Culture Magazine Thursday  07/10/2010 G Issue 318
ترجمات
الخميس 28 ,شوال 1431   العدد  318
 
البقاء لله...
بداية نهاية عصر الكتاب الورقي(1)
حمد العيسى

صدمتان عنيفتان هزتا عالم النشر الغربي خلال شهري يوليو وأغسطس 2010، ويتوقع المراقبون أن يكون لهما آثارٌ دراماتيكية مباشرة وخطيرة على مستقبل النشر الورقي في الغرب في شكله الورقي التقليدي الحالي على الأقل.

كتبنا هذا التقرير بناءً على تقارير ومقالات ناقشت هذا الأمر مؤخرًا في عدة مطبوعات غربية مرموقة (إيكونوميست، غارديان، نيويورك تايمز، و”ديلي فاينانس دوت كوم”).

الصدمة الأولى: انهيار مكتبة بارنز آند نوبل، أما الصدمة الثانية من حيث تاريخ حدوثها وهي الأهم فكانت قرار مجلس إدارة شركة “بارنز آند نوبل” في 3 أغسطس 2010 (وهي الشركة التي تملك أكبر وأهم مكتبة في العالم بنفس الاسم) بضرورة “تقييم بدائل إستراتيجية”. ولكن ماذا يعني هذا القرار القصير “تقييم بدائل إستراتيجية”، الذي يتكون من ثلاث كلمات فقط؟ بحسب الإيكونوميست، وكما ورد أيضًا في موقع الشركة على النت بكل صراحة ووضوح، فإن هذا القرار يعني أن أهم وأشهر مكتبة تستعمل المباني لبيع الكتب الورقية في العالم أصبحت معروضة للبيع.

وذكر بيان توضيحي للشركة على موقعها في النت أن “مجلس الإدارة يعتزم تقييم البدائل الإستراتيجية، وذلك بهدف زيادة قيمة أسهمها في البورصة، التي يرى المجلس حاليًا أنها أقل من قيمتها الحقيقية بكثير”.

وجاء هذا القرار من المجلس على أساس هبوط سعر سهم بارنز آند نوبل بنسبة 32% خلال هذا العام فقط، حيث نزل دون مستوى 12 دولارًا للسهم بعد ذروة بلغت 45 دولارًا قبل سنوات قليلة.

وبحسب بيان الشركة، سوف يشرف على عملية تقييم البدائل الإستراتيجية هذه “لجنة خاصة” تتكون من أربعة مديرين مستقلين هم: جورج جونيور كامبل، ووليام ديلار، ومارغريت موناكو، وباتريشيا هيغنز، والتي ستشغل منصب رئيس اللجنة الخاصة.

وستقيم اللجنة الخاصة جميع البدائل لزيادة قيمة السهم وستوصي بمسار العمل المطلوب لمجلس إدارة الشركة بالكامل بهدف تحقيق أعلى قيمة للسهم.

وقد اختارت اللجنة الخاصة مؤسسة “لازارد” لتكون بمثابة المستشار المالي ومؤسسة “موريس” لتكون بمثابة المستشار القانوني.

وجاء في بيان الشركة المنهارة: “بصفتها أكبر مكتبة في العالم، تمتلك “بارنز آند نوبل” علامة تجارية مميزة في تسويق الكتب ومزايا تنافسية فريدة من نوعها مما سيمكن الشركة من النجاح مع مرور الوقت في سوق سريعة التغير.

لقد استنتج المجلس أن مراجعة البدائل الإستراتيجية هو الخطوة التالية المناسبة لتحقيق الاستفادة الكاملة من الفرص “الرقمية” المتاحة لنا وخلق فوائد ملموسة للمساهمين، والعملاء، والموظفين”.

وينبغي ملاحظة إشارة بيان الشركة ل”الفرص الرقمية” المتاحة أي بعبارة أخرى “الكتاب الإلكتروني”، حيث سيرد لاحقًا دوره في هذه القضية الشائكة.

تاريخ موجز لمكتبة بارنز آند نوبل

تُعدُّ مكتبة “بارنز آند نوبل” أكبر وأشهر مكتبة لبيع الكتب في الولايات المتحدة وفي العالم.

وحتى أكتوبر 2009، بلغ عدد فروعها في المدن الأمريكية 777 فرعًا مدنيًا، بالإضافة إلى 640 فرعًا جامعيًا داخل الجامعات والكليات الأمريكية، ليكون المجموع الكلي لفروعها 1400 فرع تقريبًا.

تأسست عام 1873 عندما قام تشارلز بارنز بافتتاح “دار بارنز” للنشر في مدينة ويتون في ولاية إلينويز الأمريكية.

وبعد هبوط أرباح “دار بارنز” للنشر وركود عملها، طلب تشارلز بارنز عام 1917 من ابنه ويليام المقيم في نيويورك افتتاح مكتبة في نيويورك ليواصلا العمل في نفس المهنة ولكن كبائعي كتب وليس كناشرين.

وبالفعل، قام ويليام بالمشاركة مع صديقه جي كليفورد نوبل بتأسيس مكتبة في نيويورك باسم مكتبة “بارنز آند نوبل”.

وواصلت المكتبة عملها في مقرها “الوحيد” بنيويورك حتى أوشكت على الإفلاس عام 1971 عندما اشتراها المستثمر الملياردير ليونارد ريغيو وهو من عشاق الكتب النادرة الذي أشرف على تطويرها وتوسيعها لتصبح حاليًا أكبر وأهم مكتبة في الولايات المتحدة والعالم، ثم حولها من ملكية خاصة إلى شركة مساهمة يرأس مجلس إدارتها السيد ريغيو بنفسه لشدة شغفه بالكتب.

وفي عام 1974 وبفكرة من ريغيو، أصبحت “بارنز آند نوبل” أول مكتبة في العالم تعلن عن الكتب في التلفزيون.

وبعد عام أصبحت أول مكتبة أمريكية تقدم تخفيض 40% على الكتب التي في قائمة صحيفة نيويورك تايمز للبست سيلر، وكانت تلك فكرة وبدعة مبتكرة وغير مسبوقة، حيث لم يكن تقديم خصم على الكتب شيئًا مألوفًا ومعتادًا في أمريكا.

وفي عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين توسعت عملياتها بصورة ضخمة بحيث أصبح لها فروع في معظم المدن الأمريكية. كما كانت الرائدة في بيع الكتب بواسطة كاتالوغ وإرسال الكتب المطلوبة عبر البريد.

وفي عام 1987، اشترت سلسلة مكتبات “دالتون” الضخمة التي تملك 797 فرعًا معظمها داخل المولات التجارية لتصبح بذلك “بارنز أن د نوبل” أكبر بائع للكتب في أمريكا وقضت بذلك على مئات المكتبات الصغيرة، حيث تسببت في إفلاسها.

وفي عام 1997 تم إنشاء موقع مكتبة “بارنز آند نوبل دوت كوم” لبيع الكتب عبر النت الذي يحتوي حاليًا على أكثر من مليون عنوان في محاولة يائسة لمنافسة خصمها الشرس “أمازون دوت كوم” الذي يهيمن حاليًا بقوة على سوق بيع الكتب.

وواصل ريغيو تطوير وتوسيع المكتبة ونجح في إقامة شراكات مثمرة ومبتكرة لترويج الكتب مع مؤسسات ناجحة مثل مقاهي “ستاربكس” الشهيرة.

وهكذا أصبحت “بارنز آند نوبل” المكان المفضل لجلوس أثرياء الطبقة الوسطى والمثقفين ومدمني القراءة لرشف الكابتشينو، ومداعبة “لاب توب” مشبوك بالنت مجانًا. يوجد شخصان مهتمان بشراء بارنز آند نوبل حاليًا.

فمن جهة، هناك ليونارد ريغيو، رئيس مجلس إدارتها ورجل الأعمال المستثمر الذي اشترى مكتبة تقليدية قديمة وشبه مفلسة في نيويورك ثم حوّلها إلى عملاق عالمي لا منافس له لبيع الكتب.

وفي رحلته تلك ابتدع عدة أفكار ناجحة لبيع الكتب زادت من شعبية المكتبة وإقبال الناس عليها.

وعلى الرغم من أنه لم يُعدُّ المسؤول عن إدارة العمليات اليومية، حيث تنازل طوعًا عن رئاسة الشركة مكتفيًا برئاسة مجلس إدارتها فقط. فإن السيد ريغيو لا يزال أكبر مساهم في شركة “بارنز آند نوبل”، حيث يملك تقريبًا 30% من الأسهم.

وأعلن بعد قرار مجلس الإدارة السالف ذكره أنه سيقود على الأرجح تكتلاً لرجال أعمال يعشقون هذه المكتبة لتقديم عطاء لشراء وإنقاذ الشركة من الانهيار.

منافس المستر ريغيو الرئيس، وقد يكون هناك عدة منافسين، هو المستثمر الملياردير “رون بيركل”، الذي يعشق تجارة التجزئة الذي يملك تقريبًا 19% من أسهم “بارنز آند نوبل” الذي يخوض “حرب بالوكالة” عن مجموعة من حملة الأسهم الساخطين على إدارة ريغيو لمجلس إدارة شركة “بارنز آند نوبل”. والسيد بيركل شخصية لها نفوذ كبير، حيث يُعدُّ صديقًا شخصيًا حميمًا لبيل كلينتون لدرجة تقديم طائرته الخاصة لخدمة صديقه الرئيس السابق مجانًا.

وبالرغم من كون السيد بيركل يوصف بأنه لطيف وودود مع معارفه، إلا أنه عنيف جدًا وشرس في شؤون المال والأعمال، حيث صار ينتقد علانية بشدة وعنف مجلس إدارة “بارنز آند نوبل” الحالي ويتهمه بأنه سبب انهيار أسهمها في البورصة لتركه منافسه “أمازون دوت كوم” يستولي على سوق بيع الكتب بسهولة وبدون خطة مدروسة للمقاومة تقريبًا.

ويدعي بيركل أن عنده رغبة جارفة وخطة لإنقاذ “بارنز آند نوبل” لكي يحافظ على تراثها كما نقل عنه.

ومع ذلك، وضعت “بارنز آند نوبل” في قرارها عبارة قانونية تمنع -بشكل غير مباشر- بيركل من الاستيلاء عليها وتعطي الأفضلية لريغيو.

ولذلك تحدى السيد بيركل هذا القرار في المحكمة، وصدور الحكم بات وشيكًا وسيكون لصالحه على الأرجح. كما أنه يحاول أيضًا ترتيب انتخاب ثلاثة من مناصريه إلى مجلس إدارة “بارنز آند نوبل” في الاجتماع القادم للجمعية العمومية نيابة عن مجموعة من حملة الأسهم الساخطين ليطيح بالسيد ريغيو من رئاسة المجلس ويحل مكانه أحد مناصريه.

وتعزو الإيكونوميست هبوط سعر سهم بارنز آند نوبل إلى المنافسة الشرسة من خصمها الرئيس مكتبة “أمازون دوت كوم”. ولفهم هذه المنافسة بطريقة عملية بحثنا عن أرقام تمثل عمليات الشركتين في عام 2009 حسب المعلومات المنشورة صحفيًا. وستكون أرقام (بارنز آند نوبل) بين قوسين:

مجمل الدخل: 24.5 مليار دولار لأمازون (5.12 مليار دولار لبارنز آند نوبل).

- صافي الدخل: 908 ملايين دولار (76 مليون دولار).

- قيمة الأصول أو الموجودات: 14 مليار دولار (3 مليارات دولار).

- عدد الموظفين: 26.000 موظف (40.000 موظف) وهكذا وباختصار، فإن عدد موظفي أمازون أقل بـ 35% من موظفي “بارنز آند نوبل” ولكن مبيعاتها تبلغ خمسة أضعاف مبيعات “بارنز آند ونوبل”، كما أن أرباح أمازون تبلغ تقريبًا 12 ضعفّا مقارنة بأرباح “بارنز آند نوبل”!!!

المغرب
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة