Culture Magazine Thursday  05/01/2012 G Issue 359
فضاءات
الخميس 11 ,صفر 1433   العدد  359
 
السالم معزول
محمد عبدالرزاق القشعمي

 

هذا مثل عربي متداول تذكرته والطبيب يطلب عزلي للاشتباه بإصابتي بمرض إنفلونزا الخنازير (H1N1) الحديث، وذلك خلال إجازة عيد الأضحى، فجاء الطبيب الصديق فيصل القصيمي الذي بدأت معه منذ سبع سنوات لمتابعة حالتي الصحية المزمنة كالتهاب رئوي (الربو).. يهدأ عند التعامل معه بحذر ويثور في أحيان أخر وبالذات بداية الخريف. جاء الطبيب من منزله من أجلي فقد أصبحت أجرأ عليه وأتصل به في منزله فيطلب مني الإسراع إلى الإسعاف بمستشفى الملك خالد الجامعي، فإذا وجد حالتي تستدعي التنويم أمر بذلك وهكذا.. بعد يوم وإثر اطلاعه على نتائج المختبر والتحاليل وجد أن هناك احتمالاً للإصابة بعدوى إنفلونزا الخنازير فطمأنني بأنه أصيب به من قبل ولديه مناعة، وهذا يتطلب عزلي عن بقية المرضى بغرف خاصة معزولة كسجن لا يخرج منه المريض إلا بإذن الطبيب وحتى الأكل يقدم بطريقة تختلف وحتى الممرض والطبيب الزائر لا يدخل عليك إلا وهو مكمم وبقفاز ومطهر يديه عند الدخول والخروج.

أصابني الخوف بالرغم من أن النتائج النهائية لم تتضح إذ ستتطلب عدة أيام. حاولت استئذان الممرضة بالسماح لي بالمشي في الممر الطويل أمام أقسام التنويم فرفضت؛ إذ يمكنني التمشي في الممر القصير الواقع أمام غرف العزل الثلاث والذي لا يتجاوز الأمتار العشرة؛ فتذكرت أستاذي عبدالكريم الجهيمان عندما عزل قبل نصف قرن عندما كتب في جريدة (أخبار الظهران) مقالاً بعنوان (لا تخوف ولا أوهام) بقلم مستعار (م- البصير) يطالب بتعليم المرأة (نصفنا الآخر) فأوقف وأوقفت جريدته فيقول: إنه أوقف معزولاً لمدة 21 يوماً بغرفة لا تتجاوز مساحتها 5x5 أمتار فأصبح يذرعها مشياً مئات المرات صباحاً ومساءً حتى لا (يتعوقل). تذكرت أيضاً المثل السائر عنوان هذا المقال والذي ذكره الأستاذ القدير عابد خزندار في تقديمه لكتابي (سادن الأساطير والأمثال.. عبدالكريم الجهيمان) بمناسبة تكريمه في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) عام 1421هـ 2000م، إذ كتب تحت عنوان (رجل يحب وطنه) يقول بما معناه أنه كان معه معزولاً في غرفة منفردة في السجن بالرياض عام 1385هـ - 1965م فدخل (مطوع جون فلبي) سعد بن حجرف يبحث عن أحد معارفه وعندما رآنا معزولين وكان يعرف الجهيمان سلم وقال: لا إله إلا الله.. السالم معزول.. فتذكر الجهيمان المثل إذ كان وقتها يجمع الأمثال تمهيداً لإصدار موسوعته التي بلغت عشرة مجلدات بعشرة الآف مثل مشروح - فأخرج من جيبه ريالاً ليعطيه للحجرف الذي رفضه بدوره فأصر الجهيمان بأنه قد نذر على نفسه بإعطاء ريال لكل من يدله على مثل ليس لديه، وبعد أن طبع الأجزاء الثلاثة من موسوعته أعلن بأن من يأتيه بعشرة أمثال سيهديه الأجزاء الثلاثة.

أعود إلى جون فلبي ومطوعه، فالمعروف أن جون لم يُسْلم إلاَ بعد ضم الحجاز إلى سلطنة نجد وبالتحديد عام 1349هـ، وبعد إسلامه تسمى بعبدالله فخصص له السلطان عبدالعزيز هذا المرشد الديني ليفقهه ويرشده إلى الأمور الدينية التي قد تخفى عليه وقيل إنه أشرف على ختانه (تطهيره) وبعد أيام قال له فلبي أنا أفهم منك بالدين وواجباته ولهذا اذهب واستلم مكافآتك من المالية وكأنك معي. هذا ما سمعته من أستاذي الجهيمان رحمه الله، والخزندار متعه الله بالصحة والعافية،،،

الرياض Abo-yarob.kashami@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة