Culture Magazine Thursday  27/01/2011 G Issue 331
فضاءات
الخميس 22 ,صفر 1432   العدد  331
 
تقريباً
الفنان المعاصر وفصّا دماغه
ضياء يوسف

هل ننتهي في الفن المعاصر اليوم إلى أن يتصالح فصي الدماغ؟. إذا كانت المدارس الفنية في قيمها هي في الأساس الفسيولوجي تغليب لأحد الفصين على الآخر هل نجد وقتاً اليوم لندرك بعداً جديداً يتصالح فيه الفصين؟ قلنا سابقاً أن التقريب بين فنون الطفل والفن المعاصر هو تدليل على فطرة الفن المعاصر. وأن كان ولابد لنا من التحدث عن فصي الدماغ وما يمكن أن يتطور من خلال هذا في الفن المعاصر، فعلينا أن نقول إن الطفل هو الوحيد الذي في لعبه وعبثه وأنشطته يتساوى لديه العمل بين فصي الدماغ.. بالطبع هذا لا يحدد كم المعرفة أو الإدراك الذي يتحرك من خلاله الطفل إنما يقول عن التطبيق الإبداعي الذي يحرك بشكل خلاق كلا فصي الدماغ.

في التلقي يعد الاستمتاع أحد أكثر اللحظات الإنسانية توازناً إذ هو ينجم عن توازن تلقي الإمتاع في فصي الدماغ. النصف الأيسر يختص بوظائف الكلمات «اللغة» والأعداد، التسلسل، التحليل، الإيقاع، المنطق والنظام بينما النصف الأيمن يختص بوظائف الموسيقي، والألوان، الفراغ، التخيل، الأحلام، الإبداع، الفوضى.. والمدارس الفنية منذ دخلت عصر حداثويتها وهي تنتقل بتطرف في ترجيح أحد الفصين على الآخر. في التجريدية التعبيرية مثلاً ترجح الكفة لصالح الفص الأيمن «الحس والانفعال والفوضى» بينما المفاهيمية ترجح الأيسر بتطرف شديد يهمش كلياً الأيمن انتصاراً للصرامة والمنطق.

اليوم نجد أن ثمة توازناً ما صار يحدث في مجمل الحركة الفنية التي تأخذ في الاعتبار هذا التوازن الفني وأن بغير استهداف لهذا التوازن. يستطيع الفن المعاصر اليوم بانفتاحه على الثيمات «الصورية» العالمية لمختلف الثقافات في العالم المشحونة بأبعاد تاريخية متعددة.. يستطيع وبصورة متجددة تسليط الضوء على محاولته تأسيس منطقة وسطية تحيل الجمالي إلى المعرفة وتكرس للانضباط من خلال الإبداع والخيال وتجعل من الفلسفة خضوع كامل لقدرة الخيال على تحريك الرمز. قد لا يكون اينشتاين فناناً حين اخضع الخيال لنظرياته الفيزيائية لكنه استخدم فصي الدماغ بنجاح. بينما ليوناردو استخدم علومه ودراساته وفلسفاته الخاصة في إنتاج أجود أعماله الفنية. وفي سياق الفن المعاصر.. في قدرته الترميزية خصوصاً.. يظهر التركيب في أعلى حالات الانضباط الفلسفية والتي هي في خضوع كامل للخيال الإبداعي الخاص بالفنان.. نجد أمثلة رائعة في هذا السياق من الفنون الإيرانية والشرق آسيوية حيث تمثل الصورة بإيقاعها جمالية فنية مردوفة كليا بقدرة الفلسفة على تحقيق المعنى.

من هذا يمكننا الاهتمام بدراسة بند جديد من بنود تشجيع العمل المعاصر وهو الجمالية المؤسسة على مفاهيمية ذكية ومدركة.. البند الذي يقول: كلما بات الفنان أكثر تواصلاً مع فصي دماغه كان منتجه أكثر جدة وأولى بالاهتمام.

www.sedrh.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة