Culture Magazine Thursday  24/11/2011 G Issue 353
فضاءات
الخميس 28 ,ذو الحجة 1432   العدد  353
 
تحولات امرأة نهرية
نصوص تقودنا إليها الفراشات - أسئلة في (تقليدية القصة القصيرة جدا ) (2)
ليلى إبراهيم الأحيدب

القصة القصيرة جدا ليست طفرة جينية طارئة، هي شكل موجود عند أغلب من يكتبون القصة بنفس حديث، تجدها في قصص جار الله الحميد، وسعد الدوسري، وعبد العزيز الصقعبي، وجبير المليحان وغيرهم. إذاً ما الذي حدث وجعلها تتجلى وكأنها فن للتو يصعد عتبته الأولى مع جيل الألفية الثانية من الكتاب الجدد - جديد مرحلياً وليس عمرياً؟!!

هل أضافوا جديداً لما سبق طرحه؟

هل جربوا قمصانا أشد شفافية؟

هل حلقوا بالنص بستمائة جناح؟

هل -وهو الأهم- اعتمدوا على تجربة سردية عميقة يمكن الركون إلى فضاءاتها لتقديم شيء مختلف؟ أم أنهم كتبوا من فضاء يفضي إلى فضاء؟!

وجود هذه التجربة السردية مهم في تكوين رؤية متجاوزة لما سبق طرحه، لا يستطيع الكاتب أن يكسر قالبا لم يشارك في صنعه، ولا يمكن لكاتب قصة قصيرة جدا أن يزعم أنه قادر على صياغة خطاباتها المتجاوزة.. وهو لم يجاوز نصه القصير. عندما كتب قاسم حداد قصيدة النثر كان يبحث عن قميص جديد للكتابة، آمن بوجود الشعرية في النثر، وبحث عن نوافذ تقوده إليها الفراشات لا القوالب الجامدة، ومعلوم سلفا أن قاسم حداد كتب الشطرية والتفعيلة قبلا.. وما يزال يقدم أشكالاً جديدة في الكتابة، وما يقال عن قصيدة النثر يقال عن القصة القصيرة جدا، فهل خرج الكتاب إلى فضاء القصة القصيرة جدا.. لأنهم جربوا القصة القصيرة واستنفدوا أدواتهم فيها وأحبوا أن يتبعوا فراشات النص؟

هل فشلوا في كتابة نص طويل بلا عثرات؟

والأهم من هذا كله كيف يتعاطون مع الكتابة؟

هل يتعاطون معها كقيد أم كمفاتيح لسموات لا سياج لها!

هل يحضر شيطان العدد ويذكرهم بالحد الأقصى!

هل يتبدى لهم شيطان المفارقة ويذكرهم بأن عليهم أن يصدموا القارئ!

أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة الفراشات إلى حقل القصة القصيرة جداً، الفراشات التي تكسر القوالب المستطيلة وتحط على الدائرة، وكثير..كثير من القصص القصيرة جدا التي أقرأها نصوص مستطيلة بزوايا حادة، ليس فيها حداثة في التقنيات السردية، ولا في اللغة، ولا في الفكرة. نصوص مرتهنة للتقليدية السردية، نصوص مسيجة ومقيدة كمستطيل. نقرأها فنشعر بخواء اللغة.. واللغة في ظني هي المفتاح. كيف يمكننا أن نقرأ نصا قصصياً قصيراً ما يزال يستخدم نفس التقاطعات التقليدية بين المفردات؛ بمعنى أن الكاتب يكتب نصه معتمدا على اللغة السائدة والمتداولة، فاللغة عنده لا تصعد نحو تقاطعات جديدة.. ولا تحفر عميقاً لتطرح معنى جديداً، وكي لا أكون حدية في طرحي أقر بوجود نصوص متجاوزة على المستوى المحلي، نصوص تشتغل على التجريب في السرد القصصي القصير جدا، التجريب في شكل القصة وفي لغتها وفي أخيلتها، تقرأ النص فتندهش من الفضاءات التي يقدمها النص، وتعرف يقينا أن كاتبها أتى من تجربة سردية أصيلة وعميقة، ليست طارئة ولا مؤقتة.

ولكن كثيراً من موج القصة القصيرة جدا بلا صوت، ولا لون، ولا رائحة، موج طارئ يفتقر للأصالة، والخطيئة هنا ليست معلقة بعنق القصة القصيرة جدا، بل بأولئك الذين يصفقون لنصوص هشة وتقليدية، أولئك الذين يبيعون الوهم بنقد مستطيل لا يرى إلا زوايا أربعاً للكتابة، وللأسف، فهذا الوهم تتغذى عليه كثير من الأسماء الطارئة على المشهد، لكن قميص الكتابة بريء من دم النصوص الضعيفة والركيكة والتقليدية التي تظهر لتقول لنا هذا شكل جديد في الكتابة!

يقول عبدالله المتقي عن ال «ق ق ج» إنها (طفلة مخنثة ما تزال تحبو).. وهي كذلك عند أؤلئك الذين ما يزالون يكتبون القصة اعتمادا على مؤشر عدد الكلمات في أعلى الصفحة!

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة