Culture Magazine Thursday  21/04/2011 G Issue 338
ترجمات
الخميس 17 ,جمادى الاولى 1432   العدد  338
 
الإيكونوميست تحتفي بنجاح جائزة البوكر العربية..
(البوكر) تُحوِّل الرواية العربية إلى (رقصة للحرية)
حمد العيسى

إهداء خاص من المترجم إلى:

عبده خال ورجاء عالم.

نشرت مجلة الإيكونوميست اللندنية العريقة هذا التقرير الموجز عن جائزة البوكر العربية في 24 مارس 2011، وهو بقلم مراسلها في أبوظبي، ولم تذكر اسمه كعادتها في جميع تقاريرها. والكلمات التوضيحية التي بين (قوسين) هي للمترجم.

تأسست جائزة البوكر في بريطانيا عام 1968 باسم “جائزة بوكر- مكونيل”، وذلك تبعاً لاسم شركة “بوكر - مكونيل” التي أسستها، وتم لاحقاً اختصار الاسم؛ ليصبح “جائزة البوكر” أو ببساطة “البوكر”. وتعتبر شركة “بوكر - مكونيل” من أكبر شركات التجزئة البريطانية؛ حيث تملك سلسلة شهيرة من السوبر ماركت باسم “بودجنز”، وتواصل الشركة عملها التجاري حالياً باسم مجموعة بوكر. ومن ضمن مصالح الشركة العديدة والشهيرة احتكار صناعة السكر في مستعمرة غويانا البريطانية، مع استغلال بشع لعمال السكر من خلال نظام العمل بالسخرة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وفي ذروة ازدهارها سيطرت على 75 % من صناعة السكر في “غويانا البريطانية”، وكانت للشركة سطوة كبيرة بحيث راجت نكتة تشير إلى تلك الدولة ب “دولة بوكر”. وفي عام 1952 استلم جوك كامبل رئاسة مجلس إدارة الشركة، وهو المعروف بميول سياسية واجتماعية يسارية بسبب تأثره بفكر “الجمعية الفابية” الاشتراكية الإنجليزية التي تأسست في عام 1884 لنشر مبادئ الاشتراكية في بريطانيا بالوسائل السلمية. وقام كامبل بتحول دراماتيكي جذري في اتجاه الشركة؛ لتصبح ذات قوة دفع خيرية في المجتمع للتكفير عن ماضيها الاستعماري/ الاحتكاري البشع، وأصبحت الشركة تقدم فوائد ومزايا كبيرة للعاملين في مجال السكر. وهكذا أسست الشركة في عام 1968 جائزة البوكر، وذلك ضمن برنامجها في تحقيق المواطنة الصالحة للشركة والنفع العام للمجتمع. وفي عام 1992 تأسست البوكر الروسية في موسكو، وكذلك في عام 2007 تأسست البوكر الآسيوية في هونغ كونغ. ولم تسمح مؤسسة الجائزة بإعلان القائمة الطويلة المرشحة للجائزة إلا عام 2001. وكان المبلغ المخصص للجائزة في البداية 21,000 جنيه إسترليني (33.000 دولار)، وتمت زيادته لاحقاً؛ ليصبح 50.000 جنيه إسترليني (78.000 دولار). وتُمنح الجائزة الأصلية للروايات المكتوبة باللغة الإنجليزية من دول الكومنولث وإيرلندا وزيمبابوي. ويضمن الفائز بها شهرة عالمية ونجاحاً منقطع النظير؛ ولذلك أصبحت ذات سمعة وأهمية فائقة مهمة في صناعة النشر العالمية وتجارة بيع الكتب. وتطور صيت البوكر؛ ليصبح علامة جودة وتميز لا تضاهى للمؤلفين والمؤلفات المرشحين لها في القائمة الطويلة، ومن ثم بالطبع في القائمة القصيرة بغض النظر عن فوزهم بها.

وفي إبريل/ نيسان 2007 أُطلِقت الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) رسمياً في أبو ظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، وهي ثمرة تعاون وتنسيق بين “مؤسسة جائزة البوكر” البريطانية و”مؤسسة الإمارات”، و”معهد وايدنفيلد للحوار الاستراتيجي”، الذي كان يتوق إلى تطوير جائزة خاصة بالرواية العربية. وتم إنشاء لجنة من الاختصاصيين ورؤساء التحرير والصحفيين الأدبيين من أجل تقديم المشورة حول طريقة تنظيم الجائزة وتأليف مجلس أمنائها، الذي اختير أعضاؤه من العالمين العربي والأنغلوفوني، وهم مسؤولون عن إدارة الشؤون العامة للجائزة. وقد دعمت “مؤسسة الإمارات” هذه المبادرة منذ بداياتها معنوياً ومادياً على السواء. وهي تكافئ كلاً من الروايات الستّ التي تصل إلى القائمة النهائية بعشرة آلاف دولار أمريكي، إضافة إلى خمسين ألف دولار أمريكي للفائز.

انتهى تقديم المترجم، ويليه تقرير الإيكونوميست:

الرواية العربية.. رقصة الحرية

الكُتّاب العرب الذين اختيروا سابقاً للفوز بجوائز القذافي أو مبارك في الأدب يواجهون حالياً اختباراً محرجاً لضمائرهم، إضافة إلى الازدراء من أقرانهم؛ لأنهم التهموا ذلك الطُعم. ولكن للأمانة التي تُسجَّل لتاريخ بعضهم فقد رفض بعض الكُتّاب العرب تلك الجوائز بشجاعة. ولكن الآن الجائزة العالمية للرواية العربية IPAF (أي البوكر العربية Arabic Booker) تقدم أكاليل المجد للكُتّاب العرب بدون تأنيب ضمير. فالآن، وفي عامها الرابع، تُمنح “البوكر العربية” لأفضل رواية في السنة في تلك اللغة، وتعتبر - بحق - سباقاً نزيهاً مفتوحاً للجميع بدلاً مما كان يُعتبر في كثير من الأحيان مستنقعاً مريباً من رعاية الحكومات العربية للأدب الخاضع غالباً لعوامل “غير مهنية”.

فبواسطة مال مقدَّم من “مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي” في أبو ظبي وخبرة فنية من مؤسسة جائزة بوكر البريطانية، ومع تعهد بعدم التدخل “غير المهني” من المؤسستين ، أصبحت الجائزة العالمية للرواية العربية IPAF (البوكر العربية) أشهر جائزة أدبية في العالم العربي متفوقة بجدارة واستحقاق على جائزة الشيخ زايد للكتاب ذات الصبغة الاحتفالية التي اكتسبت سمعة سيئة العام الماضي عندما تم سحب جائزة مقدارها 200.000 دولار في فئة الأدب من الفائز بسبب الانتحال. وفي حفل إعلان الفائزين بالجائزة هذا العام في أبو ظبي يوم 14 مارس صفَّق الحضور بحماس شديد بعد كل مرة ذكرت فيها “الثورة العربية”، وهو ما فاجأ الراعين. ومع انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة مع السعودية للحد من الاحتجاجات الشعبية في البحرين أشاد رئيس لجنة التحكيم الشاعر العراقي فاضل عزاوي باللائحة القصيرة للجائزة التي انسجمت مع هتافات الحرية في الشوارع. وأضاف عزاوي: “الفيس بوك” كان مجرد وسيلة، ولكن الرسالة جاءت من آلاف الكُتّاب العرب الكادحين “لتحرير العرب من قيود الاستبداد”.

وتم تقسيم الجائزة التي تبلغ قيمتها 50,000 دولار بين روايتين فائزتين: الرواية الأولى هي “القوس والفراشة” لمحمد الأشعري من المغرب؛ حيث يُشَرِّح فيها مجتمعاً فاسداً يفشل في النهوض بشبابه، ويعلم أب أن ابنه مات عندما فَجَّرَ نفسه منتحراً بوصفه عضواً في تنظيم القاعدة. وبالنسبة للسيد الأشعري - وهو كاتب دخل السجن سابقاً، وأصبح لاحقاً وزيراً للثقافة - فإن الديمقراطية وحدها هي التي تستطيع هزيمة التطرف.

والرواية الفائزة الثانية هي “طوق الحمام” لرجاء عالم من المملكة العربية السعودية، وهي أول امرأة تفوز بالجائزة، وهي رواية جريئة ذات نَفَس صوفي، وتقدِّم بورتريه لمكة المكرمة التي تدمرها مافيا العقارات من أجل الهوس بالربح المادي.

ستُنشر رواية السيد الأشعري بالإنجليزية في العام المقبل. مؤسسة قطر/ بلومزبري للنشر، وهي مشروع قطري/ بريطاني مشترك في الدوحة رشحتها للقائمة القصيرة للجائزة. ونشرت الرواية الفائزة الأولى، وهي للمصري بهاء طاهر، وعنوانها “واحة الغروب” في بريطانيا بواسطة دار سبتر عام 2009. وسيتم نشر روايتين تاليتين باللغة الإنجليزية في عام 2012. ويقول الناشرون العرب إن الجائزة تشجع العرب على القراءة، ولكنهم ليسوا جميعاً منبهرين بالجائزة، فمثلاً: رواية السيدة رجاء عالم لا تزال رسمياً “غير متوافرة” في بلدها. أي على الأغلب لم يتم فسحها من قِبل الرقيب السعودي. ناشرها واثق بأنها ستُرفض من قِبل الرقابة. ولكن بالرغم من ذلك، القراء هناك يحصلون عليها من “تحت الطاولة” أو عبر الإنترنت، أو من معارض الكتب أو من الخارج. كما ارتفعت مبيعات رواية “ترمي بشرر” للسعودي عبده خال إلى السماء بعد فوزها بالجائزة العام الماضي. الرقيب فسح الرواية بعد فوزها، ولكن ناشره خالد المعالي (دار الجمل: ألمانيا/ بيروت) منع في العام التالي 2011 من المشاركة في معرض الكتاب في الرياض ذي الأهمية التجارية الفائقة؛ ما حفّز المؤلف إلى الدعوة لمقاطعة المعرض. الناشر والشاعر العراقي خالد المعالي (دار الجمل) الذي نشر “ترمي بشرر” يعتقد أنه تجري معاقبته بسبب مبيعات رواية السيد الخال الهائلة، ويقول: “إنهم يرون الكتب التي تتمتع بشعبية ويعتقدون أنها بالضرورة هدامة!!!”.

إذا كانت الجوائز تسبب زيادة الرقابة فليس جميع الناشرين فزعين من ذلك؛ فالناشر بسام كردي (المركز الثقافي العربي: بيروت/ الدار البيضاء) الذي نشر الروايتين الفائزتين لهذا العام متأكد أنه إذا حظرت رواية السيدة عالم في السعودية فإنها ستجد الطريق للقراء هناك لأنه “حتى أولئك الذين يقومون بالرقابة ليسوا مقتنعين بها، وهم يريدون غالبا فتح الأبواب”. ولكن إذا بقيت تلك الأبواب مغلقة فهذا أمر يرجع للسياسة وليس للجوائز ومدى انتشار تسونامي الثورة العربية.

hamad.aleisa@gmail.com المغرب

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة