجان سنوي إعلامي للإذاعة والتلفزيون محلي، لتشجيع الفنون الإبداعية في مجالهما.
* الاهتمام الجاد بإنشاء مراكز الأبحاث والإحصاءات.
* تغيير معايير نظام الرقابة على المطبوعات، وتقليص سلطتها، حتى لا يختنق الهواء.
* الاهتمام بتشريع جائزة ثقافية تشجيعيّة للشباب.
* الدراسة الجادة لمشروع (وجود سينما جماهيرية) في المملكة.
وأخيراً..
عندما نسرف في أحلامنا.. قد تتحول إلى كابوس، يؤلمنا أكثر مما يخيفنا..
(لكن يظل للحلم بريق السراب إما أن نركض خلفه فنموت عطشاً.. أو أن نتوقف ونحفر حتى نجد الماء).


* كاتبة سعودية

الصفحة الرئيسة
الملتقى الأول للمثقفين السعوديين
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved