Culture Magazine Thursday  24/11/2011 G Issue 353
فضاءات
الخميس 28 ,ذو الحجة 1432   العدد  353
 
هل الجوائز تكفير عن أعمال أصحابها؟
محمد عبدالرزاق القشعمي

لنبدأ بجائزة نوبل الشهيرة عالمياً التي بدأت تمنح منذ عام 1901م، أي بعد وفاته بخمس سنوات؛ إذ كان هو مخترع الديناميت الذي فتك بالبشر بالرغم مما قيل عنه إنه ترك وصيته وبها تنديد بالحروب التي قال عنها «إنها أفظع الفظائع وأكبر الجرائم»، وإنه كان يؤمن بأن عائدات الديناميت والمتفجرات التي اخترعها يجب أن تذهب للأعمال التي تخدم السلام.

ولهذا أوصى بمنح الجائزة للذين قدموا في العام السابق لوفاته خدمات للإنسانية، دون الإشارة إلى جنسية مستحقها، بل إلى مدى استحقاق الفرد ذاته، وهي تشمل: الطبيعيات، والكيمياء، والفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء)، والطب، والأدب، والسلام.

وهي - في اعتقادي - أقدم الجوائز العالمية، وفي العقود الأخيرة كثرت وتعددت هذه الجوائز التشجيعية، وفي مجالات متعددة، منها الرسمية الخاصة بالدولة نفسها ومنها الخاصة أو الممنوحة من قِبل الأفراد، التي هي ما نقصده، وبخاصة في محيطنا الضيق، فهل القصد منها الشهرة أم التكفير عن عمل مسيء ارتُكب في حق البشرية كما سبق؟

فقد ظهرت على سبيل المثال جوائز يعلنها رجال أعمال سبق أن أثروا على حساب صحة الإنسان كالشاعر والأديب عبدالعزيز البابطين، الذي نذكر حانوته الصغير غرب (البطحاء) بالرياض بداية شارع الخزان قبل نحو نصف قرن وهو وكيل دخان (مارلبورو)، والآن وقبل نحو عشرين سنة نجده يقدم الجوائز الأدبية، ويحيى أسماء شعرية لامعة، ويقدم في مجال اللغة والأدب ما لم تقدمه دولة أو دول عدة، ومثله سلطان العويس الذي سبقه بجائزته الأدبية على مستوى الإبداع العربي، وهو - كما سمعت - قد كوَّن ثروته في أثناء الحماية البريطانية للخليج العربي من تهريب الذهب بمراكب وزوارق أُعدت لهذا الغرض، ولا نبخس هذا الرجل في وطنيته وفيما قدمه للحركة الوطنية التي قاومت الاستعمار البريطاني في الخليج والجنوب؛ فقد سمعتُ أنه كان يهرِّب لهم الأسلحة..

كتبتُ هذا الموضوع وفي ذهني ما يتركه الدخان من أثر صحي سيئ على متعاطيه.. مثله مثل المشروبات الغازية والطاقة ووكلائها في المملكة، هل نجدهم غداً يتبرؤون من عملهم ويخصصون جزءاً مما ربحوه لجوائز سنوية، أو يُخصَّص جزء منها على الأقل لمعالجة المرضى والمتضررين من هذه المشروبات ولو على الأقل ما يخفف من سِمْنتهم؟.. وليتهم يسمعون ما تنادي به منظمة الصحة العالمية؛ فهي تحذِّر وتنذر من الزيادة المفرطة للسعرات الحرارية في هذه المشروبات.

Abo-yarob.kashami@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة