الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 20th November,2006 العدد : 177

الأثنين 29 ,شوال 1427

عين نجم عمران وسياحة
عبد الله بن أحمد الشباط

في عام 1421هـ أصدر المهندس خالد بن أحمد بن داود المغلوث كراساً بعنوان (عين نجم بالأحساء، عمران مكان سياحة استشفاء)، صدره بقوله: لقد اشتهرت منطقة الأحساء بكونها واحة زراعية كبيرة تعتمد في سقي بساتينها ونخيلها على العيون والينابيع الجارية، حيث بلغ عدد تلك العيون 336 عيناً. كما أشار إلى ذلك حافظ هبة الذي سجل أن منطقة الأحساء مشهورة بينابيعها الكثيرة وعيونها العديدة الحارة. أما خير الدين الزركلي فقد ذكرها بقوله: أغنى بلاد المملكة بالماء (الأحساء) حيث تجري مياه عيونها على وجه الأرض. وقد ذكر المؤلف أن عيون وينابع المياه في الأحساء من المعالم الرئيسة التي اشتهر بعضها كمعلم سياحي وتاريخي. ومن أشهر تلك العيون (عين نجم) التي عرفت بهذا الاسم إثر إشاعة أنها انبثقت نتيجة لسقوط نيزك كما ذكر عبدالله فيلبي، والأقرب إلى الصواب أنها منسوبة إلى أحد قادة بني خالد واسمه نجم بن عبيدالله الخالدي الذي كان أميراً لحج بني خالد عام 1117هـ وكذلك حجاج الشرق من الهند والسند وإيران القادمون عن طريق البحر عبر ميناء العقير، ولذلك نسبت هذه العين إلى نجم المذكور كما لا يزال ينسب إليه بعض المعالم الأثرية مثل دروازة نجم، ومسجد نجم.
أما موقع العين فقد قال عنه المؤلف: أنه على بعد 2كم غرب مدينة المبرز من جبل (بوغنمة) عند حصاة أوحيد قريباً من سهل محاسن.
وقد أورد المؤلف مقتطفات مما ورد في كتب الرحالة والمؤرخين عن هذه العين التي أتيحت لهم بزيارتها (أمين الريحاني) (تاريخ نجد) أيوب صبري باشا (مرآة جزيرة العرب) الذي ذكر لمحة موجزة عن العيون المعدنية بالأحساء عامة وعين نجم خاصة بقوله: وفي الهفوف وعلى بعد ساعة (يلاحظ أن هذه المسافة الزمنية سيراً على الأقدام) نبع عين نجم ذو المياه العذبة الساخنة ويمكن أن يكون هذا النبع هو أشهر ينابيع منطقة الحسا كلها من هذه الناحية وقد استخدمه الأهالي بديلاً عن الحمامات العامة.. ومن الأشياء الشائعة بين الناس أن الكثير من الأمراض والعلل المستعصية قد شفيت بإذن الله بدوام الاستحمام في هذه البئر لما فيها من مواد كيميائية مناسبة لمثل هذه الحالات) كما ورد لها وصف في كتاب (دليل الخليج) ج. ج. لوريمر كذلك تونيتشل في كتابه عن المملكة العريبة السعودية: أن عين نجم عين معدنية دائمة السخونة.
وتحت عنوان: (عين نجم في ذاكرة التاريخ) ذكر عدة محطات تاريخية كان لعين نجم دور مهم فيها:
1- إنها كانت ملتقى حجاج الشرق عام 1117هـ، عندما كان نجم بن عبيدالله بن غرير الخالدي أميراً للحج وهذا ما أشار المؤلف له في صفحة11
2- بايع أهالي أهالي الأحساء للإمام سعود بن عبدالعزيز سنة 1212هـ عند عين نجم.
3- في عام 1277هـ نزل ساحتها الإمام تركي بن عبدالله لأخذ بيعة أهل الأحساء.
4- في عام 1308هـ نزل بها الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود للالتقاء بتمصرف الأحساء عاكف باشا.
5- في عام 1331هـ وهو العام الذي دانت فيه الأحساء لحكم الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، كانت محطة من محطات الاتصال بالأهالي.
وقد تحدث المؤلف عن أعمار عين نجم على مدار تاريخها الذي يرجع إلى عام 1115هـ كما ذكر ذلك سليمان الدخيل في كتابه (تحفة الالباء).
وهذا يؤيد ما سبقت الإشارة إليه بأن نجم بن عبيدالله أول من أتخذها ملتقى لحجاج الشرق، فيكون هو الذي بدأ عمارتها واتخاذها محطة لتلك القوافل وقد أدخلت بعض التحسينات والزيادات في العقد التركي إلا أن الرحالة (تشيزمان) الذي كان موجوداً في الأحساء عام 1925م وصف ما آلت إليه عمارتها من الخراب وسوء حالة المبنى وما يحتويه وقد أعيدت عمارتها وبناء الحمام البخاري على جرفها تحت القبة الكبيرة في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وقد شملت تلك العمارة العديد من التحسينات بإضافة غرفتين مساحة كل واحدة 3?3م تقريباً، فعادت إلى تلك العين شهرتها فلا تزال تجتذب الرواد من الأهالي ومن زوار الأحساء، ومن زوارها الأستاذ الصحفي عبدالله عريف - رحمه الله- رئيس تحرير جريدة البلاد السعودية الذي كتب عن عيون الأحساء عام 1371هـ ومما قال عن عين نجم:
عين معدنية ذات ماء كبريتي شديد الحرارة يقول الأطباء عنها أنها ضد كثير من الأمراض ومنها الروماتيزم، وقد استشفى بها صاحب الجلالة الملك قبل سنوات.
وقد حظيت عين نجم بالعديد من المشاريع التي تؤهلها لتصبح معلماً سياحياً، فعلاوة على ما طرأ على مبنى عين نجم الأثري فقد قامت الهيئة الملكية لمشروع الجبيل وينبع ببناء مسبحين كبيرين بجوار المبنى القديم إلى جانب اتخاذ جبل أبو غنيمة المجاور للعين موقعاً لخزانات المياه المحلاة الواصلة إلى الأحساء وبقيق.
ومن المشاريع التي أقيمت في منطقة نجم: المنتزه العام، ومنتزه البلدية، ومشتل البلدية، ساحة الاحتفالات، والسوق المركزي للخضار واللحوم، ومبنى البلدية، ومبنى معارض الغرفة التجارية الصناعية بالأحساء، ومستشفى الولادة والأطفال.
وقد أورد المؤلف بعض القصائد التي تغنى بها بعض شعراء الأحساء قديماً وحديثاً ومن الشعراء المعاصرين الشاعر محمد بن عبدالله بن سلطان الملحم -رحمه الله- الذي قال من قصيدة طويلة:
تلكم العين في الدنى عين نجم
وبها طابق المقام مقالا
إذ بنى ذلك البناء عليها
(نجم دين) فتم فيها الكمالا
وتجلت في كل مصر وعصر
آية الفن في الدنى لن تزالا
منظر يسلب العقول وراه
ما له في الدنى نظر مثالا
يا جمال القباب ما كنت عمري
أي حين أحسن منك ملالا
كم شدا منشد بجوفك لحناً
وعليه صداك أضفى جمالا
وقد عبّر الأستاذ الشاعر سعد بن عبدالرحمن البراهيم، أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بالأحساء سابقاً قصيدة عن عين نجم في عام 1404هـ بعنوان (عين نجم والصدى المرجع)، نقتطف منها هذه الأبيات:
وصدى به صوت الزمان يرجع
وهو به قلب المحب مفجع
ومساحة ركضت لها عشاقها
لا تل جاري والمدى لا يقطع
يا عين نجم أنت همس تراثنا
وحديث ماض في الحسا يتسمع
المنتدى والري والمشفى الذي
جمعت به ما يستلذ وينفع
اسياحها في كل عرق دفقة
ينبوعه ذاك المعين الأنجع
النجم يغتبق الزلال بذا الدجى
والشمس تصطبح إذ تطلع
الظاعنون توقفوا برحابها
وتفيأوا تلك الظلال وربعوا
كل الوفود تقاطرت تبقى الشفاء
كم في مغانيها يطيب موجع
ومن الشعراء الذين ذكروا عين نجم في شعرهم الشاعر الأستاذ صلاح بن عبدالله بن هندي في هذه الأبيات:
هو نجم السماء على بلادي
يقبل خدها شوقاً ووجدا
فمن لين تجذر في أديم
كمثل الزبد بل أبهى وأندى
فكانت (عين نجم) مثل خال
توسط خد أرضي واستبدا
فجاء العاشقون لها عطاشى
ومرضى قد شكوا هماً وسهدا
بإذن الله تبرى سقم جسم
وتغسل واهنا فيعودو جلدا
ويأتي عندها المرفود يبكي
فتوقفه على الرجلين فردا
بها الأحساء قد كملت جمالاً
ونالت في الدنا عزاً ومجدا
وفي الواقع أن المهندس خالد بن أحمد بن داود المغلوث قد وفق في طرح هذا الموضوع والإشارة إلى عين نجم كمعلم سياحي وأثر تاريخي يستحق الاهتمام والعناية، وهذا ما جعلني أتطلع إلى أن يقوم المهندس خالد بعمل دراسة موسعة شاملة النواحي التاريخية والجغرافية والأدبية.
والمهندس خالد من مواليد الأحساء عام 1374هـ، بكالوريوس هندسة ميدانية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ثم ماجستير في التخطيط الحضاري من جامعة الملك فيصل وهو عضو في العديد من اللجان الهندسية والجمعيات التاريخية والأثرية إلى جانب عضويته في مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالأحساء (1405هـ - 1418هـ).
وله من المؤلفات:
1- دور الملك عبدالعزيز في التنمية العمرانية وتطوير المدن (تم نشرها أسبوعياً في جريدة اليوم خلال 19 حلقة احتفاء بالمئوية).
2- شاعر الخليج النبطي - حمد العبداللطيف المغلوث - حياته وشعره.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved