Culture Magazine Thursday  08/12/2011 G Issue 355
أوراق
الخميس 13 ,محرم 1433   العدد  355
 
معجم موازين اللغة
نقد مسار الكتابة عن الحديث.. واللغة.. أين المسئول..؟
صالح اللحيدان

اللغة العربية هي الأرض التي يسير عليها عامة أهل العلم، وهم يأخذون منها المعارف شتى لبيان الأمور الكثيرة مما يحتاجون إليه في تفسير المفردات ومشاهد القول في ثنايا مطولات كُتب: الأخبار، ومطولات كتب العلم.. والآداب.. والسِّير، وما يجري مجرى هذه الأسفار مما كتبه أهل العلم في ذلك خلال العصور المتطاولة، وإذا لم يدرك العالم.. وكذا القاضي والمفتي.. ومثلهم: الأديب.. والناقد ما لم يدركوا ذلك خصائصها ودلالاتها على المعاني اللازمة لبيان المراد فإنه لعله يفهم شيئاً وتغيب عنه أشياء وذلك يُشير إلى عدم الإلمام باللغة حقيقة على ساق لا يقوم إلا بذلك تماماً.

ولهذا جرى تفسير قوله صلى الله عليه وسلم لما أخرجه كفار قريش وحلفاؤهم من مكة وأخرجوا معه المسلمين دعا عليهم جميعاً إذ قال (اللهم اجعلها عليهم سنيناً كسنين يوسف) وفي رواية أخرى (اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف).

فعامة أهل الحجاز.. وكذلك علياء قيس يقرأون ذلك بالحروف (يُعربونها)، وأما كثير من بني تميم وبعض بني عامر أي قبيلة (سُبيع) فإنهم يعربونها بالحركات دون الحروف.

وقد ورد هذا وذاك في الشعر العربي، ولعلك واجد أن ذلك ولا ضير يختلف حسب اختلاف اللسان عند قبيلة وقبيلة أخرى.

كل ذلك أجلبه «هنا» تقييداً من أن: اللغة.. والنحو.. ودقائق البلاغة كل ذلك يشير أول ما يشير إليه إلى «الموهبة» ما في ذلك شك وهذا يدعوني وليس إلا هذا أن من يكتب في هذه العلوم لا بد أن يكون ذا موهبة ولو على سبيل الاكتساب.

ولعلك أيها القارئ الحصيف وأنت بعض من يرى الحال لعلك تقرأ بطول تمعن واستمعان، وطول تأمل كثيراً مما يكتب ويدون فسوف ترى أموراً جليلة وذلك مثل هذه الحالات لكن لا على سبيل الحصر، ثم بعد ذلك لعلك تحكم بذائقة النزاهة والعدل فخذ مثلاً وجود كثير من هذه السِّمات:

1- الطرح العجول.

2- عدم استيفاء النظر المكين.

3- ضعف المفردات مع كثرة الاستطراد.

4- عدم توافق النسق والخلل في المعنى.

5- تكرار الكتابة بلفظ مختلف.

6- الإصرار على الدوام دوام الكتابة دون جديد إضافي.

7- تعالي الكتابة دون تنبه لذلك.

8- ترك تأصيل العرض والنقاش إنما ذلك خطاب إنشائي مع رصف المفردات وضيق النفس.

9- محاولة الاجتهاد دون تفريق بين: النقد ودراسة العمل والاجتهاد الإضافي الحقيقي.

10- مشكلة الخلط بين الاجتهاد الجيد والعرض المتين.

11- عدم التجديد في مسار الممازجة

بين مستجدات الألفاظ.. وأصول ألفاظ العرب عند كل قبيلة.

ولهذا تجد إن أنت لعلّك تدبرت تجد أنني على قولي غير ناكص، وإني بإذن الله تعالى لعلى بينة من الأمر: أنه لا بد من الموهبة أو اكتساب ذلك ولو على ناهض يسير من علم متقن يسير.

وليس أدل على ذلك من مثال أورده هنا ليتبين الحال من حال حاصلة، وذلك أنني وقفت على كتاب (حديثي.. لغوي) لمؤلف مرموق تجاوزت صفحاته (655) صفحة تدور حول: صحيح الآثار وضعيفها مع دلالة اللغة على صحة الآثار الواردة، وقد تمت الكتابة عنه بعد صدوره بفترة وجيزة من أحد الكتاب الفضلاء المهتمين بمثل علم اللغة والنحو، وله كتابات لا بأس بها حول الآثار وذلك بقرابة نصف صفحة مع صورة غلاف ذلك الكتاب، وقد كان مما قال ذلك الكاتب عن ذلك الكتاب ما يلي: (إن هذا الأستاذ المحنك في كتابه قد تخطى التقليدية بلغة رصينة جيدة كلغة أئمة: الحديث.. واللغة، إنه صديق وزميل وعالم باللغويات فذ لم أجد له في رسالته أي خطأ...) إلخ. ما كتب هذا الأخ، وراح كذلك يثني كثيراً دون إبداء أية ملاحظات أو مجرد رأي أو وجهة نظر ولو تعريفية هادئة حكيمة أو بذل رأي ما من باب (صديقك من صدقك لا من صدَّقك).

لكنه ذهب المذاهب كلها يمدح، ويُطري وقد حصلت على هذا الكتاب بفاس (بالمغرب) وفي القاهرة بطبعتيه الأولى والثانية لدخوله تحت دائرة اهتمامي، تصفحت الكتاب بهدوء وطول نظر، هالني ذلك الإطراء لكن لم آسف كلا.. فكتاب من (655) صفحة يكتب نصف صفحة في جريدة سيارة لا جرم ليس هذا صواباً، ولا يمت للحق بصلة فضلاً عن الصداقة والزمالة.

لكن لينظر القارئ كيف وجدت هذا الكتاب..؟

بعد طول تأمل وطول مُعاودة وجدتُ ما يلي:

1- 29 خطأ نحوياً.

2- 24 خطأ لغوياً.

3- ووجدت كذلك (14) حديثاً ضعيفاً.

4- وثلاثة أقوال مرجوحة خالف فيها الباحث (الدكتور) إجماع المشهور عند أئمة الرواية من (علماء الحديث) ولعله ينقل نقلاً دون تحرير لا وجه المسألة أو المسائل المنقولة.

وهناك في الرسالة استطراد كثير فلستُ ولستُ أدري ولا أخالني أدري..؟ هل كتب هذا الكاتب الفاضل عن هذه الرسالة بحكم: الصداقة أو -تقديم العاطفة- أو سوء التصور؟

وليس عليك إلا أن تتابع وتنظر أن مثل هذا كثيرا ما يحصل في: عالم الكتابة.. والعرض.. والدراسة.. والتحقيق.

هذا كله وغيره رأيت أن يكون: باباً للهيئات العلمية واللغوية.. والعلمية الحديثية والتاريخية أن من الضروري أن يتنبه الكل لحقيقة (العلم) في هذا الحين، وينظر الكل لما يُكتب اليوم ويُنشر في مجالات: اللغة.. والنحو.. والحديث.. والاجتهادات التي تفقد كل شيء إلا عنصر محاولة الحضور الاسمي ليس إلا، وهذا أي (التنبّه) داعية لحماية الموهبة الصحيحة وتغذيتها ورفع معنوية أصحابها حتى وإن كانوا قلة وبعضهم يبتعد عن: الأضواء أليس هذا هو الحق؟

حقيق بنا أن نقول: هو ذاك دون سواه.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة