Culture Magazine Thursday  03/03/2011 G Issue 333
أفق
الخميس 28 ,ربيع الاول 1432   العدد  333
 
مقاربة
علي القحيص في روايته "الكليجا":
وصف سردي لحالات الإنسان وتجليات الغربة
عبدالحفيظ الشمري

يطل الكاتب علي القحيص بروايته «الكليجا» من شرفة السرد الحكائي حينما يتلمس طرق الحكاية القديمة للمعاناة الإنسانية الرحبة .. تلك التي ظل الروي فيها مفعماً بحكمة البوح وبراعة السرد لأدق تفاصيل حكاية البطل او الشخصية المحورية «مساعد» الذي يخرج من ريف داخلي إلى فضاءات أخرى تختلف عن بيئته وتناقض مسلماته التي ورثها عن والده أبو شعلان ومن حوله شخصيات تقيم بناء الواقع البيئي للحكاية التي أفرد لها الكاتب القحيص الكثير من الصفحات ليبين البعد الجديد في هامش التحولات في هذا الزمن.

فصول رواية «الكليجا» تتواترفي بناء متواز لا تطغى فيه صورة على الأخرى وإن سعى الكاتب إلى إبانة الكثير من الحكايات العفوية والمشاهد المألوفة التي تسرد الصورة الحقيقية لبناء الإنسان في بيئة الحكاية أو الرواية التي يضعها بين يدي القارئ، حيث يتكئ على هامش كبير على نحو المنقولات التي يتجاذبها والد مساعد وصديقه أبو عبدالرحمن بغية إثبات حالة الزمان بصراحة ووضوح.

فالواقعية في الرواية تتناهبها صور المقولات والتهويمات وبناء خطابات تشرح بإسراف مواقف الشخوص دون أن تعطي للقارئ فرصة التأمل أو البوح أو النقد أو مد جسور من الثقة بين زمن يهرم ويشيخ وبين جيل يحاول صنع معادلة الحياة الجديدة على نحو شطحات رؤى مساعد في الغربة.

فوصفيات هذه الغربة في الفصل الثالث من الرواية توحي للقارئ بأن مسافة الرؤية متباعدة جدا أي أن وقوع الحدث ربما يأتي بعيداً ولاسيما إذا ما علمنا أن الارتحال إلى سوريا ربما لا يكون اغترابا في الراهن أما لو كان في زمن سابق لبات الأمر مبررا أو متوازنا إلا أن الكاتب سعى إلى إبانة أن البطل أو الشخصية المحورية اعتمدت على البعد الجغرافي الداخلي منطقة القصيم باعتبارها بيئة محافظة لا يزال فيها الزمن هادئا والأحداث والتحولات غير عاصفة.

تظهر في تضاعيف الحكاية أو الرواية رؤية عميقة تسلط الضوء على مشاري وهو الذي يحمل رداء الشخصية المتناقضة بل والمتهتكة حيث توقع بهذا الشاب الغر مساعد وتجعله وقودا لهذه النزوات التي أشار إليها الكاتب بأنها خطيرة وخبيثة وحملها الكثير من الأوصاف المؤذية حيث زجت بهذا الشاب في أتون حياة أليمة وشاقة ولاسيما حينما بدأ مساعد التعرف على رندة بوصفها عالما جديدا لا بد له من الدخول فيه.

يمكن لنا القول بأن رواية علي القحيص عبارة عن لوحات إنسانية متواترة تتناوب فيها صورة الحياة العادية ممثلة بأبيه وأمه، مشاهد أخرى على نحو ما يصنعه في هذه الغربة حيث يسجل حضوره الجديد بين عوالم مختلفة ومتباينة ولاسيما في بيئته الجديدة داخل الجامعة وخارجها.

تتسارع الأحداث في رواية «الكليجا» لتعالج معضلة إنسانية هامة وقع فيها «مساعد» وكان من يدفعه إلى مثل هذه الممارسات الخاطئة هو فضاء متشنج من الرؤى المترامية حيث تبرز صورة الشر ممثلة بتجارة «مشاري» في وقت لم تسعف البراءة بطل الرواية حينما هوى في فضاء سحيق من العبث والمجانية وغياب الضمير حتى بات لقمة سائغة للمجرمين لينال على إثرها العقاب فيلج السجن حتى يقضي مدة حكم طويلة.

في الرواية مساحة من الجغرافيا المتباعدة تسمح بقول الكثير من الحكايات وشرح العديد من المواقف فيما الزمن في الرواية بات مؤرخاً لتداعيات اجتماعية وسياسية تتوزع على أنحاء كثيرة من العالم العربي بين السعودية وسوريا والعراق وقبرص. زمن رأى في الكاتب علي القحيص أهمية التوثيق الذي يوائم بين الزمان والمكان بلغة بسيطة تسرد الأحداث بحياد ووصف هادئ يبتعد على المغالاة أو استعراض اللغة.

* * *

إشارة:

الكليجا (رواية)

علي القحيص

منشورات مؤسسة الدوسري للثقافة والإبداع.

تقع الرواية في نحو (160 صفحة) من القطع المتوسط.

تصميم الغلاف (مناف نفاع).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة