Culture Magazine Thursday  15/04/2010 G Issue 306
تشكيل
الخميس 1 ,جمادى الاولى 1431   العدد  306
 
من الحقيبة التشكيلية
فن له تاريخ وحضور في كل العصور
البورسلان إبداع يقدره أصحاب الذائقة ويجهل الكثير صعوبة تشكيله
إعداد: محمد المنيف

مع تعدد ينابيع الإبداع التشكيلي وتنوعها، إلا أن الكثير يرى اللوحة الزيتية أو المائية أو النحت بمختلف أشكاله أكثر الأعمال الفنية حضورا وإقبالا وسهولة اقتناء، لكن صاحب الذائقة العالية يعرف كيف يجد مبتغاه من تلك الأعمال ومن غيرها من الأعمال التي تستحق الاقتناء واعتبارها ثروة لا مثيل لها لا تقل بأي حال عن الذهب والفضة ولا عن الألماس أيضا، ولو وضعنا مجهر البحث على الواقع الإبداعي لوجدنا أن هناك فنونا لها قيمتها وندرتها وأهمية وقيمة مادتها التي صنعت منها إلا أنها قليلة الحضور مقارنة بالأعمال التي ذكرناها سابقا وذلك عائد لقلة إنتاجها وندرة المبدعين فيها في بدايات ظهورها ومنها صناعة وإبداع الأعمال الفنية من البورسلان.

ومع أن هذه الأعمال تصنع من الصلصال إلا أنها مختارة من أجود الطينات وأصلبها بعد الحرق والتشكيل سيتبع ذلك ما يتم فيها من إضافات وتزيين يزيدها أهمية وقيمة مادية وإبداعية. هذا الفن وهذه الخامة هي محور حديثنا لهذا اليوم، لأسباب عديدة من أبرزها البحث عن إجابة على عدم وجود مساحة لأعمال السيراميك في معارضنا التشكيلية أو دورات لعشاق هذا الفن واستحداث مساحة للإبداع فيه والتعريف به في وقت أصبحت فيه المعارض والمسابقات تغص بالأعمال المكررة والمعروفة مع أن لهذه الخامة ما للفنون الأخرى من خصائص مع ما تتمتع به من إقبال واهتمام من قبل المقتني كونها تحمل خصوصية رهافة التصنيع وشفافية الشكل والتقنية اللونية التي سنتعرف على الكثير منها في سياق موضوعنا مع أن ما سنطرحه لا يفي أو يلم بكل ما يتعلق بهذا الفن الذي يعد من أقدم الفنون.

مقدمة في البورسلان:

يعتقد البعض عند الحديث عن فنون البورسلان أن المعني به ما ينتج للاستخدامات المعروفة المتمثلة في أواني الأكل والشرب الفاخرة من صحون وأكواب وأباريق مع أن هذا المنتج هو الأصل في هذه الخامة لكن الأمر هنا في حديثنا عبر هذه الصفحة يتعلق بالتعامل مع هذه الخامة كإبداع تشكيلي بحيث تكون القطعة المصنعة متفردة وغير مكررة بمعنى أنه لا ينتج منها إلا عدد محدد وبشكل يدوي وليس آلي..

من هنا يمكن أن نعرج قليلا على مفهوم فن البورسلان المسمى بالذهب الأبيض بسبب غلاء تكلفته والذي يعد من الفنون القديمة التي اشتهرت في الصين منذ مئات السنين لينتشر بعد ذلك في أمريكا وأوروبا على وجه الخصوص.

وقد أنشئت كما ذكر في كثير من المقالات والدراسات عن هذا الفن مدارس لتعليم الرسم على البورسلان في العديد من دول العالم كما قيل عنه إنه عبارة عن طينة غاية في النقاوة تشبه طينة الخزف وتمتاز بنسبة عالية من احتوائها على الكاولين كمادة أساسية في تركيبتها من الصعب تشكيلها باليد مثل طينة الخزف

لأن احتمال تحطمها بالفرن الخاص بالحرق (في حال وجود هواء داخل الطينة ) وارد.

وللبورسلان أنواع منها.. بورسلان صافٍ درجة أولى Lemoje France خفيف جدا قد يبدو بياضه شفافاً، بورسلان Bone china من عظام الحيوانات لونه بيج، بورسلان ثقيل مثل أواني المطاعم والفنادق وتستخدم لصلابتها.

أول مركز للبورسلان بالمملكة

الحقيقة أن ما ذكرناه آنفا واستقينا معلوماته من بعض ما قيل عن هذا الفن الراقي ليس هو بيت القصيد كما يقال فما نعنيه في موضوعنا اليوم ما يقوم به مركز مختص غير نفعي قام على تأسيسه صاحبة السمو الملكي الأميرة مشاعل بنت عبد الإله هو مركز فن البورسلان بالرياض الذي يعد الأول من التي قالت في أحد اللقاءات الصحفية أن فكرة إقامة وتأسيس المركز أتت من خلال تعلمها لهذا الفن فاكتشفت فيه مدى أهمية أن تتعلم سيدات وبنات المجتمع السعودي هذا الفن العالمي الشهرة والقيمة ليعود عليهن بالفائدة عبر تسخير هذا الفن في تصنيع أعمال مميزة لمنزلها.مضيفة أن التعامل مع هذا الإبداع يحتاج إلى الصبر والتروي لإنتاج قطعة صالحة للعرض والاستخدام، لأنه من الفنون التي تتطلب قليلا من الهدوء والتروي للخروج بإنتاجية مميزة وجميلة.

ويقوم المركز على تدريب الراغبات في تعلم مهارات هذا الفن عبر دورات يعلن عنها مسبقا ويركز المركز على تنمية مهارات الأجيال الشابة والأطفال للارتقاء بذائقتهن وتطوير رهافة الحس والإبداع لديهن مع أن البعض منهن لا يمتلكن الموهبة وإنما يتلقين الخبرات ويكتسبن طرق التعامل مع القطع في مجال التلوين والرسم.

مراكز وجهود تنتظر الاهتمام

من يتابع الجهود المبذولة في مثل هذه المراكز المهتمة بالفنون والداعمة لها يتساءل عن دور الجهات المعنية عن الثقافة التي يجب أن يكون لها تحرك وموقف داعم يأخذ بتلك الجهود إلى مراحل أبعد في مساحة ثقافة الوطن، وإذا أخذنا مركز البورسلان وبما شوهد منه من إبداعات لمختلف الأعمار وما قدمه للساحة من طاقات مبدعة كان للجميع مشاهدة إنتاجها عبر معرضين كانا بالفعل مثار إعجاب وتقدير الآخرين باعتبار هذا الفن جديد على محيطنا في الوقت الذي أقيمت له المعاهد والمدارس وتألق به فنانون على مستوى العالم، فأي مركز أو معهد خاص يدعم الفنون التشكيلية والإبداعات الحرفية يستحق أن يوضع في الاعتبار كونه ينتج ويصنع أجيالا ذات خصوصية وتفرد في تعاملها مع إبداعها الذي لا يتكرر ولا يمل وكلما احتفظ به أطول فترة زادت قيمته الفنية والمادية.

أنا هنا لا أدافع عن أيٍّ من المراكز أو المعاهد ومنها مركز البورسلان بقدر ما أضعه أمام من يجهله وأمام المسؤول الذي يجب أن يتعرف عليه مع ثقتي أن هذا المركز وغيره وبما تحقق له من نجاح لا يمكن أن يغيب عن المعنيين بالفنون والثقافية وفي مقدمتها وزارة الثقافة والإعلام باعتباره يشكل خطوة جديدة في عالم التخصص في أحد روافد الفنون.

الإبداع بين التكرار والتفرد

لقد دهشت وشاركني الدهشة الكثير عند مشاهدتنا للأعمال التي عرضت في معرض مركز البورسلان بمركز الملك عبد العزيز قبل عام وسعدت (الجزيرة) برعايته وافتتح على شرف صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود محافظ الدرعية وتأتي الدهشة في قدرات المشاركات في المعرض على التحكم في الخامة والتعامل مع مراحل معالجتها الحرارية في الأفران الخاصة والدقة المتناهية في العديد من اللوحات التي تعتمد على المنمنمات والزخرفة، والأهم من هذا وذاك هو أن قيمة تلك الأعمال والأعمال المشابهة لها عالميا غير مكررة وليست مقولبة بمعنى أن هناك العديد منها في الأسواق والمقتنيات فكل قطعة تعتبر تحفة متفردة تحمل خصوصيتها وموضوعها وتقنياتها مما يضاعف قيمتها الفنية والمادية.

monif@hotmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة