Culture Magazine Thursday  03/03/2011 G Issue 333
قراءات
الخميس 28 ,ربيع الاول 1432   العدد  333
 
مداخلة أولية في كتاب
«فواصل في مآزق الثقافة العربية» للدكتور إبراهيم التركي
نادر عبدالله*

إن ما يلفت انتباه القارئ وهو يخوض في صفحات كتاب «فواصل في مآزق الثقافة العربية» ل «إبراهيم بن عبدالرحمن التركي»، هذا الهم الصميمي المتأصل في أعماق الكاتب، بحيث أن ما يتناوله من قضايا مجتمعية عامة تتطوح أمامنا هماً شخصياً، يحملها الكاتب على كاهله، من هنا كنت أشعر أثناء القراءة أنني أمام ما يشبه مذكرات شخصية ثقافية، بمعنى أن بيت الشعر الذي يسوقه، أو الحكاية أو المثل لم تكن لتتوطأه ذات يوم في الطفولة أو الشباب وسياق حياته إلا بوصفها أفضت عن رؤية تخص مجتمعه وواقعه، وهذا ما جعله كائن مملوء بالثقافة، وكأن لا تجربة شخصية له خارجها، منها، من محمد عبده وطه حسين والرصافي، والسريالية، ولسان الدين الخطيب والشعراوي وأبي الطيب وإقبال والجرجاني، وفيكتور هيجو، والقصيبي، وابن الجوزي... إلخ. يطل على الواقع والراهن ويحاكمه، ويخزنه بدخيلته، فنرى الواقع مربوطاً بالتاريخ متنزلاً بعد ذلك أو أثنائه لحظة شخصية في حياة الكاتب. من هنا قلت إن الكتاب أشبه بمذكرات شخصية ثقافية وهذا بالضبط ما جعل الكاتب الذي بدا ابناً للثقافة الإنسانية بامتياز، يستدل على الصواب بحكم انتمائه الأصلي لهذه الثقافة، رغم تعدد الموضوعات التي يطرحها، وإشكالية الكثير منها بوصفها راهناً لم يستجلى كنهه بعد، وهذا ما جعلني أؤمن من جديد أن المثقفين الأصليين لا ينتجون سوى التنوير وإن اختلفت مشاربهم الفكرية، لأنهم موصولون أساساً بعمق الإنسانية وموضوعاتها الخالدة، ولعل الكاتب إبراهيم التركي في كتابه هذا يشكل نموذجاً حياً لهذا الكلام حيث لا غشاوة إيديولوجية تحجب الضياء عن عينيه، تقوده بداهته ونزاهته إلى توسيع موقفه الفكري، بأصالة المعنى، فيشع التنوير.

* كاتب فلسطيني

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة