Culture Magazine Thursday  07/10/2010 G Issue 318
الثالثة
الخميس 28 ,شوال 1431   العدد  318
 
إمضاء
تاريخ بلا تأريخ
إبراهيم بن عبد الرحمن التركي

لو أفردنا لمناصبه مساحة هذه الزاوية لملأتها؛ فقد كانت الخطاباتُ الموجهة لمن تحت إدارته من رتبة «وكيل وزارة» فما فوقها تملأ أكثر من صفحة تُستهل ب»معالي» وتنتهي ب»سعادة»، وفيها: معهد الإدارة والجمارك وصناديق التنمية والاستثمارات وبنك التسليف والإحصاءات ووكالات الوزارة بحساباتها واقتصادها وعلاقاتها الدولية؛ ما يعدل حمل وزارتين حاليا، هما المالية والاقتصاد، عدا أجهزة ضمت لوزارات أخرى خلال الفترة القصيرة المضيئة لرجل الإدارة المتميز الدكتور سليمان السليم، ولا مبالغة لو قيل إن نطاقه الإشرافي لم يتهيأ لوزير سواه طيلة المرحلة الإدارية المعاصرة إذا استثنينا سابقيه في الوزارة ذاتها مع اختلاف الظروف والمعطيات.

عمل أربعين عاما متصلة (1956-1995م)؛ فكان المديرَ والوكيل والنائب ورئيس المجلس ووزير الدولة والوزير ثم غادرها ليبقى الرئيس والمستشار والخبير والوجه المجتمعي والعلم الاقتصادي والكاتب «المقل» ومتصدر أغلفة المجلات المتخصصة وصاحب الحوارات المحدودة التي تنبئ عن رزانةٍ وعمق وسعة أفق.

له تأريخه الإداري، مثلما له إيجابياتُه وسلبياته العملية التي يكشفها القريبون من مصادر القرار المالي والاقتصادي، ولا شأن لنا بها في هذه الزاوية، غير أن له دورًا تنويريًا مهما في الإسهام بتأسيس «معهد الإدارة» (1960م) وكونه المديرَ العام الأول، وهو المعهد الذي بني على أرض صلبة، موظفا - إمكانات شركة فورد الأمريكية وصندوق النقد الدولي وخبراء الأمم المتحدة لتأسيس صرح بقي -على مدى العقود- هو الصرح والمدرسة الإدارية الأكبر والأقوى على المستوى العالمي وذلك - في الوقت الذي كان تعليم البنات يصارع لولادة متعسرة ووسط مظاهر رفض قوية من بني أبيه الأدنين.

لم يطل مكثًا، لكنه سلم الراية لمن أخلص لها؛ فكان المعهدُ منطلقَ إشعاعٍ ثقافي، واستقطب -للتدريب فيه- أبرز الأسماء الفاعلة « محليا وعربيا»، وشمخ حتى صار مديرُه «لا حقا» رئيسا للمعهد الدولي للعلوم الإدارية، وهو المنظمة الأبرز التي تجمع مؤسسات التنمية الإدارية على مستوى العالم .

الشيخ محمد العلي أبا الخيل (بريدة -1932م) تخرج في جامعة القاهرة (كلية التجارة - قسم إدارة الأعمال) عام 1956م، وعمل في وزارة المواصلات و مؤسسا ومديرًا عامًا لمعهد الإدارة في سنواته الثلاث الأولى، ووكيلا ثم نائبا ثم وزير دولة ثم وزيرا للمالية والاقتصاد الوطني خلال السنوات (1964- 1995م)، ورئيسا لمجالس إدارات معهد الإدارة وبنك الرياض والبنك العالمي السعودي في لندن، وعضو المجالس الاستشارية للبترول والمعادن والشؤون الإسلامية والخدمة المدنية والإصلاح الإداري والقوى العاملة والمجلس الأعلى للجامعات والهيئة الاستشارية لمجلس التعاون وبنوك دولية ومؤسسات أهلية وخاصة عديدة.

المؤسف أن الشيخ محمدًا - بهذا الامتداد والحضور والتاريخ - متردد في كتابة سيرته الإدارية العريضة؛ مؤكدا - في حديث خاص معه - أن لديه الرغبةَ من جانب والهيبة من جانب آخر؛ معللا ذلك بعدم تسجيله وتوثيقه، ولكن عارفيه يعلمون أن لديه ذاكرةً واعية يضرب بها المثل في قوة الحفظ وسرعة الاستدعاء، وسيرته لا تحتاج إلى أكثر من قراءة تاريخنا الإداري بعيدا عن الأرقام والمعادلات؛ فهذه وظيفة مسؤولي علاقات وإعلام مبتدئين لا يُقنعون حتى أنفسَهم مهما حكوا عن التطوير والتغيير.

الشفاهية رحلة لا تصل.

Ibrturkia@gmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة