Culture Magazine Thursday  21/04/2011 G Issue 338
ذاكرة
الخميس 17 ,جمادى الاولى 1432   العدد  338
 
في الذكرى الخامسة لرحيل الماغوط
حسام شحادة

ولد الماغوط عام 1934م، في بلدة (السلمية) بالقرب من حمص.. درس في الثانوية الزراعية لكنه هجر المدرسة وتسرب منها، ولشدة فقر أسرته، دلف إلى العاصمة دمشق، وفي خضم الصراع السياسي الذي عصف بالمنطقة إبان عهد الاستقلال، انضم إلى الحزب القومي السوري... وبعد اغتيال عدنان المالكي في 22 نيسان/ابريل1955م، حدث التحول الكبير في حياة الماغوط حيث لوحق كباقي أفراد الحزب القومي واعتقل.

خلف القضبان بدأت حياة الماغوط الأدبية الحقيقية تتشكل، حيث تعرف أثناء سجنه على الشاعر علي أحمد أسبر “أدونيس” الذي كان في الزنزانة المجاورة وبدأ كلاهما بالكتابة على أوراق التبغ ليهربا أولى قصائدهما إلى خارج السجن.... وفي أواخر الخمسينات، فر الماغوط إلى بيروت هرباً من الملاحقة، وهناك انضمّ بمساعدة أدونيس، إلى جماعة مجلة “شعر” حيث تعرف على الشاعر يوسف الخال، وفي بيروت أيضاً تعرف الماغوط على الشاعر بدر شاكر السياب، ونشأت بين الاثنين، صداقة حميمة حيث كان السياب صديق “التسكّع” على أرصفة بيروت.

في 3نيسان/ يناير عام 2006م، رحل الأديب السوري محمد الماغوط عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع طويل مع المرض... ودفن على تخوم الصحراء في مسقط رأسه السلمية.

الماغوط ابن حياة لا سقف لها.. فكر بخيانة وطنه.. وكتب كإنسان جريح ثم .. رحل دون أن يمتهن الفرح.

قبل نصف قرن، اقتحم عالم الشعر بطريقة متحررة من كل قيود اللغة، حيث كان يميل لقصيدة النثر أكثر من القصيدة الموزونة، وحول ذلك يقول: أستطيع أن أكتب قصيدة موزونة خلال يومين وتكون أجمل من قصائد البحتري...وعند الماغوط: “أغنية زياد الرحباتي وفيروز (كيفك إنت)، أهم من كل شعر البحتري”، ومن أهم أعماله الشعرية: “غرفة بملايين الجدران” (دار مجلة شعر - بيروت 1960)، “الفرح ليس مهنتي” (منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1970). كما كتب الماغوط مجموعة نصوص (سياف الزهور) نشرت العام 2001، وكتاب “سأخون وطني” وهي عبارة عن مجموعة مقالات نشرت عام 1987، وأعادت دار المدى طباعتها عام 2001....

كما كتب للمسرح والسينما وكانت باكورة أعماله، أفلام ومسرحيات بالتعاون مع الفنان دريد لحام، وهذه الاعمال لا تزال تسكن في وجدان السوريين. منها فيلم “الحدود” و”التقرير”، ومسرحية “غربة” و “ضيعة تشرين” و”كاسك يا وطن” إضافة إلى أعمال تلفزيونية منها “وادي المسك” و”حكايا الليل”.

كان الماغوط يعرّف عن نفسه: (اسمي محمد الماغوط) أو (العصفور الأحدب) ووطني غرفة بملايين الجدران، الفرح ليس مهنتي، وكان متمرداً وعنيدا، ساخراً حتى من السخرية، متصالحا مع نفسه، محب للحرية، كما كان رائدا من رواد المسرح العربي الحديث، وهو صاحب أكبر تجربة في مجال”الكوميديا السوداء”.

سر الماغوط هو سر الموهبة الفطرية. لقد عثر على كنوز الشعر في طين الحياة... جعل من تجربته في السجن تجربة وجودية. وصاغ من قسوة البؤس والحرمان جماليات شعرية، وآلية دفاع شعري عن الحياة في وجه ما يجعلها عبئاً على الأحياء. وهو اليوم في غيابه، قد يكون، أقل موتاً منا، وأكثر منا حياة.

- دمشق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة