Culture Magazine Thursday  12/05/2011 G Issue 341
أفق
الخميس 9 ,جمادى الثانية 1432   العدد  341
 
مقاربة
فيصل أكرم في ديوانه «حوار الليل ونجمة الصبح»:
في القصائد مكاشفات للروح وأحزانها الأليمة
عبدالحفيظ الشمري
-

في رؤية شعرية عميقة، وسبر لأغوار الذات ومناجزة صريحة لواقع الألم يطل الشاعر فيصل أكرم على القارئ من خلال ديوانه الجديد «حوار الليل ونجمة الصبح» مستلهماً صورة واحدة للشعر الذي لا يزال في مدار الألم.. إذ ذاك ما تشي به المقدمة الأولى للديوان حينما يرى الشاعر أن شجن الحالة الإنسانية يسكنه منذ أمد، فقد مر بتلك الصور الوجدانية من خلال دواوينه السابقة لهذا الديوان، متيقناً ألا شيء قد طرأ على حزنه، أو رحلته منذ أن قال الشعر حتى هذا الديوان.

فمن المقدمة ندلف إلى القصائد التي حملت هم الإنسان، ليصوغ لنا الشاعر معادلة إنسانية غاية في الفرادة حينما يكشف في القصيدة ألأولى «مقاطع من لعبة الأسباب» حيث يقارب بين همه البسيط وهموم من حوله، ففي هذه المقاربة لا يجد بداً من أن يكاشف الروح أجل نوائبها وأحزانها وارتداداتها الأليمة حينما يسكن السؤال حلق القصيدة من ألفها إلى يائها:

«وبراعتي في لعبة الأسباب

يطلعني النزول

إلى بزوغ في الأفول

هو ذا اشتهاء

لانتهاء في بدايته يطول

هو ذا انتهاء لاشتهاء..»

فالقصائد لدى الشاعر فيصل أكرم رسائل وعي إلى ذاكرة تختزن الكثير من قصص الألم لكنه يتيقن مع كل نشيد أن العربي لا ينفصل عن حزنه، لنراه وقد أطنب في وصف الحالة الراهنة للشاعر الذي ربما لا يجد له أي زاوية أو ركن إلا وفيها من الذكرى ما يعيق سبل الأمل.

فالقصائد تتراسل على هذا النحو الإفصاحي عن مشقة الوجد الذي يسكن الإنسان لحظة أن يستشعر القصة الأولى على نحو قصيدته «هو الميعاد» التي ساق فيها رؤية بانورامية لواقع الشاعر حينما تسكنه هموم الغربة لا سيما وهو يبحث عن ذاته وألق بقائه أطول وقت ممكن في رباط الأمل الذي يرى الشاعر ودون مواربة أنه يندحر ويعجز عن مناجزة الواقع و كشف بعض ممارساته الأليمة.

قصائد الديوان رسائل ساقها الشاعر معتمدا على رؤيته الواعية ولغته المتميزة وفكرته التي لا يحيد عنها.. تلك المتمثلة في البحث عن الذات من أجل أن يتصالح معها أطول وقت ممكن قبل أن تحل النهايات التي يرسمها الشعراء وهي غالباً ما تكون على نحو أليم إذ لا يمكن لنا أن نسترشد بأي فأل ممكن لأن الشاعر فيصل أكرم دائماً ما يشير إلى أن الشعر هو الحري بأن يكشف الواقع ويعري الحقيقة بأن لا أمل في أن نتفاءل في ظل هذا الوجوم الوجداني المترهل في ذاكرة العربي على نحو تساوقات بوحه في قصيدة «عناوين»:

«كالجرح كان على جبينك

قلت: ذاك حب عمري

أنت عمرك فانتظر

حتى يموت العمر فيك

أو اعتذر»

القصيدة التي تحمل اسم الديوان «حوار الليل ونجمة الصبح» جاءت على هيئة محاكمة علنية للشعر الذي يسكن الشاعر كجان منذ عقود أربعة، فلم يغادره أبداً.. فالقصيدة لا تجد بداً من كشف المزيد من جراحات الإنسان الذي لا يملك إلا سلاح الوعي الذي بات يدثر. فلا يجد سوى الغربة هي التي تشرع له الأبواب ليعاود الغياب في مجاهل السفر الطويل:

«للذكريات ملامحها

من صميم الخيال

وللموج شكل الجبال

دعيني أحاول هذا المجال

مجال هو الشعر

كل المجالات شعر

إذا كنت أنت الجواب

وكنت السؤال»

فالقصائد في ديوان فيصل أكرم تراسلات وعي لاعج لا يقف عند حقيقة المصانعة أو التصالح مع الواقع أو ما سواه، إنما هي رحلة بين الكلمات التي لا تجد بدا من مكاشف الروح لألمها حتى آخر بيت في شعر الحياة.

***

إشارة:

- حوار الليل ونجمة الصبح ( ديوان)

- فيصل أكرم

- دار الفرابي ـ بيروت ـ 2011م (ط1)

- يقع الديوان في نحو (110صفحات) من القطع المتوسط

- لوحة الغلاف للفنان فارس غصوب


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة