Culture Magazine Thursday  30/12/2010 G Issue 327
فضاءات
الخميس 24 ,محرم 1432   العدد  327
 
تقريبا
الحداثة تتعصرن.. المعاصرة تتحدث العربية
ضياء يوسف

في هذا الخميس يكون قد مر بهذا الشهر الثمين «ديسمبر 2010» حدثان جميلان ومهمان على صعيد عرض وتقديم الفن المعاصر في الخليج العربي, الأول معرض «السجنجل» في البحرين والآخر افتتاح متحف: المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة.

في البحرين وبعد عامين طويلين من الحضور المكثف للغة في الأعمال المعاصرة حول العالم يتوج معرض «السجنجل» المنتج العربي في تقديم الفن المعاصر من خلال اللغة بأعمال ترصد المعاصرة وروح العصر واللغة في كل فريد. يقول تقديم المعرض إنه وعبر استجواب المعرض للغة، نحاول أن نستكشف ما إذا كانت اللغة تُعتبر حقاً «كمرآة عظيمة للعقل» مثلما قال عنها الفيلسوف الألماني ليبنز، أو أنها عكس ذلك تماماً حيث إن لها وجوداً مستقلاً، ونحن البشر نتشكلُ عبرها ولا نستطيعُ التفكير من خارجها، وبالتالي كلُّ «الحقائق» التي نعتنقها هي نسبية وربما تكون وهمية ومن صنع اللغةِ فقط، أو كما قال جاك دريدا «لا يوجدُ شيء خارج النص». وتجرنا عبارة دريدا إلى التساؤل، هل كان بالإمكان اختراع فكرة الفن والفنان وإيجاد الحركات والنظريات الفنية بعيداً عن اللغة؟ أم أن اللغة هي التي جعلت العين ترى وتدرك، وشكلت لها ثقافتها البصرية؟ فهل نحن في نهاية الأمر مجرد مرايا عاكسة للغة، خاضعون لها وتستعملنا وتقول ما تريده من خلالنا؟» يمر هذا التقديم الجميل بتطبيقات مدهشة من خلال أعمال حية ترصد اللغة العربية واللغة الدخيلة عليها التي في الحقيقة تزاحم العربية حداً يصل في بعض المناطق لتكون العربية أقلية في أوطانها عبر مشاهد تتكرر في الحياة اليومية الخليجية.

بالنسبة لافتتاح متحف: المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة، فعنوان المتحف يلح في رفع علامة استفهام كبيرة تتربع فوق كلمة «الحديث».. على الأقل لاعتبارات أن الدوحة تقدم نفسها بصفتها العاصمة المعاصرة القادمة الموعودة بقوة ثقافية تقود المنطقة فكيف تعود قليلاً للوراء لتضع هدف «الحداثة»! أمامها كهدف؟.. ما لم يسلط ضوء كاف على واقع المنطقة سيكون عنوان الحداثة دائم الغرابة, فالفنانون العرب ما زالوا يمارسون الحداثة كجزء كبير من نتاجهم الفني لم يعد من الممكن تجاهل واقع تطبيقاته وواقع جمهوره. بالإضافة لهذا فإن المتحف يضع 1840 عاماً من العطاء العربي فضاء لتكوين مجموعته التي تتجاوز الـ6000 عمل فني. هذا لا يلغي بالطبع أهمية مجموعة مقتنيات المعرض ومعارضه القادمة وأنشطته المتعلقة بالفن المعاصر التي لروعتها لا شك تجعل من عنوان الحداثة لا أكثر من فكرة عامة تجمع هذه الفترة الطويلة من الزمن.

بعيداً عن كل هذا فإن المتحف يمارس فناً معاصراً أخاذاً بقائمة برامجه واستعداداته لتعزيز دوره كمركز للحوار العالمي والبحث العلمي. وذلك من خلال أنشطة تهدف إلى إشراك الفنانين والكتاب والطلاب والعلماء وعامة الجمهور على أوسع نطاق ممكن. بنظرة سريعة إلى أنشطته للشهر القادم يمكننا تمييز هذه المعاصرة في التعامل مع أساس فكرة المتحف. هناك ورش عمل «العمل الفني عمليّاً» والتي يمكن من خلالها للأطفال والأسر أن يبدعوا أعمالهم الفنية من وحي التماثيل ذات الأحجام الكبيرة في الهواء الطلق. ومكتبة البيت المفتوح وأنشطتها النهارية والمسائية. هناك أيضا نشاط «مطاردات (الباحث) المبدع» الذي يمكن من خلالها بمساعدة دليل مطبوع امتحان كل أسرة بمحاولة الإجابة عن أسئلة تجعل الأطفال يبحثون عن أجسام غامضة في المعرض ويتفاعلون معها. وستعلق العائلات النتائج على الشاشة في منارة (المركز التعليمي)، وذلك خلال عملية استكشاف بقية المتحف مكونين بذلك عملهم الفني الخاص. هناك أيضا أنشطة من نوع آخر هي بالاشتراك مع دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر حيث يؤلف عدد من الشعراء المختارين قصائد جديدة مستوحاة من معرض (سَجِّل). ينضمون عبرها لجولات يندمج فيها الجمهور بالمؤلفين في الفضاء الفني للمعرض. كما أن هناك شراكة مع معهد الدوحة للسينما سيعرض من خلاله في المتحف فيلماً حديثاً لمخرج عربي. وينضم بعد ذلك حوار حول: ما معنى أن تكون مبدعاً على المستوى المحلي في العالم العربي؟ بالإضافة إلى هذا فإن المتحف يفتح أبوابه في المساء للانضمام إلى جولات بالإنجليزية أو بالعربية من خلال عيون أحد «أصوات (متحف)» والذين غالبا مايكونون أحد طلاب الجامعة المبدعين القادرين على تكييف الجولة بإبداعهم الخاص ومن خلال رؤاهم الخاصة. الجدير بالملاحظة في هذا المتحف بالذات هو الكوكبة النسائية المحترفة التي يحتويها والتي يبدأ أولها من خلال سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، مروراً بالدكتورة ندى الشبوط، أستاذة مشاركة في تاريخ الفن ومديرة معهد الدراسات الثقافية العربية والإسلامية المعاصرة في جامعة نورث تكساس. والسيدة وسن الخضيري، المنسق الرئيسي والمدير بالنيابة، والسيدة دينا شلبي المدير الإستراتيجي للمتحف. وهو أمر يحسب للمرأة العربية.

ديسمبر فنياً شهر غزير جداً فإن كان هذا ماحدث في الخليج فقط فإن العالم الفني احتفى بآرت بازل ميامي.. وهو الفعالية الأهم والأضخم فنياً على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية وفي هذا الكثير جدا للفن المعاصر فلسفة وتطبيقاً. إنه شهر جميل يعدنا بتفاؤل بإبداعات خلاقة للعام القادم.

كل عام وأنتم بفن.

www.sedrh.com الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة