Culture Magazine Thursday  11/02/2010 G Issue 298
فضاءات
الخميس 27 ,صفر 1431   العدد  298
 
لأن العرب نائمون.. مغلوبون
أجل.. هو الخليج الفارسي!
د. عبدالله بن سليم الرشيد

النزاع على اسم الخليج (عربي هو أم فارسي) يدعو إلى النظر والتأمل في اللغتين العربية والفارسية ومستوى حضور كل منهما على جانبيه، وسوف أجتنب الخوض في المعطيات التاريخية والدواعي السياسية، لأن الفكرة التي أسوقها تقتضي النظرة المتأملة تأملاً عميقاً، والعملية في استدعائها تغييراً ذا بال.

أي اللغتين أكثر انتشاراً على جانبي الخليج؟ وكم نسبة المتحدثين بالعربية ونسبة المتحدثين بالفارسية في كل جانب؟ وما مستوى عناية إيران بالفارسية؟ وما نسبة عناية الدول العربية السبع المطلة عليه باللغة العربية؟

سأبدأ بذكر نسب الأجانب في الخليج الذين لا يكلفون دراسة العربية ولا معرفتها، بل ولا احترامها وتقديرها.

ذكرت دراسة أعدها أحمد بن شبيب الظاهري، ونشرت في صحيفة (البيان) الإماراتية التي تصدر في دبي أن عدد المواطنين في نهاية 2006 بلغ نحو 866 ألفا و779 نسمة، أي أن نسبتهم كانت بحدود 15.4 المئة.

وبحسب الدراسة نفسها، يمثل الوافدون من دول شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا نحو 75 في المئة من العمال الأجانب، أما نسبة الهنود وحدهم فهي 42.5 في المئة.

ونسبة العرب بين الوافدين هي 13.8 في المئة ونسبة الوافدين من الدول الأخرى 11 في المئة، أي أن نسبة غير المتكلمين بالعربية تقارب الستين في المئة، (نقلاً عن: www.alquds.com)، وفي إحصاء 2007م بلغت نسبة المواطنين في دولة الإمارات 10% للمواطنين وهو ما يعادل (800) ألف من ثمانية ملايين، في حين أن الجالية الهندية يبلغ عددها مليوناً ونصف المليون، ونسبة المواطنين في قطر 16% من مليون ونصف المليون حسب إحصاء 2008م، وفي الكويت 33% للمواطنين و67% للوافدين، وفي البحرين 50% للمواطنين و50% للوافدين، وفي السعودية 35% للوافدين و65% للسعوديين، (www.muslm.net)، ونسبة الأجانب غير العرب في الكويت 34.71% (عن موقع وكالة الأنباء الكويتية في 24 إبريل 2009).

وحين نتذكر أن الغالبية العظمى من الأجانب في دول الخليج هم من غير المتحدثين بالعربية تتوارد الأسئلة: ما نسبة الذين يتكلمون العربية في دول الخليج؟ وماذا فعلت هذه الدول للحفاظ على العربية ونشرها بين الأجانب؟ بل ماذا فعلت لجعلها لغة رسمية للمؤسسات والشركات والفنادق وغيرها؟ الحقيقة أن دول الخليج لم تفعل شيئاً ذا بال للعناية بالعربية وإحلالها محل الإنجليزية في المؤسسات الكبرى والشركات والفنادق، ولم تسع ولو سعياً قليلاً لتعريف غير العرب بالعربية، بل إن الأسماء الأجنبية تلوح للقادم إلى دول الخليج على اللافتات واللوحات الضوئية، بل إن ثم ما هو أشد، ففي العواصم الخليجية تعلق إعلانات كبرى على ناطحات السحاب مكتوبة بالإنجليزية ليس غير! وحين تدخل فنادقها ومطاعمها بل بعض مدنها الترفيهية لا تكاد تجد من يحدثك بالعربية؟ فإذا كان الوضع على هذا النحو فكيف يمكن وصف الخليج ب(العربي)؟

لقد صار من المفارقات أن بعض العرب يذهب إلى دبي ليقوي قدراته الكلامية في الإنجليزية، لأنه لايجد من يتحدث العربية هناك فيضطر إلى التعامل بها!

ثم بعد هذا نقول: (الخليج العربي)؟!

هل تحترم دول الخليج اللغة العربية حق الاحترام؟ إننا نجد في أنظمة هذه الدول أن العربية هي اللغة الرئيسة، ولكن: ما قيمة الشعارات إذا لم تكن واقعاً ملموساً؟ ماذا فعلت دول الخليج لوقف المد الأجنبي على العربية؟ وماذا أنشأت من مؤسسات لتعزيز العربية في التعليم والتعاملات التجارية وغيرها؟ إن المشاهد هو على الضد من هذا، ففي كل دول الخليج جامعات لاتعلم بغير الإنجليزية، وشركات وفنادق لاتجد للعربية فيها أثراً، فهل الخليج (عربي) والأمر على ما ذكر؟ بل إن كثيراً من جامعات الخليج أدارت ظهرها للعربية، وصارت تعلم كل شيء بالإنجليزية.

إن العربي أصبح غريب الوجه واليد واللسان في بعض مدن الخليج، وصار تحدثه بالعربية مثار شفقة!!

يذكر فهمي هويدي أنه قضى أربعة أيام في دبي لم يكد يتكلم فيه العربية، وأن لغة المؤتمر الذي شارك فيه هناك كانت الإنجليزية، ويقول: إنه أخبر - حين أبدى عجبه - أن العربية تكاد تختفي حتى من المدارس، حتى إن قسم اللغة العربية في جامعة العين صار مقصوراً على تدريس النحو والصرف، وبقية المقررات تدرس بالإنجليزية! وأن مكاتبات بعض الجهات الرسمية تكون بالإنجليزية! (جريدة الشرق الأوسط، العدد 10242) ويقول:

إن وطأة الهزيمة اللغوية بدت أشد، وثمنها غدا باهظاً في المجتمعات الخليجية التي تعاني الجدب السكاني، وتعتمد بنحو كبير على العمال الوافدين، الذين جاؤوا بلغاتهم المتعددة، وأصبحت الانجليزية هي اللغة المعتمدة في التعامل بينهم، وهي الظاهرة التي تنامت إبان العقود الثلاثة الأخيرة، التي صار الوافدون الأجانب يمثلون خلالها الثقل السكاني الأكبر في أغلب الأقطار الخليجية، وإذا استثنينا السعودية، فان الوافدين أصبحوا يشكلون ما بين 70 و80% في المتوسط من سكان تلك الأقطار، علماً بأن نسبة الوافدين تجاوزت 90% في دبي.

هل تلزم دول الخليج الأجانب تعلم العربية، وتقيم لهم دورات فيها؟ أظنني أبعدت النجعة ودخلت في عالم من الأحلام الوردية الزاهية! ولكن لماذا أعدها أحلاماً وردية؟ يجب أن نحلم ونحقق الحلم، يجب أن نكون كهولندا التي ألزمت الاجانب بتعلم لغتها، ويخجلني أن أقول: يجب أن نقتدي بإسرائيل التي أحيت العبرية من الرميم!

لن يكون خليجنا (عربياً) إلا إذا قمنا بحق التعريب، ومن حقنا وحق لغتنا ألا تنافسها لغة أخرى في كل مجال، ويجب أن نتعلم من (إسرائيل) أن ندفع بلغتنا في محافل العالم، وأن نجعل لها ما تستحق من منزلة.

وفي مقابل هذا الواقع العربي المر، ماذا فعلت إيران لتعزيز اللغة الفارسية؟

لننظر في تاريخها الحديث منذ رضا بلهوي إلى أيام (الملالي) الحالية:

لقد عمل رضا شاه البهلوي الذي حكم إيران من 1925 - 1941 والمنظرون العنصريون التابعون له على تنفيذ سياسات ثقافية تهدف إلى قمع اللغات الأخرى الرائجة في إيران، وخاصة التركية والعربية، وذلك خلافاً لمسار التاريخ الإيراني، الذي شهد نوعاً من التعايش السلمي والتساوي بين هذه اللغات.

وطرح رضا شاه شعار (شعب واحد، لغة واحدة) محاولاً بذلك سحق اللغات والثقافات الإيرانية غير الفارسية: (عن:www.ahewar.org/debat)، وعلى سنته سار حكام إيران حتى يومنا هذا، فالفارسية هي اللغة الرئيسة، وهي لغة المحافل، ولغة الإعلام والتعليم، وما يجعلونه بغير الفارسية كبعض القنوات الفضائية فهو مجرد وسيلة لنشر الثقافة الفارسية والتشيع الفارسي.

وقد ذكر عدد من المتابعين للواقع الإيراني أن الحكومة الإيرانية تشيع الفارسية في الأقاليم العربية والكردية والبلوشية التي تخضع لحكمها، وأن تدريس غير الفارسية في نظامها يكاد يكون من الموبقات.

وعليه: أي الفريقين أحق بأن ينسب الخليج إليه؟ العرب النائمون المغلوبون؟ أم الفرس اليقظون المخططون؟

الإجابة في صدوركم.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة