Culture Magazine Thursday  01/03/2012 G Issue 365
فضاءات
الخميس 8 ,ربيع الآخر 1433   العدد  365
 
رؤية
ظهرك ظهيرك لو الزمن أغراك! (2-2)
فالح العجمي

 

بعد أن استعرضنا في المقالة السابقة موقع الظهر من حياة الإنسان، ومن الثقافة العربية قديماً وحديثاً، كما تناولنا بعض أسباب تلك المنغصات؛ نتناول هنا ما أشرت إليه قبلاً من أمور غريبة نتجت عن دراسات مسحية في بعض الجامعات الأمريكية والأوربية، وأيضاً المفاجأة التي لم أكن أتوقعها قبل أن أتحرى عن الموضوع للكتابة، وكذلك دعوة عامة إلى القراء والمهتمين بالموضوع بعد الوقفتين.

الوقفة الأولى مع نتائج الدراسات الأكاديمية التي توصلت إلى وجود علاقة مباشرة بين آلام الظهر والراحة في مكان العمل؛ فكلما كان المرء غير راضٍ عن مكان عمله، زاد احتمال إصابته بآلام الظهر. وأوصت بعض الدراسات بأن على الأطباء مراعاة هذا العامل؛ فالفقرة المعطوبة لا يمكن إصلاحها، لكن ذلك ليس ضرورياً بعد أن توصل بعض خبراء الظهر المحدثين إلى المعادلة التالية: من يقوي عضلاته وروحه الإيجابية، يستطيع أن يتغلب على آلام الظهر في مدى منظور.

الوقفة الثانية مع المفاجأة التي عقدت لساني، وتتعلق بتوقعات مستقبلية في دراسات جامعة يينا؛ مفادها أن نهاية العقد الميلادي الحالي ستشهد ظهور أمراض جديدة في الظهر، بسبب سلوك الإنسان في عصر منجزات ستيف جوبز، التي ألزمته بتحريك عضلات محددة بشكل دائم. وأكاد أجزم بتأييد تلك النظرة المستقبلية التشاؤمية – حتى وإن كنت شخصاً متفائلاً حسب رأي زميلي أبي أوس – لأني أرى فعلاً استهلاكاً في نشاطات أطراف الأصابع بشكل دائم لدى أفراد أسرتي وتركيزاً شديداً على بقعة مكانية صغيرة بظهور محدودبة أو منحنية؛ لا بد أن تؤدي إلى إرهاق يومي لتلك العضلات، وتيبساً في العظام، مع نقص في الأوكسجين، وتوترات نفسية، حتى وإن بدوا بحالة سعادة واندماج في ممارساتهم التواصلية. هذا كله يضاف إلى نقص في الروح الإيجابية، التي أسهبت الدراسات العلمية المختصة في الحديث عن أهميتها في طرد أعراض أمراض الظهر النفسية (نعم أمراضه النفسية)؛ حيث لا تظهر على المصاب بها أي أعراض بيولوجية، لكنه يعاني حسياً، ويشعر بموضع المرض في ظهره.

أما الدعوة العامة الموجهة إلى القراء والمهتمين بالموضوع، فتتلخص في جانبين؛ الأول يتعلق بتوعية ومطالبات جادة للجهات المعنية (من مؤسسات عامة وخاصة) بشؤون الصحة والتربية، بأن يعنوا بخطورة هذه القضية على مستقبل الناس والوطن، وأهميتها في التخطيط الاقتصادي، والتكوين الثقافي الذي تتوارثه الأجيال. ويكون ذلك في كل من التشريعات المرتبطة بالأطفال في المدارس، وما تكون عليه الأوزان التي عليهم أن يحملوها فوق ظهورهم في كل يوم جيئة وذهاباً. كما يكون في الاهتمام بالرياضة التي تقوي عضلاتهم، وتنشئهم تنشئة صحية. ولا يقل عن ذلك شأناً تثقيف الناس بضرورة الاهتمام بالجلسات وطرق حمل الأشياء بطريقة سليمة، سواء في جهات العمل التي تتطلب جهوداً عضلية، أو في المنازل، حيث تكون أغلب الإصابات، وجذور المشكلات المزمنة.

والجانب الثاني من الدعوة خاص برغبة في إنشاء اتحاد أو جمعية أهلية؛ تعنى بمثل هذه القضايا الصحية - الاجتماعية - الثقافية. وربما انتهى الأمر إلى تبني مركز يتخصص في شؤون «الظهر» المختلفة؛ وهي بالمناسبة متعددة، حيث يُحتاج إلى كل من أخصائيي العلاج الطبيعي، والأخصائيين النفسيين، وجراحي الحوادث، وأخصائيي التشريح، وأخصائيي الأشعة، والمتخصصين في علم الأمراض، وفي الأحياء التطورية، وفي الإصابات الرياضية، بالإضافة إلى أخصائيين اجتماعيين وذوي إلمام بالثقافة المحلية السائدة. فكل من يجد في نفسه الرغبة للإفادة أو الاستفادة من مثل ذلك الكيان مدعو لتسجيل اهتمامه من خلال البريد الالكتروني المدون أدناه؛ فربما ينتج عن ذلك عمل متميز وبنّاء.

Anz_ruh@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة