Culture Magazine Thursday  01/03/2012 G Issue 365
فضاءات
الخميس 8 ,ربيع الآخر 1433   العدد  365
 
البيوت
الزواج السعودي
لمياء السويلم

 

كثير من الأسئلة التي تخص بيوتنا لم تطرح في مجتمعنا بعد، ورغم أن الجميع يكرر أسطوانة العائلة والبيت أساس المجتمع، إلا أن الجميع يتجنب طرح الأسئلة الصعبة ولأسباب مختلفة، نتحدث عن حقوق المرأة في الطلاق قبل أن نتحدث عن حقوق المرأة والرجل في طرق الزواج واختيار الشريك، نؤمن أن خروج الشريكين بإحسان من مؤسسة الزواج هو وعي وحالة تمدن مطلوبة، لكننا بالمقابل لم نستطع بعد أن نطرح وبثقة عن الحق الكامل للرجل والمرأة في الزواج بدون كنف القبيلة أو العائلة وحتى الأبوين، لم نطالب بعد بأن تخطو أقدام الزوجين فقط لا غير إلى المحكمة لعقد قران قانوني وشرعي في مؤسسة رسمية، بدل أن تسدل الستائر على بيوت تشهد عقد قران فتاة تبصم على أهم عقود حياتها من خلف جدار لا تُرى فيه ولا تُسأل.

نتحدث جميعاً عن حق الرجل والمرأة في التواصل قبل الزواج من خلال خطبة رسمية وعلى علم من أهلها وأهله، لكننا لا نثور على هذه الخطبة التي لم تقم إلا على قانون العرض والطلب، نتجاهل أن هذه الخطب الشرعية لا تبدأ إلا من خلال مواصفات مناطقية وطبقية أو قبلية بإمتياز، لازالت عقود الزواج لدينا تقوم على خطوات أبوية، فالعائلة هي من تختار العائلة الأخرى التي تريد أن يتصل بها نسبها، تماماً كما لو كان الزواج تحقيقاً أو مبحثاً تاريخياً في أصول الأعراق.

الزواج لدينا عقد لا يخص اثنين بل جماعتين، عقد لا يتبارك الا بمباركة الجماعة فقط، فنحن اليوم لا نعرف بعد معنى الزواج كمؤسسة مدنية لا تعني أحداً قط إلا الزوج والزوجة، لا زالت معادلته مختلة تماماً ومنقلبة على نفسها، لا يزال صالون اجتماع العائلة النسائي أو الرجالي الذي ينعقد كل عام مرة واحدة فقط، لازال يحق له تأسيس الزواج في مجتمعنا أكثر من مئة لقاء بين الفتى والفتاة على مدار أيامهم وأعمارهم!

الحديث عن العنوسة بين الذكور والإناث وتعداد حالات الطلاق لم ولن يكون هو التناول الصحيح لمفهوم الزواج، ذلك لأننا لا نزال نعتقد أن هذا العقد المقدس هو من أشغال التربويين، فالأب الحاني والأم المتفهمة يتكرران عند الحديث في هذه المسائل، بينما في الحقيقة علينا أن نعترف أن الأب والأم ليس لهما أي حق ولا عليهما أي واجب في مؤسسة الزواج، علينا أن نعترف أن الزواج هو مفهوم العلاقة بين الرجل والمرأة الراشدين قبل أن تتحول إلى خطبة ومن ثم إلى عقد رسمي، هذه العلاقة شأن شخصي لكل من طرفيها كفرد مستقل بنفسه وحياته مسؤول عن اختياراته ومحاسب عليها.

الزواج هو إعلان رسمي تدخل فيه العلاقة بين اثنين إلى مؤسسة العائلة، المؤسسة التي تحتمل أن يصبح فيها الرجل أباً والمرأة أماً، ولن تتحقق هذه العائلة وأحد أفرادها رجلاً او امرأة كالفتى والفتاة لا يزال في كنف عائلة أولى، لا يزال على عهد مؤسسة سابقة عالقاً بأحكامها وشروطها مضطراً في الخضوع لسلطتها، الزواج الذي لا يخرج من فردين بل من عائلتين ليس مؤسسة مدنية أبداً، بل نسباً تاريخياً تقليدياً مثقلاً بإحمال القبيلة والجماعة والشروط العصبية للأبوات، الأبوية التي لا تعيش إلا من خلال هذه الزيجات المجدولة مسبقاً في هواجس الأب والأم معاً، الزيجات المجدولة التي تمتلئ خانتها بكل شيء إلا من اختيار الشريكين لبعضهما ولا يملأها أي مواعيد سابقة للحب والتعارف الشخصي، هذه الجداول المسبقة الترتيب ليست زواجاً مدنياً بل زيجة تاريخية مظلمة وناشزة على واقع العالم الإنساني اليوم.

lamia.swm@gmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة