Culture Magazine Thursday  22/04/2010 G Issue 307
سرد
الخميس 8 ,جمادى الاولى 1431   العدد  307
 
مقاربة
جمعان الكرت في مجموعته «سطور سروية»: رحلة في العمق الإنساني وانثيالات في الوجدان الجبلي
عبدالحفيظ الشمري

تسعى قصص مجموعة «سطور سروية» للكاتب والقاص جمعان الكرت إلى بناء معادلة إبداعية سردية تحافظ على أبعاد النص ومضامينه ونبراته المتهادية نحو سياق حكائي متكامل العناصر والشروط، يستخلص القارئ من ورائه العبرة من الموقف الإنساني المعاند والصابر حينما يجنده بوصفه طاقة هائلة تثري حالة الكشف وتسهم في صياغة العمل الإنساني بشكل عفوي.

فالرسالة الإنسانية في هذه المجموعة تسير على نحو مقنن رتب له الكاتب «الكرت» وعني فيها حينما جعل القصة الأولى من المجموعة «أنين الوادي» مدخلاً إلماحياً لحالة السرد الذي يرتكز على انثيالات الواقع الريفي لا سيما وأن الكاتب يمتاح من صور الطفولة المغروسة في الوجدان .. تلك التي تكون حكاية الجبال القصية والأودية السحيقة.

فالأماكن بوصفها حالة سردية تعد المهد أو المقر أو المأوى للكثير من التجارب الإنسانية والخواطر الوجدانية التي يبرع القاص في استدراجها وتدوينها على هيئة إضمامات سردية تتكئ على الحكاية وتنغمس في مفردات الخطاب الواقعي للحياة في المنظومة السروية أو ما أسماها «الكرت» السطور السروية إشارة إلى أن قصة الجبال حاضرة في هذا التدوين السردي الشيق.

الراوي في قصص مجموعة «سطور سروية» مفوه بما يكفي ويزيد، إذ نراه وقد أبدع في سبر أغوار الذات من عدة منطلقات ومنابع فهو في قصة «جثام» يستعيد سيرة الماضي على لسان الراوي البطل بينه وبين خالته حينما يحدد من خلال منقولاتها اللفظية مصدر فكرة الهاجس الأليم لحالة الجثام أو الكوابيس التي ترد للإنسان في لحظات إعيائه النفسي والجسدي معاً.

لا نبتعد كثيراً عن مقاربة الماضي بما سواه من حياة تتوالى على هيئة تحولات إنسانية بسيطة لنراه يوغل في استقصاء حالة الطفولة في قصة «فسحة» حينما يمتاح لنا من ذلك الألق الماضوي الجميل هذه التراسلات الندية للحكاية الريفية البكر.

القاص جمعان الكرت يسعى من خلال هذه المجموعة إلى أن يكون مقتضباً في سرده للأحداث وتقديم الشخوص ووصف المكان، حيث لا يجد المتلقي أي صعوبة في معرفة أنه قد سعى في هذه المجموعة إلى المكان بكل تفاصيله حتى أثبته في عنوانها «سطور سروية» فلم يشأ أن يقول صفحات أو حكايات رغبة في التقشف والاقتضاب وعدم الإطالة التي قد تتسبب في ترهل النص وهذا ما برع فيه القاص في قصص المجموعة بشكل عام.

ففي قصص «السعلية» و»وجوه» و»يحيى اليماني» و»حقيقة راجح» يذهب النص إلى الإيماء نحو مواطن الحكاية الأزلية للإنسان مع الأرض لتتعاضد في هذا السياق حالة المكان القاسي والأليم مع الإنسان البسيط الذي يسعى إلى التغلب على ما يواجهه من مصاعب حياتية يكون فيها أبطال هذه القصص قادرين على الأمل رغم يأس من حولهم.

لم يشأ القاص جمعان الكرت أن يقحم شخوص هذه القصص في أتون صراعات لا جدوى منها، إذ إن القارئ لا يجد أي صعوبة في التقاط مفردة هذا الخطاب الحكائي الإنساني الذي برع الكاتب في تهذيبه وتشذيبه حتى يكون حالة إلهام جمالي ممكن يسهم في قراءة الحقيقة من جديد دون إطالة أو تلاعب أو تصنع في البناء اللغوي أو الفني لنراه وقد أبدع في تحييد هذه النصوص الهادئة عن نزوات تفخيم اللغة وتوسيع الدلالات أو ما إلى ذلك فهو الذي يريد هنا أن تصل الفكرة إلى القارئ بأبسط الصور.

***

إشارة

سطور سروية (قصص قصيرة)

جمعان الكرت الغامدي

(الطبعة الأولى) 1431هـ

تقع المجموعة في نحو (92صفحة) من القطع المتوسط

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة