الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 20th October,2003 العدد : 33

الأثنين 24 ,شعبان 1424

إدوارد سعيد.. القابل للاحتواء
عبدالكريم العفنان
مدير مكتب دمشق
الفكر النبيل هو من نبل النفس الإنسانية لأنه مناط الحرية الشخصية بإزاء الخارج حيث يتعذر على العقل التابع أن يزهو بمنتجاته في نعيم الفكر البشري حسب المفكر هادي العلوي ولم ينتج العبيد هذا النمط من الفكر إلا في حال العصيان وهو ما يعطي العبد الأبق صفة الحر غير القابل للاحتواء: هو المفكر العربي الفلسطيني أدوارد سعيد قوة المثال الذي يستعصي على الخارج مهما تنعم وصفاً.
إدوارد سعيد فلسطيني الوطن والهوية.. أمريكي الجنسية، هو فلسطيني في انتمائه إلى وطن يسمى فلسطين انتماء بالفطرة والوعي المفكرن. وهدف تحرير ما تبقى من الوطن يتجانس عنده مع الاعتراف بحقوق اليهود في فلسطين دون أن يذهب إلى شرعنة وجود إسرائل، يدرك سعيد بنبل وعيه الوطني وإحساسه الشديد بالكرامة الوطنية أن الولايات المتحدة عدو للعرب في هذه القضية وغيره فهو لا يعول إلى حل غرباوي لقضيته الوطنية لأن العدو عدو باستراتيجيته العليا وسياسته الجوهرية الراسخة في عظام الإيديولوجية الغرباوية والتعويل على العدو يعني استحالة الحل.
يقارع الإسرائيليون في المناظرات الثقافية لأنه مقتنع أن مثل هذه المناظرات، وجهاً لوجه، هي الكفيلة بالكشف عن الحقائق وإزالة الأقنعة وفضح التزوير الإسرائيلي، والأكثر من ذلك فضح ضعف وتهافت حجج الإسرائيليين.
إنسان عربي، لم تدفعه آليات الاستلاب في المجتمع الأمريكي ولا إغراءات المؤسسة الإعلامية والسياسية إلى أن يتنازل يوماً عن قناعاته بل كان على الدوام مدافعاً عن القضايا العربية العادلة، وعن الحضارة والثقافة العربية.
إنسان قومي، ولكن همومه القومية لم تخلق منه شخصاً مثالياً أومتعصباً، ولم تمنعه من الانفتاح على كل العالم، وأن يكون جزءاً مهماً وفاعلاً في هذا العالم.
من يتخذ مثل هذه المواقف في الولايات المتحدة لا يمكن إلا أن يكون له أعداء.... في الجامعات والمؤسسات السياسية... فأطلق أعداؤه عليه لقب (أستاذ الإرهاب) لأنه يحارب الإرهاب، وخربوا مكتبه لأنه يقف ضد تخريب العقول.
لم يكن إيمانه بمسؤولية المثقف الأخلاقية والسياسية أقل من إيمان سارتر وغراتش وراسيك، فمستقبل البشرية ومنعها من المضي في طريق الخراب والدما وهدايتها إلى الطريق الصحيح.... وإخراجها من بحر الظلمات إلى عالم النور هي مهمة المهمات عنده. ولذلك نجد قائمة القضايا التي يعد نفسه مدافعاً عنها تكاد لا تنتهي:
العدالة، الحرية، حقوق الإنسان، حقوق الشعوب، الكرامة الإنسانية، ومثلما القضايا التي يدافع عنها كثيرة فإن القضايا التي يقف في وجهها تكاد تكون أكثر: الاحتلال بكل أشكاله، الأنظمة الديكتاتورية، التمييز العنصري، حروب أمريكا غير العادلة، الجوع، الفقر، القهر.
وكل ذلك من أجل ماذا؟
من أجل حياة مستقبلية للبشر، كل البشر، تكون أكثر عدالة وإنسانية. يطارد الإمبريالية، في لحظات تشكلها، وآلية إنتاجها للدمار والخراب، ونتائجها الكوارثية على الإنسان والحياة يعريها، ويكشف أكاذيبها وأباطيلها.... يدافع عن الإنسان ضد الوحش الذي يحاول أكله... يدافع عن العدالة ضد مغتصبيها... يدافع عن الحرية ضد من يسلبها من الشعوب.
قال مذيع التلفزيون البريطاني (بي بي سي) لأدوارد سعيد في بداية التسعينات.. هل تشعر بالخجل.. فأجاب لماذا أخجل؟ أنا فلسطيني وانتفاضتي مستمرة منذ ستة أعوام لقد صارت أمثولة للشعوب المناضلة من أجل التحرر وإن تكتيكات الانتفاضة تطبق الآن في جنوب إفريقيا!
لقد عرف ادوارد سعيد من الغرب مالا يعرفه غيره من توابع الشرق والعرب لما يتمتع به من مخزون ثقافي هائل يتصرف فيه بوعي جدلي هائل فيخرج منه بالنتائج الباهرة المعرفية وكم كان الصديق هادي العلوي بليغاً عندما قال: لعل أسمى ما أنجبه الشعب الفلسطيني الانتفاضة وإدوارد سعيد.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
المحررون
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved