Culture Magazine Thursday  03/06/2010 G Issue 313
قراءات
الخميس 20 ,جمادى الآخر 1431   العدد  313
 
شكرا للجزيرة وإصدارها الثقافي
الاستثناء: استلهم وألهم
عاشق عيسى الهذال

الإنجاز الرائع الذي حققته الجزيرة الثقافية عن علم من أعلامنا وهو د.غازي القصيبي هو بحق خطوة رائدة في إعطاء الصورة المتكاملة عن عبقرية إنسان أعطى بلاده وأمته من حوالي نصف قرن من ريادة لم يسبق إليها فهو محب لأمته.. والحب يصنع المعجزات.. ومع ما لاقاه وما تألم من أجله لم يحنِ هامته وتلك طبيعة وسجايا العظماء فمن وهبه الله -من صغره- الفكر النير وسلامة الطوية يستطيع أن يرتفع ويشرف على من كان حوله.. ويقول الحق بلا مماحكة (اذكر في آخر القرن المنصرم 1398هـ كتابه عن هذا وذاك تنظيره لما يجب أن نكون طرح فكراً محب لأمته.. وأذكر عبارة: الرشوقراطية ص 51.. وعن كتابه حياة في الإدارة عام 1999م حياة في الإدارة أثار التقدير والإعجاب فخلف غلاف الكتاب الأخير عبارات رائعة لفضلاء كبار تنفح بالثناء العطر على الكتاب ومنجزه، زد على ذلك أبيات غزل قبلهما عام 1369هـ وأشعار من جزر اللؤلؤ، قطرات من ظمأ، معركة بلا راية، ولا تنسى شقة الحرية التي أثارت وقتها الردود بغير إدراك لمهمة الخيال بالنسبة للأديب فالصدق مطلوب ومتعارف عليه.. والمفكر الأديب لديه من الشجاعة الشيء الكثير ولا يضيره إن غضب فلان ولديه الشجاعة أن يقول كل ما يعتقد.. وبالمناسبة أذكر مقولة أرسطو:

ليست الشجاعة أن نقول كل ما نعتقد بل الشجاعة أن تعتقد كل ما تقول. فمن عرف غازي القصيبي ريادة وفكراً نزيها أوجد لنفسه المكانة وعند الأدباء والمفكرين خارج بلادنا يدرك ما للقصيبي من مكانة رفيعة ومكانة مرضي عنها.. فهو الإنسان الصادق الذي يعني. وإن تألم وذاق المرارة.. فهو العليم الثاقب البصيرة.. الواعي بكل ما يراه ويحيط به.. فعالم الفكر الرائد مع النزاهة يصنعان الرأي الصائب.

والوقوف بوجه المشكلات بعزيمة لا تعرف النكوص عن ما أبداه من رأى فكلنا نعرف فيما سبق مواقفه من حرب الخليج الثانية.. وكفاحه من خلال ما كتب عن تلك الفترة.. وما ستخلفه وما خلفته على الأمة العربية من انتكاسات متلاحقة وما حاق بالصف العربي من شرور.

إن فكر غازي القصيبي التنظيري من سنين وسنين أوجد له المكانة المناسبة قولاً وعملاً - مع أدبه الرائع المتجدد سواء في الشعر والنثر والمقالة وإبداء الرأي بكل وضوح.. فمنذ بداياته أوضح لأخيه الأستاذ خالد المالك كيف كانت البدايات في مسيرته الأدبية.

واخيراً لم يتأرجح بين الثقة المفرطة والقلق القاتل فقط استفاد من اطلاعه على ما كتبه الكبار من الأدباء والمفكرين في العالم العربي مع موهبة أعطاه الله إياها فهو صادق مع نفسه ومع الآخرين.

والصدق منجاة فهو يهدي إلى البر ...إلخ الحديث النبوي الكريم فهو غازي القصيبي الذي قاله عنه الأستاذ محمد رضا نصر الله في خلفية غلاف حياة في الإدارة فقد قال نصر الله (يقتحم قلاع البيروقراطية ومتاريسها التقليدية بكثير من الحيوية والشجاعة).. وقال فؤاد مطر- بنفس الصفحة- (يتحدث عن الإنجاز بطريقة توفر صدور عشرات الذين تسلموا مناصب وزارية فغازي القصيبي الإنسان المفكر المبدع والأديب اللامع أوجد لنفسه المكانة العالية الرفيعة التي صيرته حاديا لركب الحياة الأفضل لوطنه ولأمته.

وأوضح الأستاذ عبدالرحمن السدحان في ص 233، 434،عن غازي القصيبي (فلغازي رصيد ضخم من الإبداع الأدبي والفكري والسياسي بربو على ستين مؤلفاً وقد بدأ مشواره الطويل في سن مبكرة وحالفه الابداع عبر السنين وهو لا ريب مجموعة مواهب مثيرة ينافس بعضها بعضاً فهو قارئ زكي يستوعب ما يقرأ بسرعة ويستدعيه متى شاء بقدرة تذهل سامعيه.

وهو أديب يجمع بين رقة الإنسان وشفافية الفنان وملكة اللغة الجميلة بمستوى يجعله يتفاعل بيسر وسكينة، مع محطات الألم والفرح ...إلخ.

وللدكتور عبدالله محمد الغذامي ص 473، 474، 475 باختصار (هناك خلاصات ذهنية تشير إلى منزلة أي إنسان في ضمير الثقافة ولغازي القصيبي رمزياته الذهنية الخاصة التي ما إن يرد اسمه حتى تتداعى هذه الخلاصات الرمزية وتضع صورة واسمه في موقع معنوي عميق في لحظات التسمية ولن يكون ذلك عملاً تذكارياً ولكنه عمل تشخيصي، ومنذ ظهر غازي القصيبي في ثقافتنا العامة وهو رجل يجمع أكثر من صفة وكان ظهوره الأول بوصفه شاعراً وأكاديمياً وتلك هي اطلالته الأولى في السبعينيات وتبعتها صورة الرجل المثقف ذي النظرة الاجتماعية العامة ولم يلبث أن ظهر غازي المسؤول في مصاحبة وثيقة لصورة الشاعر والأكاديمي ثم الكاتب والمفكر ورجل القرارات القوية والضاربة وكل ذلك يجىء على شكل تسلسل درامي وعلى شاكلة حبكة ثقافية هي نموذج سردي اجتماعي حتى صار غازي حديث المجتمع كافة مثل ما هو حديث الخاصة والنخبة الثقافية ...إلخ.

وللأستاذ الشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري - من ص 19 - 22 بعنوان: قولوا لوالدي غازي القصيبي لا تتب عن الفن ؛وكان الشباب يزودونني نستفيد من طولها الآتي:

بهجمات على الدكتور -يعني- القصيبي تمس دينه مرة تلخيصاً شفهياً بأوراق مسحوبة على الإنترنت فهالني الأمر لأنني أعرف الدكتور سليم الأديم نقي الساحة محباً لإيجابيات تراث أمته ولقد صارحني مرة بأنه يغبطني على نشاطي ويتمنى فراغي لإنجاز عمل كبير قيم ينفع الله به.. وقال جاء الحديث في ندوة أقامها هو (أبو عقيل) للدكتور الخويطر وجاء الحديث من قبلي عن الدكتور غازي القصيبي ومساهمات له للفقراء عن يدي وعن بث مظالم ضده في الإنترنت فصرح الدكتور عبد العزيز وهو ذو صلة حميمة به (وكفى بن صدقا وأمانة) وهكذا الأستاذ حمد القاضي بأن الدكتورغازي ذو دين متين وشهد الدكتور الخويطر للقصيبي بأنه يتقن أداء الصلاة) ...إلخ..

ولا أحد يداخله الشك بأن الدكتور القصيبي غير متدين أو عنده تساهل بأمور الدين وهو من المجتمع المتدين والمحافظ.. والتاريخ يحدثنا عن شعراء كابن ربيعة وقسمه أمام صحبه برب هذه البنية -يقصد الكعبة المشرفة- بأنه لم يفعل حراماً.. وكذا في العالم العربي والإسلامي شعراء لهم مكانتهم.. وشعراء ناصروا الدعوة المحمدية وذكرهم الله في كتابه الكريم واستثناهم إلا الذين آمنوا ...اإلخ الآية بسورة الشعراء لذا فإن من ينكر على الشاعر قوله: هو كما يقال بين المنزلتين واستعير هذه الجملة وأقصد بها أن يدري ولا يحب أن يدري ولا يدري.. وأما آخر سمع البعض فقال مثلهم.. ولا غرابة في ذلك.

ففي كل مجتمع مادح وقادح.. والمجتمع أي مجتمع يصاب بالبثور والتأليل وما يسمى بالانفصام.. وأصحاب المنافع الرخيص بترويج الأكاذيب لهوى في نفوسهم المريضة.. وأعيد قول الشيخ عبد الرحمن بن عقيل قوله: بعنوان: قولوا لوالدي غازي القصيبي لا تتب عن الفن. ويذكرني قول الشيخ بقول سنتايانا:

تضيع الحياة في الوقت الذي لا يمكن استرجاعه ولكننا نستعيض عن هذا الوقت المضاع بخلود الفن.

فالقصيبي المفكر والأديب عامة من شعر ونثر إلخ يعلم بإبعاد ووقع كل ما قاله وما كتبه غير عابئ بما يقال وما يترك في الناس وكفى غازي القصيبي فخراً بما دبجته أقلام الأدباء والشعراء والكتاب من سياسيين واعلاميين من 24 بلداً من المحيط إلى الخليج كلهم أشادوا بغازي القصيبي في آراء وتحليلات تفخر بها بلادنا..

وتفاخر بها.. رجال فضلاء لهم مكانتهم في الساحات الأدبية والسياسية والاعلامية.. وصاحبات القلم والعطاء المثمر من نساء العروبة اللواتي قلن في القصيبي الشيء الكثير عن مواقفه الأدبية والإنسانية.. وكريم السجايا.. فالقصيبي الإنسان الذي يتعامل بإنسانية.. عز نظيرها.. وهو بجانب القريب والبعيد من الناس في البذل والعطاء.. وإسداء النصح الذي يريد به وجه الله.. ولا يهمه المديح.. والإطراء فهو من أيام عرفته الساحة الأدبية في سبعينيات القرن الماضي للميلاد عرفته المحافل الأدبية في داخل بلادنا وخارجها.. صاحب القلم النير المنطلق منه الفكر النزيه غير المستعار برؤية يرى فيها الخير كل الخير لأمته كلها.. بلا فوارق وبلا إقليمية مقيتة ضيقة وبلا تحيز لفئة بما يمور على الساحات.. إنحاز للحق وغير الحق فهو فرقعة في الهواء أو جعجعة بلا طحن كما يقال.. والقصيبي الذي فكر وتعامل مع الكلمات في أكثر من منحى لا يدعي بكل ذلك أنه بلا أخطاء بل ويطلب من الآخرين الذين يختلفون معه في الرأي بقوله بإهداء مقالاته في كتابه عن هذا وذاك:

(إلى الذين يختلفون معي في الرأي عسى أن أتعلم منهم أشياء ويتعلموا مني شيئاً) عبارات فيها أفيدوا حكمكم وأفيد.. وفيها الوضوح في مرأى والرؤية.. ببساطة وبلا استعلاء.

وقال الأستاذ حيدر محمود ص 536 عن غازي القصيبي إن النقد الأكاديمي الراقي لم ينتبه بعد إلى هذه التجربة العملاقة التي أزعم أنها تصل إلى حدود العالمية.. وأقولها بلا مجاملة ودون أي تردد والذنب في هذا التقصير ذنبان ذنب للقصيبي فيه نصيب وللآخرين الباقي.. فالمجتمع الثقافي العربي بعامة مجتمع كراهية وحسد وغيرة.. خصوصاً عندما يكون الشاعر والأديب أو المثقف مسؤولا كبيرا يعمل في الدولة (لا خارجها) فالتقصير إذن متعمد عن قصد إزاء من يملك القلم والسيف معا على الرغم من زهو صاحبهما الذي لا يعدله زهد والتواضع الذي لا يوازيه أي تواضع.

وبما أن المجتمع الثقافي العربي بعادة مجتمع كراهية وحسد سداه ولحمته هما: داء الإقليمية الضيقة والتسابق في ميدانها الخلفي المتخلف لا تحب أن يرى غيرها يسبقها.. وتلك آفة قل أن يخلو منها مجتمع من المجتمعات لكن للتاريخ -الفارز- قوله.. وقوله الحق.. ولن يضير غازي القصيبي من يخطئ أو من يصيب فهو الإنسان الصادق في القول والعمل ودخل التاريخ من أوسع أبوابه وهو القائل: اللهم اجعل طموحي في خدمة الناس ولا تجعل الناس في خدمة طموحي) عن كتابه: عن هذا وذاك، وقد أسعدني الحظ أن أقرأ الاستثناء.. من ألفه إلى يائه أكبرت لل(الجزيرة) الثقافية إنجازها الرائع عن الدكتور غازي القصيبي وممن ما كتب أولئك الأفاضل، والفضليات بحق غازي الإنسان.. الرأي الواضح..وصاحب الكلمة التي تعانق الأرواح بكل أمدائهما... رجل الأدب والسياسة والإدارة الذي لم يضق بالحياة ولم تضق به الكل عرفه في هذه البلاد وخارجها.وإن ما قاله الأخوة والأخوات بحقه له مثار النجلة والاحترام وسيبقى ذكرها خالداً لمن أتى ويأتي بعدهم من الأجيال بأن غازيا غزا وأفاد من فنون المعرفة والفن وجمال الرؤى. وقال للناس هذا هو الطريق السوي المؤدي إلى دروب الخير والمحبة.. وعلم الله أنني لم أره في حياتي إلا مرة واحدة برفقة صديقه وأستاذي فهد العلي العريفي -رحمه الله- تأملت هذا الوجه المضيء بأعلى القامة المديدة.. وكانت بالنسبة لي لحظة سعيدة أن أراه.. رغم طول المدة عام 1404ه بمناسبة تكريم الأديبين أحمد السباعي وحمد الجاسر.. رحم الله الجميع.

وعرفته أكثر من خلال ما كتب..، من صدق في القول والعمل.. وسلامة الطوية.. التي أوصلته لنبل المقاصد والنزاهة والإحسان إلى الناس.. والجهد الذي قامت بها الجزيرة تشكر عليه.. مدى الأيام وعلى رأسهم الأساتذة خالد المالك، د. إبراهيم التركي، عبدالكريم العفنان. ومن معهم من الرجال الكرام الذين أنجزوا هذا الجهد عن علم من أعلام بلادنا الأوفياء. وأعتذر عما كتبته عن هذا المنجز (الاستثناء) رغم أنني قرأته.. لم أوفه حقه الذي يجب أن يكون ولو عرضاً مختصراً لمن كتبوا وكتّبن.. من الفضلاء والفضليات فأتت أحرفي متواضعة، على رأي (على قدر أهل العزم تأتي العزائم)، فهم وهن الكل يستحق الثناء العطر والشكر الجزيل.. عما كتبوا وكتبن عن غازي القصيبي الإنسان الفاضل الذي أحسن وعرف نبض الحياة بعمر مبكر.. فاستلهم وألهم الحق ولم يكتمه تحت أي ظرف كان فهو الإنسان الصادق.

والدليل ما كتبه عنه الأخوة الكرام رجالاً ونساء فلهم جزيل الشكر أيضاً.. ولل(الجزيرة) في إنجاز هذا الاستثناء.. بحق الذي يبقى خالدا وممجدا لغازي القضيبي مدى الأيام.. لهذا الجيل وللأجيال القادمة، فهذا الإنجاز من الجزيرة عبر أنشطتها الثقافية الكل يأمل أن تتبعها إنجازات تدعم مسيرة بلادنا الخيّرة في عهدها الزاهر.. عهد الخير والنماء.

حائل
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة