Culture Magazine Thursday  03/06/2010 G Issue 313
تشكيل
الخميس 20 ,جمادى الآخر 1431   العدد  313
 
من الحقيبة التشكيلية
تعد دروساً بصرية لاكتساب الخبرة
استضافة فنانين عالميين وإعداد برامج سفر لجيل الشباب يرتقي بمستوى الساحة
إعداد: محمد المنيف

لاشك أن المشاهدة المباشرة للعمل الفني من قبل الراغب في الدخول في غمار الفن التشكيلي أو من بدأ في ممارسة هذا الإبداع يحتاج لمعرفة الكثير من خبرات من سبقوه من خلال زيارة معارضهم أو مراسمهم فمشاهدة العمل الفني عبر الصور التي تنشر في الكتيبات أو المجلات أو عبر الصفحات في مواقع الفنانين وغيرها لا يعطي الحقيقة بكيفية تنفيذ هذه الأعمال، ولهذا نجد أن في إقامة المعارض من قبل الفنانين أصحاب الخبرات السابقة والناجحة والتي أصبحوا بها من المعروفين والمشاهير فيها في محيطهم أو على المستوى العالمي فرصة للأجيال الجديدة للتعرف عن قرب على تلك التجارب أيا كانت نحتا أو تصويرا زيتيا أو مائيا، فاللوحة الأصلية تختلف كليا عند النظر إليها مباشرة حيث تبرز الألوان على طبيعتها ولمسات الفرشاة وإيقاع الخط واللون إلى آخر منظومة تكوين اللوحة مع ما يشاهد ويلمس في خامات النحت وتشكيل القوالب وغيرها.

لهذا فإن في زيارة أي منا للمعارض وللمراسم أو حضور الدورات ما يجعله أكثر ثقة وقربا من حقيقة الكيفية التي يتم أو تم إنجاز تلك الأعمال بها، مع ما يمكن أن يكتسبه الباحث عن الخبرة من معرفة مباشرة بالحديث مع الفن وعن كيفية تنفيذه للوحاته وما يعنيه منها.

لقد حققت الكثير من المعارض التي يقيمها التشكيليون السعوديون في مختلف مناطقنا تأثيرا إيجابيا على الأجيال الجديدة وإذا كنا لم نرَ إلا القليل من التأثر أو تقارب الشبه بين أعمال جديدة لفنانين شباب لأعمال سابقة لفنانين معروفين مع أنه أمر طبيعي ومطلوب في بدايات أي فنان إلا أنهم بلا شك قد تعرفوا على أبجديات تنفيذ العمل الفني وعلى أصوله.

في هذا الأسبوع سنتحدث عن أهمية اكتساب الخبرات من المعارض المستضافة من مختلف البيئات والتجارب.

تعد دروس بصرية لاكتساب الخبرة

لقد كان لتجربة الرئاسة العامة لرعاية الشباب وبالذات في العام الذي احتفى العالم بالرياض عاصمة للثقافة عام الألفين ميلادي العربي والتي تمثلت فيه تلك التجربة باستضافتها لعدد من المعارض العربية مع ما كانت تستضيفه من معارض عالمية لدول إسلامية أو لفنانين عالميين سارت على هذا النهج من بعدها وزارة الثقافة والإعلام بعد ضم الثقافة إليها، وإذا عدنا للنتائج التي حققتها مثل هذه المعارض فسيكون في مقدمتها التعرف عن قرب على الأعمال الفنية لفنانين كان المجتمع التشكيلي المحلي يسمع بهم ويشاهد أعمالهم عبر الصور في إصدارات فنية أو من خلال ما يعرض من لقاءات تلفزيونية أو ما تبع ذلك لاحقا في الشبكة العنكبوتيه مع أن كل هذا لم يكن مؤثراً أو محدثاً ردود فعل وفاتحا مجال الاستفادة إلا بما تم من خلال إقامة تلك المعارض داخل المملكة، لقد شهدت الساحة التشكيلية الكثير منها أبقت أثرا وتأثيرا في ذاكرة الفنانين منها على سبيل المثال معرض للفن التشكيلي اللبناني الذي لم يكن يعرف عنه إلا القلة القليلة من الفنانين السعوديين ويجهله الشباب والأجيال الجديدة حيث أقيم هذا المعرض في الرياض كما أشرنا عام الألفين وشارك به نخبة من الأسماء الكبيرة في الفن اللبناني، كما أقيم معرضٌ للفن المصري ضم أسماء تشكل رموزا في الفن العربي ولا ننسى المعارض الفردية ومنها وقد يكون أحدثها معرض الفنان العالمي الشهرة السوداني الجنسية الدكتور راشد ديب، إلى آخر المنظومة ليتواصل هذا الحضور والتفعيل مع المعارض اللاحقة لعدد من الدول العربية منها السودان وتونس والمغرب والجزائر ودول مجلس التعاون، منها ما أقيم بشكل منفرد استضيف فيه الفنانون ومنها ما جاء ضمن أسابيع ثقافية.

الارتقاء بالقدرات المحلية

لقد أثمرت تلك معارض عن اكتساب خبرات عديدة للفنانين وأهمها معرفة كيفية تنفيذ العمل كما يشاهد في بعض المعارض التي استضافتها وزارة الثقافة والإعلام أو ما يتم من دورات متخصصة في مجالات الفنون التشكيلية التي يقيمها بعض القاعات أو المراكز الفنية التشكيلية مثال ذلك معهد المهارات والفنون بالرياض والمركز السعودي بجدة وغيرها كثير.

إن في حضور مثل هذه المعارض الفعاليات من قبل الجمهور المحلي خصوصا الفنانين مما يسمح لهم بفتح الحوارات والنقاشات التي تصب في الهدف وتثريه ويمكن للمتلقي الدارس أو الباحث عن حقيقة الإبداع الذي أمامه مباشرة بحضور الفنان المنفذ له ما يسهل سبل الاستفادة، وكثير ما نجد تأثر الأجيال الجديدة بما تقع أعينهم عليه في صفحات مواقع الفنانين على الشبكة العنكبوتية مع أن مثل هذه المشاهدة أو الاطلاع لا يمكن أن يكون بديلا أو أن يعوض ما سيتلقاه الفنان من الفنان الآخر مباشرة، وقد كان لي تجربة مهمة وكبيرة مع زملائي التشكيليين بعض رواد الساحة خريجي معهد التربية الفنية إذ كنا نتلقى التوجيه المباشر ونشاهد معلمينا من الفنانين الرواد على مستوى العالم العربي وهم يمارسون إنتاج اللوحة أمامنا مباشرة من الألف إلى الياء تأسيساً بالخطوط مرورا بالتعامل مع مختلف عناصر بناء العمل وانتهاء باللمسات الأخيرة، وهذا بالطبع قد يكون صعبا على الكثير لكننا نقبل البديل، فقليل دائم خير من كثير زائل؛ وهو استضافة الفنانين من مختلف دول العالم ولو على فترات متباعدة ليشاهد الفنانون من الشباب وغيرهم الأعمال الحقيقية وليست الصور، فمثل هذا التحرك والإنجاز سيؤثر ويغير في كثير من مفاهيم تأدية العمل وتقنياته عن قرب.

القطاع وثقافة الساحة التشكيلية

وإذا كنا قد ذكرنا دور الجهات الرسمية (الحكومية) الداعمة للفن التشكيلي في جانب استضافة المعارض التشكيلية العربية وغيرها فإن للقطاع الخاص المتمثل في القاعات التشكيلية التي يديرها تشكيليون أو محبون للفنون التشكيلية دورا لا يقل بأي حال بل يتوازى أو يزيد في بعض الحالات، و هنا نذكر قاعة الحوار التي أثرت الساحة ولا زلنا ننتظر منها الكثير بالمستوى الذي انطلقت به في بداية تحركه وحضورها على الساحة على مستوى المملكة العربية السعودية أو في مدينة الرياض التي كانت تفتقر لمثل هذه القاعة، فقد ساهمت باستضافة فنانين عرب وأقامت معارض جماعية تنوعت فيها الأسماء وجمعت تجارب لها قيمتها وشهرتها مع ما حققته من إقامة معرض لمجموعة من التشكيليين الخليجيين ومن تلك المعارض المعرض الثنائي للفنانين السوريين عمر حمدي وبهرام من مشاهير الفنان العرب عالميا مع ما احتضنه معرض بصمات عربية من أسماء لهم أيضا شهرة عالمية كان غالبية التشكيليين هنا لا يشاهدون تلك الأعمال إلا عبر الكتيبات أو المجلات والصحف، كما لا ننسى دور اتيليه جدة واستضافته لأعمال الفنانين وخصوصاً من مصر الشقيقة أبقت الكثير وأثرت الثقافة البصرية وأثرت إيجابيا في أساليب الكثير من التشكيليين في جدة.

تقرب المسافة وتختصر الوقت

مع أن مثل هذه المعارض مهمة إلا أنها قليلة ولهذا فإن في تكثيفها ووضع برنامج يمتد على مدار العام بمعدل فنان كل شهر سيحقق الأهداف ويعود بالنتائج على الساحة وعلى التشكيليين لافتقارها لمثل هذه المعرفة اختصارا للوقت وتقريب للمسافة التي لا يستطيع كثير من الفنانين القيام بها كأن يسافروا للتعرف عن قرب على الفنانين وأعمالهم، وهنا يحضرني رغبة وأمل كبير من كثير من الفنانين الشباب في أن يعد لهم برنامجا يختار فيه مجموعة من الشباب في كل فترة لزيارة المتاحف العالمية ومراسم الفنانين العرب وغيرهم وبهذا نكون قد عوضنا ولو ما نسبته العشرة بالمائة من حاجتنا للأكاديمية إذا سنثري الساحة بخبرات وثقافة فنية تشكيلية عالية.

monif@hotmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة