Culture Magazine Thursday  03/06/2010 G Issue 313
فضاءات
الخميس 20 ,جمادى الآخر 1431   العدد  313
 
مداخلات لغوية
الترجمة والتعريب
أبو أوس إبراهيم الشمسان

كان مما توقف عنده زميلنا في قسم الإعلام الدكتور عبدالكريم العطر استعمال الناس اليوم مصطلحي الترجمة والتعريب. وهما وإن كانا مصطلحين مترادفين فبينهما عموم وخصوص، فالترجمة نقل الكلام من لغة إلى أخرى بعامة، قال الجوهري «يقال: قد تَرْجَمَ كلامه، إذا فسَّره بلسان آخر. ومنه الترجمان، والجمع التراجم». وكذا (التراجمة) كما في الفروق اللغوية، قال «والطاغوت، تراجمة الأصنام الذين كانوا يتكلمون بالكذب عنها». ومعنى الترجمة الإبانة والإيضاح كما جاء في المصباح «وَتَرْجَمَ فُلانٌ كَلامَهُ إذَا بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ» ومنه «وَتَرْجَمَ كَلامَ غَيْرِهِ إذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِلُغَةٍ غَيْرِ لُغَةِ الْمُتَكَلِّمِ». فإن كان التعبير عن كلام أعجمي بلسان عربي فهو (التعريب)، ولذلك فهو يعني الترجمة إلى العربية، واستعمل التعريب في الألفاظ المفردة أيضًا، والمقصود بتعريب الألفاظ إدخالها في العربية مع شيء من تغيير ينال أصواتها أو بنيتها، قال الجواليقي في كتاب (المعرَّب، ص21): «اعلم أنهم كثيرًا ما يجترئون على تغيير الأسماء الأعجمية إذا استعملوها؛ فيبدلون الحروف التي ليست من حروفهم إلى أقربها مخرجًا، وربما أبدلوا ما بعُد مخرجه أيضًا. والإبدال لازم لئلا يدخلوا في كلامهم ما ليس من حروفهم، وربما غيروا البناء من الكلام الفارسي إلى أبنية العرب، وهذا التغيير يكون بإبدال حرف من حرف، أو زيادة حرف، أو نقصان حرف، أو إبدال حركة بحركة، أو إسكان متحرك، أو تحريك ساكن». وإن يكن مصطلح (التعريب) دالاً بلفظه على أصله ففعله (عرّب) بتضعيف العين أي جعله عربيًّا فإن مصطلح (الترجمة) لا أعرف أصله، ولأمر ما اختلف القدماء فيه فمنهم من عدّ تاء الفعل (ترجم) أصلاً فهو على بناء (فَعْلَل)، ومنهم من عدها زائدة كالجوهري في صحاحه فهو على (تَفْعَل). واستعمل الفعل (ترجم) بدلالات مختلفة، وإن كانت تلتقي في معنى عام هو إبانة الشيء وتفسيره، ومن ذلك تفصيل المجمل، قال لبيد:

فغَدَتْ كِلا الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّه

مَوْلى المَخافَةِ خَلْفُها وأَمامُها

قال الزبيدي في (تاج العروس) «ثم تَرْجَم عن كِلا الفَرْجَيْن فقالَ: خَلْفُها وأَمامُها». ومن ذلك بيان معنى اللفظ الغامض، كما جاء في (التاج) عن كلمة (سُلالة): «السُّلاَلَةِ : المَاءُ يُسَلُّ منَ الظَّهْرِ سَلاًّ.. والدَّلِيلُ على أَنَّهُ الماءُ ، قولُه تَعالى: (وبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسانِ مِن طِينٍ* ثُمَّ جَعَل نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ)، ثُمَّ تَرْجَمَ عنه، فقال: (مِن مَاءٍ مَهِينٍ)». واستعمل الفعل (ترجم) بمعنى سرد محتوى المدخل المعجمي، جاء في التاج قوله «ولذلك تَرجم لها المصنّف في فصل الميم». وقوله عن الاسم (حبنطى) «وَقَدْ تَرْجَمَ الجَوْهَرِيّ عَلَى حَبْطَأَ وصوابُه أَن يُذْكَرَ في حبط لأَنَّ الهمزَةَ زائدةٌ ليست بأَصلِيَّة».

وقال عن الفعل (تقى) «والتاءُ مُبْدلةٌ من واوٍ (وقى)، تَرْجَم عليه ابنُ بَرِّي وسَيَأْتي في وقى». ومن استعمالات الفعل (ترجم) وضع عنوان للكتاب أو الباب أو المسألة، قال في التاج «ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ البخَارِيُّ ما أَرَادَ إِلاَّ الجُلاَّبَ بالجِيم، ولهذا تَرْجَمَ البَاب به وبالطِّيب». والترجمة أيضًا بيان سيرة شخص وأخباره، فيقال (ترجمه وترجم له) جاء في التاج: «وقد تَرجَمَ الذّهَبِيُّ أَبا إِسحاق الحُصريَّ هذا في تاريخه»، وقال أيضًا «وزَاجِرُ بنُ الهَيْثم، وزَاجِرُ بن الصَّلْت: مُحَدِّثانِ. تَرْجَم لهما البُخَارِي في التَّاريخ». وهذه الدلالات على اختلافها غير متعاندة لأن ما ترد فيه من سياق ضامن تعينها.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة