Culture Magazine Thursday  31/03/2011 G Issue 337
فضاءات
الخميس 26 ,ربيع الآخر 1432   العدد  337
 
مداخلات لغوية
الدراسات اللسانية في السعودية
أبو أوس إبراهيم الشمسان

أتحفني بكتاب رائد أخي الدكتور نعمان عبدالحميد بوقرّة، أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب في جامعة الملك سعود، ويقع كتاب (الدراسات اللسانية في المملكة العربية السعودية: دراسة وصفية تأصيلية في ضوء التلقي العربي للمناهج اللسانية الحديثة) في 213 صفحة من القطع الصغير، وصدر عن دار عالم الكتب الحديث في إربد عام 2011م، ويزوي العنوان ميدان الدراسة وهي المملكة العربية السعودية، ومنهج الدراسة وهو المنهج الوصفي، وهذا أمر واقعي منتظر في الأعمال الرائدة، والإطار لهذه الدراسة وهو التلقي العربي للمناهج اللسانية الحديثة. تكتسب هذه الدراسة أهميتها من خبرة صاحبها وعمق معرفته بالمناهج اللسانية الحديثة؛ ولذلك أحسن تشخيص الموقف العربي السوداوي المحكوم بهاجس الخوف من القادم من وراء البحار، حين أدت المواجهة بين الفكر اللغوي القديم والفكر اللساني المعاصر إلى اضطراب الحكم على التراث العربي بغير مقاييسه، وفي التراث ما يمكن أن يؤخذ وما يجب أن يطرح. يقول المؤلف «فظهرت طائفتان أولاهما تؤثر السلام بتحصنها داخل قلعة التراث اللغوي، (وآخرتهما) رأى في التمسك بمناهج النظر اللسانية الغربية وُلوجها إلى عالم الحداثة الفكرية، غير أن هذه الفئة بالذات سقطت في هوة معرفية سحيقة، وهي منذ زمن تحاول الخروج عبثًا إذ كلما اعتقدت في نفسها استكمال آليات التفكير اللساني المحدث ظهرت آليات وأطروحات جديدة؛ إنها حيرة منهجية وفكرية ميزت المشتغلين بالعلم اللغوي من العرب؛ فتباينت رؤاهم ومذاهبهم وتعددت اصطلاحاتهم وتشعبت، مما أفقدنا في أحيان كثيرة الشعور بجدوى اللسانيات وجذوة البحث فيه» ص25.

جعل المؤلف بعد المقدمة والمدخل كتابه في فصلين، الأول «الكتابة اللسانية الحديثة في الوطن العربي، واقع وآفاق»، والفصل الثاني «الدراسات اللسانية في المملكة العربية السعودية، حصيلة وآفاق»، بدأ في الفصل الأول بإبراهيم أنيس الذي درس العربية درسًا لسانيًّا حاول فيه تقويم آراء القدماء، وعرض لجهوده في درس اللهجات، وقريب منه كمال بشر الذي اتجه إلى لسانيات التراث المؤصل للنظريات اللسانية والكشف عن جذورها، ويرى المؤلف أن النية اتجهت عند بعضهم إلى قولبة الفكر اللغوي العربي وجعله في اتجاه لساني حديث مجردًا من خصوصيته ولذا أسقطت عيوب النحو الغربي عليه كما عند عبدالرحمن أيوب المتهم للنحو العربي بتأثره بالمنطق الأرسطي وتبعيته للنحو الإغريقي. وعرض المؤلف لأهم تجربة مشرقية عند تمام حسان، وفيها محاولة توفيقية ناقدة لمنهجي النحاة العرب القدماء واللسانيين المعاصرين البنيويين بخاصة، وكان يهدف إلى تأسيس نظرية نحوية عربية حديثة. وسعى نهاد موسى إلى عقد موازنة بين أنماط من الدراسة العربية والغربية. أما عبدالرحمن الحاج صالح فسعى إلى الكتابة بمنحى تجديدي في ضوء ما اكتشفه من رؤى ثاقبة للنحاة العرب وصفها بالمنطقية، وبيّن المؤلف وفاء صالح للنحو وأنه غير منتصر لنزعة لسانية معينة، وعرض المؤلف لأهم المحاولات الجريئة في لسانيات العربية كما تظهر عند أحمد المتوكل وأنصار الوظيفية المعتمدة على علاقة المتكلم بالمستمع حيث يكون النحو وصفًا وتفسيرًا للكفاءة التواصلية بكفاياتها الثلاث التداولية والنفسية والنمطية، ومن المحاولات الشهيرة ما أسسه الفاسي الفهري وتلامذته المتلمسون المنهج التوليدي الذي حاولوا تطبيق آلياته لإعادة وصف العربية.

جعل المؤلف الفصل الثاني في جملة مباحث، المبحث الأول هو «الكتابة اللغوية العامة ومكانتها في الكتابة اللسانية في المملكة» بيّن فيه المنحى التعليمي التبسيطي لقضايا اللغة والنحو، ومثل لذلك بأعمالي. أما المبحث الثاني فهو «الكتابة اللغوية العربية السعودية واللسانية العامة» عرض فيه لأعمال حمزة بن قبلان المزيني «الذي تعد بحوثه اللغوية نموذجًا لتلاقي الرؤية التراثية في دراسة اللغة ومناهج النظر اللسانية الحديثة في المملكة العربية السعودية» ص99. أما المبحث الثالث فهو عن «الكتابة اللسانية الصوتية» ومثل لهذا بكتاب (الصوتيات العربية) لمنصور بن محمد الغامدي، ودراسة محمد حسن باكلا حول «ابن جني عالم الصوتيات»، وأشار إلى جملة من الدراسات لكلنتن، وعبدالرحمن عارف، وسعد الغريبي، وأحمد بهكلي. أما المبحث الرابع فهو عن «الكتابة اللسانية والدراسات الصرفية (المورفولوجية)» أشار فيه إلى كتابات الشهري والقحطاني والسحيمي. أما المبحث الخامس فهو «الكتابة اللسانية والدراسات المعجمية» أشار فيه إلى أعمال القنيعير والعويشق والحربي والمجيول والثبيتي. أما المبحث السادس فهو عن «الكتابة اللسانية والدراسات الدلالية»، أشار فيه إلى أعمال أبانمي والعبيدان والطلحي. أما المبحث السابع فهو «الكتابة اللسانية التطبيقية»، أشار فيه إلى أعمال الصديق والصيني والعقيلي والقبلان والزغيبي. أما المبحث الثامن فهو «الكتابة اللسانية في المملكة واللسانيات الاجتماعية والأنثربولية»، أشار فيه إلى أعمال فالح بن شبيب العجمي، وإلى دراسة عيدة العمري.

وما فعله المؤلف جهد مشكور قمين بالتوسيع والاستقصاء لغياب جهود بحثية مختلفة يحتاج جمعها والنظر فيها إلى فريق عمل منظم. والكتاب جدير بالقراءة، فأنعم بنعمان أن أنعم النظر في جهود الباحثين في بلادنا العزيزة.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة