Culture Magazine Thursday  20/10/2011 G Issue 351
فضاءات
الخميس 22 ,ذو القعدة 1432   العدد  351
 
رؤية
الخوف من الإسلام – ماله وما عليه! (2– 2)
أ.د. فالح العجمي

بعد أن استعرضنا في المقالة السابقة آراء بعض المتخصصين في الأحداث الإرهابية التي حدثت بين سبتمبر 2001 ويونيو 2011، وربطت أسباب الأولى بأفكار الإسلام وتشريعاته، كما ربطت بعضها بشكل غير مباشر بين المسلمين والأحداث الأخيرة؛ نتجه الآن إلى تحليل الظاهرة وعناصر مكوناتها، وإلى استعراض دواعي استفحالها، وإمكانات تقليص آثارها السلبية على طرفي القضية. والطرفان هما المسلمون في بلدانهم، أو الجاليات المسلمة في بلدان أخرى من جهة، والمجتمع الدولي بكامله من جهة أخرى.

فالثابت هنا، أن الوضع بحاجة إلى حل جذري وتنازلات كبيرة من الجانبين. كيف يتحقق هذا الحل؟ لا يمكن لأحد أن يدعي القدرة على حلول سحرية لقضية أربت عواملها على ألف عام، وزادها تعقيداً أجندات الإسلام السياسي. غير أن الخطوة التي تمثل أساس الانطلاق نحو تفاهم، بدلاً من التصادم، تتمثل في عدم جعل القيم الإسلامية مضادة للقيم الغربية. وما لم تنجح المجتمعات الإسلامية في البلدان التي تمثل فيها أكثرية أو أقلية في انتزاع هذه القضية من الجماعات الإسلامية، التي تقوم مصالحها على هذه اللعبة، فلن تصل هذه المجتمعات إلى ترسيخ ضرورة هذه الخطوة. أما الجانب الآخر، فأعتقد أنه عندما يرى الجاليات الإسلامية تتصرف بشكل متحضر، فلن تكون لديه مشكلة في التعامل معها؛ تماماً مثلما يتعامل مع الجالية اليهودية أو البوذية أو الهندوسية أو غيرها.

ومن جهة أخرى، فإن ما يجري داخل البلدان الإسلامية نفسها له انعكاسات على تلك العلاقة مع العالم الخارجي، ومع الغرب ذي الثقافة المسيحية على وجه الخصوص. فإذا نظرنا إلى ما حدث في مصر خلال أحداث احتلال السفارة الإسرائيلية الأخيرة في القاهرة، نجد مثالاً صارخاً على التطرف الديني بشكل شوفيني؛ تجلى ذلك عندما كان يصرخ أحد المتظاهرين المسلمين ضد متظاهر آخر من المسيحيين، كان يريد أن ينزع العلم الإسرائيلي من أعلى المبنى، وكأنه يريد حصر الوطنية أو الحرص على دماء الجنود المصريين التي سالت في شبه جزيرة سيناء على المواطنين المسلمين فقط. وقد تحول بعد ذلك التدافع الصراع إلى تحدّ بين المتظاهرين وفقاً لديانتهم، وفي ذلك انتكاسة لبعض القيم التي قامت عليها ثورة 25 يناير، كما أن فيها إشعارا للعالم المسيحي الغربي، بأن أبناء الديانة المسيحية في الشرق يتعرضون لخطر الإبادة أو انتقاص الحقوق على أقل تقدير.

وغير بعيد زمنياً عن مثل هذه الأحداث سمعنا أصواتاً رسمية في فرنسا تدعو مسيحيي الشرق إلى الهجرة إلى أوربا، لأنهم يتعرضون للاضطهاد. ظهرت هذه التصريحات بعد حالات الهجوم المتكررة على الكنائس المسيحية في العراق، وتكررت بعد شكوى الأقباط في مصر من التحيز ضدهم، وكذلك هي الحال مع المارونيين في لبنان، وبشأنهم ظهرت تلك التصريحات الأخيرة.

فهل الإسلام عاجز عن استيعاب تلك الأقليات الدينية وإعطائهم حرياتهم الدينية، وحقوقهم المدنية، ومعاملتهم باحترام وكرامة؟ بالنظر إلى تاريخ الإسلام في هذا الشأن، تكون الإجابة قطعاً بالنفي. فما الذي تغير؟ هل المسلمون المعاصرون يختلفون عن المسلمين القدامى الذين استوعبوا الديانات الأخرى – خاصة أهل الكتاب – وأعطوهم حقوقهم الدينية والمدنية، واستفادوا من خبراتهم، بالإضافة إلى تحقيق الوئام الاجتماعي الذي لا تتحقق تنمية وحضارة دون وجوده؟ أم إن العصر الحالي يختلف عن العصور القديمة؟ نعم العصر الحديث يختلف عن تلك العصور. وأظن الإجابة السديدة كانت على لسان زعيم مسلم مرموق في العصر الحديث هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي ردد من القاهرة وطرابلس الغرب تصوره لحل تلك الأزمة المزمنة!

* الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة