Culture Magazine Thursday  03/05/2012 G Issue 372
فضاءات
الخميس 12 ,جمادى الآخر 1433   العدد  372
 
لائحة مُعدّلة في نهاية العام
د. لمياء باعشن

 

ما إن اعتمد معالي وزير الثقافة والاعلام اللائحة الأساسية للأندية الأدبية حتى قام بتشكيل لجنة مصغرة لتعديل بعض من ورد عليها من ملاحظات إدارية ومالية صادرة من قبل مجالس إدارات الأندية آنذاك. ثم وجّه معاليه بالعمل باللائحة المعدلة خلال شهر من اعتمادها في مارس 2011. بعدها وجّه سعادة وكيل الوزارة ناصر الحجيلان الشكر لمن وضع اللائحة، وقال للمثقفين: إن الوزارة اعتمدت اللائحة وطبقتها وصولاً إلى نظام مرن يخدم الجميع، لكنه دعاهم إلى «تقييم التجربة وتزويد الوكالة بالملاحظات والمقترحات التي تسدد الأخطاء وتتلافى بها السلبيات وتعالج الثغرات».

هل انتبه أحد منا حين ذاك أننا كنا سنبدأ مرحلة تجريبية وتقييمية للائحة؟؟ أنا شخصياً ظننت أن الأمر قد حُسم، وأننا ملزمون بمواد اللائحة لفترة إدارة كاملة، وأن اللائحة المعتمدة بعد سلسلة من المراجعات والتعديلات ستكون، بكل أخطائها وعثراتها، هي المرجع والمحرك والضابط للأندية الأدبية لأربع سنوات قادمة. كان علينا جميعاً مسايرة التجربة الجديدة وقبولها على علاتها في مرحلتها الأولى.

وظهر تعثر اللائحة من أول خطوة في تطبيقها، وقد صرح سعادة الوكيل في أول رد فعل رسمي له بخصوص الانتخابات بأن الثغرات في اللائحة قد ظهرت خلال انتخابات أول نادٍ وهو أدبي مكة. ثم توالت تصريحات سعادة الوكيل بعد كل انتخاب كاشفة عن مواضع الخلل، حتى توقفت مسيرة الانتخابات في محطتها الأخيرة عند نادي الطائف، فأعاد سعادته تبيان الأخطاء والثغرات، ثم قال بصريح العبارة: «سننتقل إلى مرحلة التقويم والدراسة لهذه التجربة».

هل نستطيع أن نعتبر أن مرحلة الانتخابات هي المقصودة بالتجربة والتقييم بما أنها انتهت واكتملت عناصرها بشكل يسمح بالنظر إليها في كليتها؟ وهل يعني هذا أن المرحلة التالية، ألا وهي تطبيق بنود اللائحة الإدارية والمالية، ليست مشمولة بالتقييم والتجريب؟ طبعاً لا، فقد توالت تصريحات سعادة الوكيل بوجود الثغرات والأخطاء بعد الانتخابات وعند كل منعطف، وكلما انهالت الاعتراضات والشكاوى على باب الوكالة، يعترف سعادته أن التطبيق الميداني للائحة كشف الكثير من الثغرات فيها، ثم يعدنا المرة تلو الأخرى بنيته رصدها وتصحيحها. كلما ارتفعت وتيرة الخلافات والنزاعات يتضح أن المشاكل كلها سببها بنود اللائحة، يطمئننا سعادة الوكيل أنه يرصد الثغرات ثم يعدنا بسدها قريباً.

الآن ما هي الطريقة التي اتبعتها الوكالة في عملية السد تلك؟ الواضح من التصريحات أن هناك طريقتين أساسيتين:

أولاً: الانتباه والمتابعة للمشاكل الناجمة عن مرحلة الانتخابات أو عن مرحلة تطبيق بنود اللائحة عملياً، وهذه الطريقة تعتمد على تلقي الشكاوى والتدخل مباشرة لحل المشاكل بالحسنى.

وثانياً: الاستفادة مما كتب وقيل من آراء ومقترحات لمعالجة ما وجده المثقفون والكتاب من مآخذ على اللائحة.

الطريقتان سليمتان ولا غبار عليهما، لكن ما سينتج عنهما هو الذي قد يشكل اعتراضاً.

وما نتج عنهما فجأة وبدون مقدمات هو التصريح الأخير لسعادة الوكيل خلال فعاليات ملتقى نادي مكة حيث تكشفت الثغرات لأول مرة، فمن المعتاد أن يصرح سعادته عن الثغرات ويعد بسدها، لكنه هذه المرة وضع جدولاً زمنياً حدد به خروج اللائحة الجديدة: فبعد مراجعات شاملة لاستدراك الثغرات، ستنتهي الوزارة من تعديلها بحلول نهاية العام الجاري، أي بعد ستة أشهر من الآن. هل حسم الأمر مرة ثانية؟

فكرة تعديل اللائحة، وهي التي يراها الكثير من المثقفين «عائمة» ويجدها أحمد السيد عطيف «جائحة»، لا شك أنها فكرة مستحسنة ومرغوبة، لكن لا بد أن تتقافز الأسئلة تباعاً أمام خطوات التعديل وتوقيتها. هل من المعقول أن الطرق المستخدمة في تقييم تجربة مثل هذه هي التي ستستند إليها الوزارة في تحديد مصير الأندية الأدبية؟ متابعة ورصدا؟ لا نقاشات ولا استطلاعات رأي ولا حتى جس نبض؟؟ من هم الذين يقومون بالمراجعة والموازنة بين الآراء والمقترحات التي جمعتها الوزارة وتابعتها بحرص؟ لماذا نترك هكذا في المجهول دون أن نعرف مثلاً إن كانت هناك لجان تعمل مع الوزارة أم لا؟ وإن كانت هناك لجان، لماذا تبقى سرية؟ وما الذي سيجري بعد الانتهاء الموعود؟ هل ستتوقف الإدارات الحالية ونبدأ مرحلة انتخابات أخرى، أم سنكمل مشوارنا مع هذه الإدارات لنهاية مدتها في وجود لائحة جديدة؟؟

إذاً نحن لا نعرف استراتيجية العمل ولا آلياته ولا هوية العاملين على تغيير وتعديل لائحة الأندية الأدبية، كما أننا لا ندري إن كانت ستخرج على هيئة نرتضيها أم أننا سنتصارع حولها مرة أخرى ساعين إلى لجان مصغرة تتولى تعديلها مرات ومرات؟ ثم إننا قد نفهم تقييم تجربة الانتخابات باعتبارها منتهية، لكن تطبيق بنود اللائحة ما زال في طور التكوّن، فالمجالس تخطو خطواتها الأولى ولم تتطرق إلى معظم بنود اللائحة لن كتشف الثغرات التي يعجز بُعد نظرنا عن تقديرها قبل وقوعنا فيها.

تحتاج اللائحة إلى دراسة معمقة ووقفات جادة لضبطها وتحقيق التوازن بين بنودها بشكل دقيق، فلا بد أن يعرف من يضعها مثلاً أن ميزانية النادي لا بد أن تتناسب مع أوجه الصرف فيه، ولا بد من أن تتحقق في بنود اللائحة التنفيذية تلك السلطة العليا التي تمنحها للجمعية العمومية. ووضع الجمعية العمومية كله بحاجة لمراجعة وبحث من أجل تمكينها وتنظيم علاقات أفرادها بعضهم ببعض، حتى يتسنى لها القيام بمهامها نظامياً.

تحتاج اللائحة أكثر ما تحتاج إلى تحديد الخطوط الفاصلة بين استقلالية الأندية الأدبية وبين مرجعية الوزارة وسلطة الوزير، وهي مسألة شائكة تتضرر منها الوزارة قبل المثقفين، فإما أن تكون للوزارة صلاحيات للتدخل وفض النزاعات وتهدئة الأوضاع وتقبل الشكاوى ومحاسبة التجاوزات، وإما أن ينضج المثقف ويدرك أبعاد استقلاليته ويثبت قدرته على تحمل تبعات المسئولية. لكن الدور المناط حالياً بالوزارة ليس دوراً تنسيقياً بأي حال من الأحوال، وهي لا تستطيع أن تتفرج من بعيد على صراعات ومهاترات تجر بها إلى المحاكم، ثم تبتسم للأعضاء قائلة: لا دخل لنا بكم، لديكم مجلس إدارة ونحن نقدم لكم التسهيلات والإجراءات... فقط !!

أمثلة متعددة تفتقر إلى التوافق والمنطقية، ومن الضروري أن نعرف إن كانت ستعدل بالشكل المطلوب. وهذا ليس تشكيكاً بقدرات الوكالة ومنسوبيها، لكننا نطالب بأن نعرف ما الذي جرى وما الذي يجري في شأن اللائحة خوفاً من أن نفاجأ بعد ستة أشهر باعتمادها في صيغتها المعدلة ثم الزامنا بتطبيقها.

يؤكد لنا سعادة الوكيل أن الانتهاء من كافة التعديلات على اللائحة سيكون مع نهاية العام الحالي، لنفرح نحن بما يعللنا به. تعديل اللائحة لو تم في موعده أمر ليس سهلاً ويستحق الفرح والشكر لمجهودات الوكالة، لكن الانتهاء في زمنه المفاجئ لا يتناسب مع روح الديموقراطية التي استجلبت النظام الانتخابي ومنحت العضويات. نحن نريد معلومات صريحة عمّا يدور في مطابخ الوزارة بشأن اللائحة وإجراءات تعديلها، ولن نكتفي بموعد مرتقب.

جدة Lamiabaeshen@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة