Culture Magazine Thursday  20/10/2011 G Issue 351
شعر
الخميس 22 ,ذو القعدة 1432   العدد  351
 
توقيعات على جدار الثورة
شعر: محمد بن عبد الله عبد الباري

في البَدءِ كانَ التيهُ مائدةً

وكانَ الموتُ ماءْ

في البَدءِ ضاعتْ أمةٌ

ولدتْ شموعَ الأنبياءْ!!

سرقتْ من الغاباتِ صُفرتَها

ونامتْ في العراءْ

حتى إذا الريحُ استدارتْ

سافرتْ للكبرياءْ

***

كفرتْ بـ(عجلِ السامريّ)

ورتّلتْ (سِفرَ الخروجْ)

للمستحيلِ مشتْ

فألّفت الحرائقَ والثلوجْ!!

قطعت صلاةَ الخوفِ

وامتلأت بأسرارِ العُروجْ

الآن ماجتْ أمةٌ.

إن المقابرَ لا تموجْ!

***

كنا نُفصّلُ يأسَنا

شوقاً لفرحتِنا اليتيمة

(سيزيفُ) ملّ

ونحنُ ندفعُ وهمَ صخرتِنا العقيمة

الذلُ ينثرُنا على الأعتابِ

أحذيةً قديمة

وغُبارُ هذا العصرِ يطحنُنا

و تهزمُنا الهزيمة!!

***

كنا نهدهدُ موتَنا

ونغيبُ في خمرِ البلادة

كنا على الشطرنجِ أحجاراً

وليسَ لنا إرادة

منذُ اشتبكنا بالحياةِ

ونحنُ في (عامِ الرمادة)!!

نذوي

لكي يخضّرَ أصحابُ المعالي والسعادة!

***

حُراسُ بئرِ السُحتِ

من زرعوا الدموعَ بكلِ عينْ

باعوا تحسرَنا لنا!!

فالحسرتانِ بدرهمينْ!!

نهبوا مجاعتَنا!!

وما تركوا لنا (خُفي حُنينْ)!!

إن جئتهمْ تشكو ظماكَ

سقوكَ من عَطشِ (الحُسينْ)!!

***

وطنٌ ظلامُ الليلِ أرضعَهُ

فكيفَ إذاً يُضيء؟!

طفلٌ تُلقّنه الشوارعُ

سورةَ العيشِ البذيء

أمٌ يهدهدُ شوقَها الباكي

بريدٌ لا يجيء

ومهاجرٌ ملتْ حقائبُهُ

من القلقِ الخبيء

***

وطنٌ من الأحماضِ

يشهقُ فيه سِدرُ الميتينْ

لم تشتعلْ في ليله إلا

عيونُ المخبرينْ

أعلامُه خفقت

بقمصانِ العراةِ الطيبينْ!!

ونشيدُه الوطنيُ يُعزفُ

من سُعالِ المتعبينْ!!

***

اليومَ جئنا

نقلبُ التاريخَ يا شجرَ الطغاة

من طلقةِ الثأرِ الأخيرِ

نُشعُ في كلِ الجهاتْ

أنّى التفتَ رأيتَنا

نحمّرُ مثلَ المعجزاتْ

لسنا نخافُ الموتَ

تحرُسنا صلاةُ الأمهاتْ

***

نحنُ الربيعيونَ

رغمَ ضراوةِ الوطنِ/الخريفْ

جئناكَ

من مُدنِ الصفيحِ ومن طوابيرِ الرغيفْ

من قطرتينِ من السرابِ

وغرفتينِ على الرصيفْ

من حُزننا اليوميّ

حينَ يلفُ عالمنا الكفيفْ

***

لن ينحني الزحفُ المقدسُ

للمماليكِ الصغارْ

الآنَ يا وطني

ستبتكرُ القناديلُ النهارْ

وردٌ على شجرِ الخريفِ

نبوءةٌ في كلِ دارْ

مطرٌ بذاكرةِ الظما

قلقٌ براياتِ التتارْ

***

هذي بشاراتُ الوصولِ

تلمُ أشرعةَ الحدادْ

تمتصُ غربتَنا

وتخلعُ عن مواسمِنا السوادْ

فالماءُ في التنورِ فارَ

ومشهدُ الطوفانِ عادْ

والكأسُ فاضَ

و(طائرُ الفينيقِ) رفّ من الرمادْ

***

لجلالةِ الحُريةِ الحمراءِ

قرّبنا الضحايا

منها أضأنا كالندى

و بها اتقدنا كالشظايا

فيها عرفنا اللهَ

فانكسرتْ مخاوفُنا العرايا

حتى سفحنا بسمتينِ

بوجه أشباح ِ المنايا

***

يا وجهَنا الوثنيَ

لا تُبرقْ...فما عُدنا نخافْ

هلتْ يواقيتُ الخصوبةِ

بعدَ أزمنةِ الجفافْ

وتحررَ التحريرُ

واكتملتْ أناشيدُ القِطافْ

هذي الحصونُ (الخيبريةُ)

سوفَ يُسقطها الهتافْ

***

يا وجهَنا الوثنيَ

للبارودِ - مهما جُنّ - آخرْ

بالأمس قال البحرُ:

إن الموجَ - في الميدانِ - هادرْ

اسأله:

كيفَ تدفقَ الزلزالُ من غضبِ الحناجرْ؟!

ارحلْ لموتكَ مرتينِ

ولا تقفْ في وجه ثائرْ

***

لا تختبئ خلفَ المُسوحِ

فلنْ تُفيدَ الرهبنة

لا تغزُنا باسم المصاحفِ

يا سليلَ الشيطنة

يتوضأ الشهداءُ

من عرقِ الجباهِ المؤمنة!

يتساقطونَ

وحيثما سقطوا استهلتْ مئذنة!!

***

يا وجهَنا الوثنيَ

صبرُ الأرضِ جفّ...فلا مناصْ

الآن أوفى هُدهدُ الميلادِ

واقتربَ القصاصْ

ما نحنُ إلا فكرةٌ

طارتْ تُبشّرُ بالخلاصْ

حرّضْ علينا النارَ

فالأفكارُ يصقُلها الرصاصْ !


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة